غزة ـ محمد حبيب
وصف الأسير المبعد إلى قطاع غزة أيمن الشراونة، وهو يرقد على سرير العلاج، قرار إبعاده من قبل الاحتلال لمدة عشر سنوات بـ"الجريمة"، لكنه قال إنه "لم يكن له أمل بالبقاء على قيد الحياة سوى هذا الحل"، فيما أفادت وزارة الصحة في غزة، أن "حالة الشراونة مستقرة لكنه يعاني من آلام عدة في البطن وارتجاع مريئي واستفراغ شديد".
وأضاف الشراونة في تصريحات للصحافيين، بدا خلالها ضعيفًا ويعاني من آلام عدة، "قرار الإبعاد جريمة، لكن ما كان لي أمل غير هذا الحل، فمن دونه كنت سأترك حتى الموت، أو أن أبعد إلى قطاع غزة، لكنني أبعدت من عند أهلي في الضفة الغربية، إلى أهلي في غزة". وتحدث الشراونة الذي أمضى 250 يومًا في الإضراب بصوت يئن بالمرض، وقال إن "جهاز (الشاباك) الإسرائيلي وضع في بداية التفاوض معه شروطًا مجحفة قام برفضها مقابل إطلاق سراحه، منها منعه من السفر خارج غزة خلال الإبعاد، ومحاكمته حال عودته بعد العشر سنوات إذا ما قام بأي نشاط، وإبقاء ملف قضيته مفتوحًا، وبعد الرفض عُدلّت الشروط، بإغلاق ملف القضية بالكامل، مع السماح له بحرية السفر من غزة". ووصل الشراونة الذي خاض الإضراب الطويل عن الطعام، في ساعة متأخرة من ليل الأحد إلى قطاع غزة، بعد الاتفاق مع إسرائيل، وأدخل على الفور إلى مستشفى الشفاء. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، في بيان لها، أن "حالة الشراونة مستقرة، وأنه لا يزال يرقد تحت الرعاية في مجمع الشفاء الطبي، وأنه بين أن الأسير المبعد يعاني من آلام متعددة في البطن وارتجاع مريئي واستفراغ شديد، يشير إلى مشاكل في الجزء العلوي من الجهاز الهضمي ويعاني من قرحة في المعدة، إضافة إلى إمساك شديد بسبب الإضراب"، مشيرة إلى أن الأسير منع من قضاء حاجته لخمسين يومًا مما فاقم وضعه الصحي، وحيث يعاني من قصور في الرؤية تصل إلى ما يزيد عن 85 في المائة. وقد أضرب الشراونة وهو من سكان مدينة الخليل في الضفة الغربية، عند الطعام منذ أشهر مطالبًا بإطلاق سراحه، وأخيرًا تردى وضعه الصحي، وقال محامون إنه معرض للموت في أي لحظة، وشرع هذا الأسير بالإضراب عن الطعام، بعد أن أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله حيث كان قد خرج من المعتقل ضمن صفة تبادل الأسرى التي رعتها مصر بين "حماس" وإسرائيل، وهي ما تُعرف بـ"صفقة شليط" في تشرين الأول/أكتوبر 2011، لكن قوات الاحتلال أعادت اعتقاله وطلبت بعودة الحكم السابق بحقه (28 عامًا)، وهو الأمر الذي دفعه لخوض الإضراب. وقامت قوات الاحتلال، ضمن حملتها ضد هذا الأسير، فجر الإثنين، باعتقال شقيقه جهاد الشراونة، وذلك بعد ساعات فقط من وصول أيمن إلى قطاع غزة، حيث قالت العائلة إن قوة عسكرية داهمت منزل جهاد وحطمت مدخل المنزل، وقامت بالدخول إلى غرفة نومه، قبل تكبيله واقتياده إلى الاعتقال، وأن جنود الاحتلال ومخابراته قاموا بتفتيش المنزل ومصادر أجهزة الهاتف والحاسوب الخاص به، ونقلته إلى جهة مجهولة، وأن عملية الاعتقال تأتي في إطار ردود الأفعال الإسرائيلية الغاضبة بعد إحراز نجلها أيمن انتصارًا في معركة الإضراب، وأن سلطات الاحتلال لا تزال تعتقل نجل شقيق أيمن الأسير إسماعيل الشراونة، حيث لا يزال في زنازين التحقيق في سجن عسقلان. ونظمت رابطة "الأسرى المحررين" معرض " أرواح لا صور" الخاص بالأسرى الفلسطينيين داخل السجون الصهيونية على أرض الشليهات في غزة، حيث افتتحه رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية، بحضور عدد من الشخصيات والرموز الوطنية وممثلي الفصائل والأحزاب الفلسطينية وبمشاركة عدد كبير من الأسرى المحررين، كان على رأسهم الأسير المحرر أحمد الفليت، أحد القائمين على المعرض. وافتتح المعرض الأحد 3 آذار/مارس الجاري واستمر حتى الإثنين 11 منه، وأظهرت الإحصاءات أن عدد الزائرين للمعرض قد بلغ العشرة ألاف زائر، تمثل بزيارة مؤسسات حكومية وغير حكومية وشخصيات وأفراد، إضافة إلى زيارة بعض الوفود الدولية ذكر منها وفدًا فرنسيًا والذي بدوره تقدم بطلب رسمي لاستضافة المعرض في باريس، وأيضًا وفدًا سويديًا هو الآخر تقدم بالطلب نفسه. وضم معرض "أرواح لا صور" 144 صورة لأسرى فلسطينيين وهم داخل السجون الصهيونية، حيث هربت هذه الصور لتصل إلى عالمنا ولتجسد حياة الأسرى اليومية، بالإضافة إلى بعض المقاطع والفيديوهات للأسرى داخل السجن, كالإضراب عن الطعام وخروج الأسرى من زنازين العزل الانفرادي التي هي أشبه بالقبور، بالإضافة أيضًا إلى حياة الأسرى اليومية وجلسات التعليم المدرسية والجامعية وعدد من رسائلهم إلى ذويهم، حيث كشفت تلك التسجيلات النقاب للمرة الأولى عن وجه الاحتلال الحقيقي في معاملته للأسرى وممارسته أبشع الأدوار والأعمال الإجرامية من تعذيب واقتحامات لغرف الأسرى واغتيال بعضهم كالأسير محمد الأشقر في العام 2011م، الذي استشهد بعد نزيف دام طويلاً من دون أن يحرك مشاعر الجنود الذين شاركوا باقتحام السجن . وأكد الأسير المحرر أحمد الفليت، أحد وأبرز القائمين على المعرض لـ"العرب اليوم"، أن "فكرة المعرض بدأت منذ 5 أشهر، وأنه جمع (10) ألاف صورة وما يقرب من (200) مقطع فيديو، تم التقاطها بالأجهزة الخلوية "الجوالات " التي كانت تهرب للأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وأن تنظيم وتنسيق وتنفيذ هذا المعرض جاء بمشاركة أسرى محررين، أصروا أن يشاركوا إخوانهم الأسرى، ووفاءًا لرفاقهم الذين لا يزالون يقبعون خلف القضبان"، مشيرًا إلى أن "هذا المعرض جاء لإيصال رسالة إلى العالم الخارجي لضرورة التركيز على قضية الأسرى، وجاء أيضًا وفاءًا لأسرانا البواسل لدعمهم وإيصال رسالتهم للعالم، وتكذيب الإعلام الصهيوني الذي يروج للعالم أنهم يعاملون الأسرى الفلسطينين باحترام وإنسانية". وأوضح الفليت أنه سيتم انطلاق معرض "ارواح لا صور 2" ابتداءًا من تاريخ 17/4/2013، وأنه تم وضع التجهيزات كافة وسيركز هذا المعرض على إبداعات الأسرى داخل السجون، مطالبًا بالوقت نفسه وسائل الإعلام كافة، بالتركيز على قضية الأسرى وإبراز المعرض لفضح جرائم الاحتلال . ويعرض "أرواح لا صور" تلك المشاهد والصور لحياة أولئك الأسرى خلف قضبان الاحتلال، وذلك حينما شاهدنا بعض المجسمات لتلك الزنازين الحقيرة والتي تعرف بغرف "العزل الانفرادي"، وفيها يشبح الأسير معصوم العينين، تلك المجسمات التي تعكس حال الآلاف من الأرواح داخل سجون الاحتلال، وضمت صالة المعرض 144 صورة ترى خلالها أحداث الأسرى اليومية، وتسطر أروع حكايات التحدي والصمود، ومن بين تلك الصور شاهدنا صورة من الطيور والعصافير قد وجدت لنفسها مسكنًا داخل تلك السجون، لتصبح جيرانًا لأسرانا الأحرار الذين لم يبخلوا بفتات خبزهم على تلك الطيور التي استطاعت أن تهزم السجان وتحلق حرة بالمكان. كما احتوى المعرض على صورة عميدة الأسيرات لينا الجربوني، إضافة إلى صورة الأسير عبدالله البرغوثي وحسن سلامة وأحمد سعدات، وما إن لبثنا حتى اختطفت أنظارنا صورة الشهيد الأسير عرفات جرادات، ليقع في قلوبنا الحزن والأسى على مصير باقي الأسرى. جدير بالذكر أن السجون الصهيونية المحاطة بالأسلاك والأشواك، والمجهزة بأحدث الأجهزة وأدوات الحجز والمراقبة، تحتوي على 4660 أسيرًا فلسطينيًا، موزعين في 17 سجنًا ومعسكرًا ، بينهم 3822 أسيرًا من الضفة الغربية، و449 أسيرًا من قطاع غزة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر