استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في أول لقاء مباشر بينهما بعد أن اتهمها كثيرًا أثناء حملته الانتخابية بأنها "أفسدت بلادها بالمهاجرين". ووصفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية استقبال ترامب لميركل بـ"الحار"، وقالت إن ترامب رحب بميركل ترحيبًا حارًا خارج مبنى الجناح الغربي في البيت الأبيض، لكنه تحوَّل بعد ذلك إلى استقبالٍ "باهتٍ"، بعد أن رفض ترامب مصافحة ميركل خلال لقائهما في المكتب البيضاوي لمناقشة الأزمة المشتعلة بين ألمانيا وتركيا وجميع القضايا الدولية الأخرى.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن ترامب عقد مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا حضرته ابنته، إيفانكا، انتقد فيه سياسية ميركل الرامية الى توطين اللاجئين في ألمانيا، وأعلن أن "الهجرة امتياز وليست حقًا"، مضيفًا أن سلامة مواطني الدول يجب أن تكون مضمونة. كما أعرب ترامب عن حرص بلاده على الوفاء بالتزاماتها نحو حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مشددًا على ضرورة "دفع حلفاء الناتو حصتهم العادلة لتكلفة الدفاع". وقد أخبرته ميركل أنها لطالما اعتقدت أنه من الأفضل "التحدث مع بعضنا وليس عن بعضنا"، وذلك في إشارة منها إلى العديد من التصريحات اللاذعة حول سياستها، والتي أدلها بها ترامب أثناء حملته الانتخابية.
ومع موعد انتهاء المؤتمر الصحفي، قال ترامب لميركل: "على الأقل لدينا أرضية مشتركة"، لافتًا إلى أن الإدارة الأميركية تجسست عليهما على حد سواء. إلا أن المستشارة الألمانية لم تردّ، ووقفت هادئة خلف المنصة بعد أن نقلت إليها الترجمة بيان ترامب اللاذع.
وقد سئل ترامب عن اتهاماته بأن الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قام بالتجسس عليه، فضلاً عن قول سكرتير ترامب الصحفي بأن أوباما اعتمد على المخابرات البريطانية في التجسس عليه، وذلك حسبما جاء في تقرير نشره موقع "فوكس نيوز" الأميركي، وهو ما وصفته الحكومة البريطانية بدورها بأنه "هراء محض".
وفي مؤتمره الصحفي يوم الجمعة، نفى ترامب أن تكون إدارته أدانت حليفها في الخارج، قائلاً: "لم نقل شيئًا. كل ما فعلناه هو أننا اقتبسنا كلمات من أحد العقول القانونية الفذة، وهو مسؤول عما قاله على شاشه التلفزيون"، في إشارة إلى القاضي أندرو نابوليتانو، وأضاف ترامب: "لم أبدِ رأيي في هذه المسألة، لقد كان هذا بيانًا صادرًا عن أحد المحاميين الموهوبين على قناة "فوكس" الإخبارية. لذا يجب أن لا تتحدثوا معي، بل تحدثوا إلى فوكس".
ولم تسلم ميركل هي الأخرى من تجسس إدارة أوباما، وهي المعلومات التي فجرها عضو المخابرات الأميركية السابق، إدوارد سنودن عام 2013. فيما قالت صحيفة "بيلد" الألمانية، إن أوباما أصدر أوامره شخصيًا بمراقبة المستشارة الألمانية، في حين أكدت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية أن عملية التجسس بدأت عام 2003 وانتهت بحلول منتصف 2013.
ومن جانبها، لم تقدم إدارة ترامب أي دليل على أن أوباما قام بالتجسس على مكالمات ترامب هاتفيه، أو أن أوباما أمر وزارة العدل بمراقبته هو وشركاته.
و تبيَّن أن ترامب لا يحظى بشعبية واسعة أبداً وسط الألمان. فقد كشف استبيان شعبي أجرته مؤخراً القناة التلفزيونية الرسمية، أن الثقة بالولايات المتحدة تحت إدارة ترامب قد هبطت إلى مستوى قياسي جديد حتى تساوت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ميركل بحاجة لأن تسير بثبات على حبل دبلوماسي مشدود، فالمطلوب منها أن تبني مع الرئيس ترامب علاقة تعاون دون أن تبدو كأنها تضحي بقيمها أو تخيب آمال من يرون فيها آخر قلعة حصينة للغرب تدافع عن هذه المُثُل الديمقراطية.
وكانت المستشارة الألمانية قد ذكَّرت ترامب بمسؤوليته تجاه هذه القيم المشتركة، وشرحت له اتفاقيات جنيف من قبل، ويبدو من الواضح الآن أن ميركل ما زالت في "وضعية تلقين الدروس" بعدما أعلنت نيتها أن تشرح لترامب "أنه بالنسبة لنا، فالوطنية والعضوية في الاتحاد الأوروبي وجهان للعملة ذاتها".
وباستثناء تيريزا ماي البريطانية، تُعدُّ ميركل أول قائدة من الاتحاد الأوروبي تلتقي الرئيس الأميركي الجديد الذي يدعم مغادرة بريطانيا للاتحاد. وستعمل المستشارة على تأكيد الأهمية التي تعلّقها على لملمة المشروع الأوروبي الهش والحفاظ على تماسكه.
وقد توصف هذه بأنها زيارة تعارف، كما تقول ميركل: "من الأفضل التحدث مع أحدهم بدلاً من التحدث عنه". إلا أن هناك حكومات عديدة تترقب هذا اللقاء عن كثب؛ كي تستقرئ دلالاته، وما هي الاحتمالات المتوقعة لتطور علاقة الولايات المتحدة بألمانيا وأوروبا، وما يترتب على ذلك بالنسبة لبقية العالم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر