الرباط ـ نعيمة المباركي
دعا حزب "التقدم والاشتراكية" المغربي إلى إعادة التوازن لعلاقات الدولة مع الجماعات الترابية، مشدّدًا على ضرورة اهتمام الحكومة بالمجالات السيادية، لاسيما الدفاع، والأمن، والعدل، والشؤون الخارجية، والوظيفة العمومية، والمجال الديني، بغية تحديد السياسات العمومية، والقطاعية، الكبرى.
واقترح الحزب، في مشروع وثيقته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي ستقدم أمام المؤتمر الوطني التاسع للحزب، المقرر عقده ما بين 31 أيار/مايو الجاري والأول من حزيران/يونيو المقبل، في بوزنيقة، تحت شعار "مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية"، منح الجهات اختصاصات ملائمة، وموسعة، ومحدّدة بحكم القانون.
وأشار إلى أنَّ "أي تعاقد، على هذا المستوى، يجب أن يؤمن التناسق بين السياسات الوطنية والمخططات الجهوية، ونقل الموارد المالية والبشرية من الدولة نحو الجهات، حتى تتمكن هذه الأخيرة من ممارسة اختصاصاتها الذاتية، والاختصاصات المنقولة إليها".
وطالب الحزب بـ"انتخاب أعضاء المجلس الجهوي، عبر الاقتراع العام المباشر، بالنسبة الكاملة، مع توفير إجراءات تميّيزية إيجابية، تفتح آفاق تجسيد مبدأ المناصفة داخل الهيئات المنتخبة، ومنح رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مداولات المجالس، ووضع حكومة جهوية حقيقية، تعتمد على الإدارة الجهوية، والوكالات الجهوية، يترأس مجلس إدارتها رئيس الجهة، بغية تنفيذ المشاريع والشراكة مع مصالح الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني".
وشدّدت الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على "جعل الجهوية فرصة لوضع سياسة حقيقية للتهيئة المجالية، بغية خلق تضامن بين الجهات، تكون الدولة ضامنه الأساسي، والمباشرة، دون أي تأخير، في تطبيق توصيات اللجنة الاستشارية للجهوية".
ووضع الحزب في وثيقته برنامجًا للتأهيل الاجتماعي للجهات على مستوى التعليم، والصحة، والسكن، وفك العزلة، والتزويد بالماء الصالح للشرب، والكهرباء، في إطار صندوق خاص، بغية توفير مبلغ 200 مليار درهم، على مدى 10 أعوام، والرفع من الموارد المخصصة من طرف الدولة للجهات، وتوسيع قدرات صندوق التجهيز الجماعي، ومشاركة القطاع البنكي في تمويل المشاريع الجهوية، وخلق صندوق للتضامن بين الجهات.
ودعا إلى "إطلاق ورش لخلق إدارة ترابية حقيقية، على المستويين المحلي والجهوي، عبر وضع مخطط شامل لتعزيز وتطوير والنهوض بالإدارة العمومية الترابية، في إطار رؤية موحدة تضم الإدارة التابعة للدولة، والإدارة التابعة للجماعات الترابية، واتّخاذ قرارات جريئة لتطبيق سياسة اللامركزية.
ويتوجب على الدولة، حسب الوثيقة، أن "تتأقلم مع المعطيات الجديدة للجهوية، مع محاربة كل أشكال المقاومة، التي أعاقت لحد الآن جهود اللاتمركز، وحالت دون تحقيق أي تقدم في هذا المضمار".
واعتبر الحزب أنَّه "أصبح من الضروري أن يفرض على كل قطاع وزاري تقديم مخطط لللاتمركز، على مستوى نقل صلاحيات التدبير والوسائل والموارد، بغية تخفيف عبء الإدارة المركزية، عبر إعادة هيكلة مصالح الدولة على الصعيد الجهوي، في أقطاب كبرى، تتمثل في القطب الاجتماعي، وقطب الاستثمار، وقطب التشغيل، وقطب التنمية الاقتصادية، وقطب التكوين والتربية، وقطب الثقافة والتراث، وقطب البنيات التحتية والنقل والبيئة".
وأشارت الوثيقة إلى "ضرورة جعل مصالح الدولة تتمحور على منطق الدعم والمصاحبة للجهات، مع تخفيف المراقبة القبلية، التي يجب أن تصاحب المبادئ الدستورية المتعلقة بمحاسبة ومساءلة المسؤولين المنتخبين".
وبشأن مسألة التقسيم الإداري، دعا الحزب إلى "فتح نقاش بشأن الموضوع"، موضحًا أنَّ "التقسيم الذي اقترحته اللجنة الجهوية، إلى 12 جهة، يعتمد بالأساس على معايير التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن مبدأ التكامل يجب أن يكون منطلق النقاش في هذا الشأن".
وبيّنت الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية للحزب ضرورة إدماج مبادئ الديمقراطية التشاركية في قلب حركية المجتمع، لاسيما أنَّ الديمقراطية التشاركية لا تعتبر تكميلاً للديمقراطية التمثيلية فحسب، بل هي كذلك شرطًا أساسيًا لاستمرارها، عبر كل الأشكال الممكنة، المتمثلة في الميزانية المشاركاتية، والورشات الحضرية، ومنتديات المواطنين، ولجان الأحياء، والمجالس الجماعية التشاورية.
وتعتبر الوثيقة أنّه "من الضروري، في هذا الشأن، أن يتم تشجيع أكبر للشراكات بين الجماعات الترابية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات، والدولة، والقطاع الخاص، خدمة لدعم الابتكار الاجتماعي، في أفق التغلب على نقص الموارد المادية".
وبشأن الجانب الثقافي، أكّد حزب "التقدم والاشتراكية" أنّه "بات من الضروري بلورة استراتيجية وطنية للثقافة، تكون بمثابة الإطار العام الذي يوضح دور مختلف المتدخلين في الحقل الثقافي، وكذلك الوسائل اللازمة لتنمية ثقافية وفنية حقيقية في البلاد.
وأبرزت الوثيقة أنَّ "مخطط قطاع الثقافة، الذي يشرف حزب التقدم والاشتراكية على تسييره منذ 2012، هو ثمرة لمقاربة تشاركية مرتكزة على خمسة محاور ذات أولوية بالغة، تتمثل في سياسة ثقافة القرب في المجال الثقافي، ودعم الإبداع الثقافي والفني والمبدعين، وتحسين الوضعيات الاجتماعية للمبدعين والمهنيين، وحماية وتثمين التراث الثقافي، المادي و اللامادي، وتنشيط الدبلوماسية الثقافية، وكذا تحسين الحكامة التدبير لقطاع الثقافة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر