موسكو - حسن عمارة
اتُهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب جرائم عدة في السنوات السبع التي قضاها على رأس السلطة الروسية، لكنه يواجه الآن الادعاء الأعنف، حيث اعترف أصدقاء المليونير المستغل جنسيا للأطفال بالدفع لفتيات أيتام عمرهن 13 عاما لممارسة الجنس، وسط مزاعم بالإعداد للجريمة الجنسية بواسطة الكرملن. واتهم رجل الأعمال الأميركي الروسي أندرو موغيليانسكي الذي ورد اسمه في "أوراق بنما" كعميل لموساك فونسيكا بإدارة شبكة دعارة للقاصرات، واعترف بكونه مذنبًا في 4 تهم تتعلق بالسياحة الجنسية عام 2008، وأفاد أصدقاء موغليانسكي لجريدة "ديلي ميل" أنه تم الإبقاع به بواسطة بوتين بعد اتهامه للزعيم الحديدي بالقتل المتعمد لـ 130 رهينة عام 2002.
وانكشفت قصة موغليانسكي الأب لطفلتين بعد إطلاق أوراق بنما والتي كشفت الأسرار المالية لقادة العالم في إخفاء ثروتهم. وكان بوتين بين المتهمين باستغلال الثغرات الضريبية لإخفاء ثروته، وجاء اسم موغيليانسكي (45 عاما) بين أسماء رؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزرات والمُدان بالاستغلال الجنسي للأطفال حيث يملك شركة للإستيراد والتصدير في فيلاديلفيا. واستخدم رجل الأعمال شركة مرتبطة بموساك فونسيكا في جزر "فيرجن" البريطانية لإقامة مشروع "آيفيكس" العالمي عام 1995 والذي باع كل شيء بداية من السمك وحتى معدات مكافحة الحرائق والسيارات المستعملة. وكان فونسيكا على علم بإدانته، حيث اقتربت السلطات في جزر فيرجن البريطانية من فونسيكا لإجراء فحص خلفي وكتب موظفو فونسيكا "نعم هو مُدان بالاستغلال الجنسي"، وأشارت وثائق محكمة أميركية أنه افترس فتاتين أعمارهما 13 و14 عاما تم جلبهما من دار أيتام استجابة لرغباته الجنسية المنحرفة ثم عرض الفتيات على شبكة دعارة للربح من استغلالهما، وبيّن ممثلو الادعاء أن لديهم أدلة على استخدامه الأنترنت لجني الأرباح من الاستغلال الجنسي لهؤلاء الضحايا.
وبعد احتجاز موغليانسكي في الحبس الانفرادي في انتظار محاكمته وافق على الاعتراف بكونه مذنبا بشأن السياحة الجنسية وأنه انخرط في سلوك جنسي غير مشروع في أماكن خارجية، ولم تتم محاكمته على تورطه في شبكة دعارة بعد موافقته على الصفقة، وتم سجنه لمدة 6 سنوات ووافق على تسوية دعوة قضائية مدنية تقدمت بها الفتيات مقابل 8 مليون دولار، وكتب رجل الأعمال قبل إصدار الحكم إلى القاضي يعترف بخداعه لزوجته مع البغايا في زيارته إلى روسيا، لكنه أصر أنه لم يكن على علم بعمرهن عندما عُرضن عليه، مضيفا " عندما عرضت علي الفتيات كن في العشرينات وعندما قدمت لي الفتيات اللاتي بدون أصغر من 18 عاما وهم ثلاث فتيات لم أفكر في الأمر، وكنت أعرف أن سن الرشد في روسيا أقل من 18 عاما ولم أكن أعتقد أنني أنتهك القانون الأميركي".
وكتبت إحدى الفتيات في بيان للضحايا "بعد هذا الاغتصاب كنت أتألم كثيرا وبدأت أخاف من الرجال وشعرت أن كل ما يريدونه هو الجنس معي"، وولد موغيليانسكي في روسيا لكنه انتقل إلى الولايات المتحدة مع والده عندما كان مراهقا وتخرج من جامعة كولومبيا وحصل على شهادة في الرياضيات، وجمع أكثر من مليون دولار لمساعدة ضحايا الهجمات الإرهابية في موسكو ثم أعلن رأيه في بوتين واتهمه بالقتل العمد ل 130 رهينة من الأبرياء أثناء حصار مسرح دوبروفكا عام 2002 وساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي في التحقيق في الواقعة، وزعم موغليانسكي أن بوتين أعطى أوامر بضخ الغاز من خلال نظام التهوية في المسرح خلال الحصار الذي استمر يومين ونصف على الرغم من علمه بأنه سيسمم على الأقل 15% من إجمالي 850 رهينة بريئة في الداخل.
وتعاون موغليانسكي مع المنشق أليكس غولدفارب الصديق المقرب لجاسوس KGB السابق ألكسندر ليتفينينكو الذي توفي من التسمم بمادة البولونيوم في بريطانيا عام 2006 وعدو بوتين بوريس بيريزوفسكي الذي عثر عليه ميتا في المرحاض الخاص به في بريطانيا عام 2013، وزعم غولدفارب المقيم في نيويورك في كتابه الذي ألفه مع أرملة ليتفينينكو أنه تم الإيقاع بموغليانسكي بواسطة القائد الروسي بوتين، وألقي القبض على موغليانسكي في منزله في بنسلفانيا عام 2008 واتهم بالاعتداء على فتيات في رحلته إلى روسيا عام 2003 ثم نقلهن إلى أحد بيوت الدعارة التي ساهم في تمويلها، وأمضى موغليانسكي 6 سنوات في السجن وأفرج عنه منذ 5 أشهر إلا أن اسمه وصورته ستبقى في السجل القومي الأميركي لمرتكبي الجرائم الجنسية لمدة 15 عام.
وادعى غولدفارب وأصدقاء آخرون أن موغليانسكي وافق على الصفقة لأنه يخشى الإدانة وتمضية بقية حياته في السجن، وذكر غولدفارب الذي يدير حاليا مؤسسة بيريزوفسكي العالمية من أجل الحريات المدنية " يشبه الأمر الكوميديا السوداء، إنها حالة خطيرة لممارسة الجنس مع القصَّر واتجار منظم بالبشر، أخبرت أندرو أن يحضر الشهود هنا إذا كان بريئا فالأدلة لن تصمد في المحكمة لكنه قال أن محاميه أبلغوه بعقد الصفقة، لقد أدين بممارسة الجنس مع القصر والسلطات لم تفحص أي شخص في المحكمة، وكمسألة مبدأ لا أصدق كلمة واحدة تأتي من النظام القانوني الروسي، ولدي شكوك كبيرة حول القضية المرفوعة ضد أندرو، وربما يكون ضحية لظروف مؤسفة".
وتابع غولدفارب في الدفاع عن صديقه " لم يتم اختبار قضية أندرو من خلال عملية محاكمة مناسية ولم يتمَّ فحص الشهود مطلقا، لكنها بُنيت على مزاعم روسية وموافقته على الصفقة كانت لأن محاميه أخبروه أنه ربما يواجه حكما بالسجن لمدة 120 عاما في السجن، ومن الناحية القانونية موقفه ضعيف ولكني أشك بقضيته، وهناك شك منطقي حول حدوث كل هذا"، ولا يملك غولدفارب دليل للطعن في قرار المحكمة بعد اعتراف موغليانسكي المكتوب بممارسة الجنس مع ستة من القاصرات.
ووصفت القاضية ماري ماكلوين جرائم موغليانسكي بكونها عملا إجراميا خطيرا، وحكم بإطلاق سراح مشروط لموغليانسكي مع إبقائه تحت الولاية لمدة 15 عاما مع دفع 5 آلاف دولار لكل من ضحاياه وغرامة 12.500 دولار للحكومة الأميركية، وذكرت إحدى الضحايا في بيان لها أنها أصبحت متوترة ومنطوية على نفسها منذ تواصلها مع موغليانسكي وأنها لا زالت تخشى الرجال، وأوضحت القاضية ماكلوين أنها لم تحكم من قبل في قضية لمتهم لديه طرفان متناقضان في شخصيته، في إشارة إلى الجمعية الخيرية التي يديرها موغليانسكي لدعم ضحايا قانون الإرهاب، حيث جمع موغليانسكي 1.2 مليون دولار لمساعدة الأطفال الناجين من الهجوم على مدرسة بيسلان في روسيا عام 2004، وأشاد أصدقاء موغليانسكي وزوجته بشخصيته في المحكمة والذين تم استدعاؤهم للإدلاء بشهادتهم.
وعلى الرغم من ورود اسم موغليانسكي في قضية أوراق بنما إلا أن شركة أفيكس العالمية في بنسلفانيا ملتزمة بدفع الضرائب الأمريكية سنويا منذ عام 1996 وهو ما تحققت منه جريدة ديلي ميل من خلال سلطات الضرائب في الولايات المتحدة، وأوضح النشطاء المناهضون لبوتين في روسيا أن نشاط موغليانسكي بشأن قتل الرهائن الأبرياء بالغاز كان يُنظر إليه كعامل رئيسي عندما حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لصالح عائلات الضحايا، وأشار النشطا إلى أنه بنى القائمة الأولى الكاملة من الضحايا في تحد للسلطات الروسية وجمع قاعدة بيانات كبيرة من المعلومات.
وذكر ديميتري ميلوفيدوف الذي فقد ابنته "نينا" البالغة من العمر 14 عاما ورئيس مشارك لمنظمة "نورد أوست غروب" لتحقيق العدالة للضحايا " موغليانسكي صنع أعداء بأفعاله، أنا واثق من أنه غير مذنب في هذه الاتهامات لكنها كانت نوع من الانتقام من أفعاله"، وتعتقد منسقة مؤسسة موغليانسكي لضحايا قانون الإرهاب "نتاليا شيدرينا" (39 عاما) أنه تم خداعه على الرغم من قبوله تسوية دعوى مدنية، مضيفة " بالطبع لا يمكن النظر إلى روح شخص ما لكني رأيت جديته في العمل عندما كان في موسكو، لقد كان مشغولا للغاية ولا أعرف كيف وجد الوقت لهذه الأشياء، أعرفه جيدا ولا أستطيع أن أتخيل أنه نظم للدعارة والجنس مع القصر".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر