قالت منظمة النساء الاتحاديات إن مؤتمرها الثامن “انعقد مع اقتراب الذكرى 57 لاختطاف “عريس الشهداء”، القائد المرجعي لكل الاشتراكيات والاشتراكيين المغاربة المهدي بنبركة، الذي كانت له الإسهامات الكبرى في التقعيد لعناوين التقدم والتحرر والحداثة ببلادنا، عبر دفاعه عن حق النساء في التعليم والشغل مع بدايات الاستقلال، وكذا دعوته للتمكين الاقتصادي والسياسي لهن في لحظة تاريخية مبكرة من بناء الدولة الوطنية ما بعد الاستعمارية”.وأشارت المنظمة، في بيان ختامي للمؤتمر الثامن المنعقد تحت شعار “تحرر، مساواة، عدالة”، إلى أن المؤتمر يأتي في إطار سيرورة تنظيمية لافتة، انطلقت مباشرة بعد انتخابات الثامن من شتنبر 2021، دشنها المؤتمر الوطني 11 للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي عرف مساهمة لافتة لنساء الحزب في إنجاحه، كما عرف تمثيلية غير مسبوقة لهن في مختلف الأجهزة الوطنية والجهوية والمحلية.
وورد ضمن البيان الختامي أنه “بالعودة إلى اقتراع ثامن شتنبر 2021 الذي عرف تقدما للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من حيث المقاعد المحصل عليها في الانتخابات التشريعية وانتخابات المجالس الترابية، وهي النتائج التي تعززت في الانتخابات الجزئية الأخيرة، ورغم أن الحزب اختار الاصطفاف في المعارضة فإننا كنا نأمل من الحكومة الحالية باعتبار ما تدعيه من ليبيرالية من جهة، ومن إعلان نوايا بأجرأة مقتضيات النموذج التنموي الجديد من جهة أخرى، أن تنحاز إلى حقوق النساء خاصة، وأن تنتج سياسات أكثر انفتاحا وتحررا بصفة عامة، خصوصا بعد الهزيمة الانتخابية للحزب الذي كان يمثل الإسلام السياسي، ما أعطى الإشارة إلى رغبة المغاربة في نموذج آخر لتدبير الشأن العام”.
وقالت المنظمة ذاتها إن “الحكومة الحالية ظلت، للأسف، سائرة على النسق المحافظ السابق، بل فشلت في إدارة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بفعل تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والجفاف، ما ساهم في تدهور القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وانهيار متوسط دخل الأسر؛ وطبعا كل ذلك ينعكس سلبا على حقوق النساء وحرياتهن”.وبعدما استحضر المؤتمر “النضالات النسائية”، و”مكاسب الملفات المطلبية”، دعت المنظمة إلى “ترصيد هذه المكتسبات وتحصينها”، وكذا إلى “تحيين كثير من الأطر القانونية المعيارية التي استنفدت أغراضها، ولم تعد تجيب عن التحولات المجتمعية التي تعرف مساهمة أكبر للنساء في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية”.
وأكد المؤتمر أن “توصيات لجنة النموذج التنموي وخلاصات أعمالها، التي تعكس استمرارا للمشروع الحداثي الديموقراطي عبر صيغة الدولة الاجتماعية المنشودة، التي يمكن اعتبارها خارطة طريق للمرحلة المقبلة، باعتبارها مشتركا وطنيا، لم تجد بعد حاملها السياسي، الذي لا يمكن أن يكون إلا في ظل حكومة منسجمة، بإستراتيجية اجتماعية واضحة، وبخلفية ديمقراطية تشاركية”.كما سجل المؤتمر الوطني أن “تحسين أوضاع النساء وسائر الطبقات والفئات المتضررة من السياسات التقنوية المحافظة، واستمرار اقتصاد الريع، يرتبط عضويا بالتقدم على مسارين يجب أن يكونا متوازيين: مسار الإقرار الصريح بسمو المواثيق والاتفاقيات الدولية الحقوقية، بما فيها الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، ما يقتضي تجديدا للقانون الجنائي ومدونة الأسرة وغيرهما من القوانين المعيارية والتفصيلية، ومسار بناء أسس الدولة الاجتماعية، بما يحد من الفوارق بين الطبقات والمناطق، وكذا الفوارق بين الجنسين”.
وشدد المؤتمر الثامن لمنظمة النساء الاتحاديات على أن “العودة القوية للخطابات التي تركز على مركزية ‘تمغربيت’ هو تعبير عن الوعي بفرادة الأمة المغربية الضاربة في أعماق التاريخ، واعتزاز بالإنسية المغربية على مختلف الواجهات؛ وهي طاقة من أجل التحرر من كل أنساق المركزيات الزائفة، سواء المركزية الشرقانية أو المركزية الغربية، ولكن لا يجب أن تتحول نداءات الخصوصية إلى أداة لإنتاج خطابات محافظة انعزالية، لا تؤمن بالمساواة وبالحريات الفردية”.وورد ضمن البيان الختامي أيضا أن “النقاشات المرتقبة حول إصلاح وتحديث مدونة الأسرة، وكذا القانون الجنائي، ومشروع القانون الخاص بتقنين الإجهاض، ستعرف لا محالة حشد القوى المحافظة لإمكاناتها التنظيمية والخطابية والدعائية من أجل التصدي لكل الإمكانات التحديثية، ولذلك يجب البحث عن الحلفاء، سواء الإيديولوجيين أو الموضوعيين، لحسم معركة القوانين التحررية، والمتلائمة مع التزامات المغرب الكونية، ما يتطلب كذلك الانفتاح ودعم كل القراءات المنفتحة للمتن الديني، المنتصرة لمقاصد الشريعة التي غايتها الحرية والكرامة والمساواة”.
وأشار المؤتمر الوطني إلى أنه “وقف عند مستجدات القضية الوطنية الأولى، وقد عبر عن تثمينه لكل النجاحات الدبلوماسية، التي تتمثل في إقرار المنتظم الدولي بجدية ومصداقية المقترح المغربي بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وهو ما ترجمته المواقف الأمريكية والألمانية والإسبانية الأخيرة، فضلا عن عديد الدول من قارات مختلفة، فتحت قنصلياتها بمدينتي العيون والداخلة، وخصوصا تلك المنتمية إلى مجالينا الإقليميين الإفريقي والعربي”.ودعا المؤتمر المنتظم الدولي إلى تحمل مسؤولياته في فتح تحقيق محايد وموضوعي حول أحوال المحتجزين في مخيمات تندوف الجزائرية، الذين يعانون أشكالا متنوعة من هدر الكرامة الإنسانية، وخصوصا النساء اللواتي يعانين فصل أبنائهن عنهن لدفعهم وهم قاصرون نحو معسكرات التجنيد الإجباري، كما يعانين من ضعف الخدمات الصحية والتعليمية، بحيث تظل النساء في مخيمات الذل والعار بالحمادة أولى ضحايا سرقة المساعدات الدولية من طرف ميليشيات البوليساريو.
وطالب المؤتمر الثامن للمنظمة باستعجال “استكمال الورش الدستوري عبر إخراج كل القوانين التنظيمية التي أقرها دستور 2011 بما يتلاءم مع روحه الداعية للديمقراطية، والانفتاح، والتضامن، والتوافقات المعبرة عن التشاركية في الاقتراح والتنفيذ، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإنصاف النساء”، و”ملاءمة القانون الوطني مع مضمون وروح الاتفاقيات والمواثيق الدولية، خصوصا على مستوى القانون الجنائي الذي مازال يتضمن بنودا منافية للحريات الفردية والجماعية”؛ كما طالب بـ”إعمال المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، خصوصا على مستوى السياسات والإنفاق العمومي، وكذا المناصب في المؤسسات الدستورية والوطنية والتمثيلية، بما ينسجم مع التقدم الذي تحققه النساء على مستوى التعليم والتكوين والخبرات”، و”إلغاء كل القوانين التمييزية ضد النساء، وإنهاء كل مظاهر التذرع بالخصوصيات المتوهمة من أجل استدامة الأنساق الذكورية الباطرياركية، التي لا تنسجم مع الدراسات التي أبانت عن حجم مشاركة النساء الواسعة في إنتاج الثروة وفي إعالة الأسر”.
وورد ضمن المطالب أيضا “الانكباب على تحيين مدونة الأسرة بتفاعل إيجابي ومنفتخ مع التوجيهات الملكية بهذا الخصوص، من أجل مدونة منصفة ومنفتحة على المواثيق الكونية لحقوق الإنسان، وعلى القراءات المنفتحة والمقاصدية لأحكام الدين الإسلامي، وخصوصا لجهة منع زواج القاصرات، وتضييق السلطة التقديرية للقاضي في إباحة التعدد في أفق إلغائه”، و”الإسراع في إخراج القانون المتعلق بتقنين الإجهاض الطبي الآمن، على أساس مراعاة رغبة المرأة في الإنجاب، والحالات المرتبطة بالصحة الإنجابية، أو بالاعتداءات الجنسية، والانفتاح على التجارب الدولية بخصوص الإيقاف الاختياري للحمل”.
ومن بين مطالب المؤتمر “فتح النقاش الجاد بشأن إصلاح منظومة الإرث لصالح المساواة، ولصالح إلغاء كل القوانين التي أصبحت مجالا للسطو على حقوق الوريثات بما يعارض مقاصد الإسلام، لصالح قراءات تاريخية متجاوزة وليدة سياقات تحتقر النساء، ولا تعترف بمساهمتهن في إنتاج الثروة وتثمينها”، و”اعتراف الدولة المغربية بالعمل غير المأجور للنساء في أفق التعويض المالي عنه”، و”اعتماد سياسات تشغيل موجهة للنساء لمحاربة تأنيث البطالة”، و”إقرار سياسات تقوي الاقتصاد الاجتماعي لصالح التمكين الاقتصادي للنساء”، و”تسهيل ولوج الفتيات للتعليم، وضمان استمراريته، وخصوصا في القرى والمناطق الشبه حضرية، التي كانت المتضررة الكبرى من اضطرابات سير العمليات التربوية والتعليمية خلال جائحة كورونا”.
وطالب المؤتمر أيضا بـ”تطوير الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية بضمان المجانية والولوجية”، و”إنصاف النساء في القوانين الاجتماعية، خصوصا تلك المتعلقة بالسجل الاجتماعي الموحد المرتقب، وتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتقاعد، والتعويض عن فقدان الشغل”، و”تجريم المفاضلة في الأجور بين العاملات والعمال في القطاع الخاص”، و”إصلاح القانون التنظيمي للمالية عبر مأسسة مقاربة النوع أثناء وضع الميزانيات القطاعية والفرعية”، و”دعم المشاركة السياسية والنقابية للنساء وتوسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي إعمالا لمبدأ المساواة الكاملة”، و”مكافحة كل الصور النمطية التي يتم ترويجها في الإعلام، والمنطلقة من التمييز التفاضلي لصالح الرجل، والمبخسة لأدوار النساء”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تنافس اليساريين والعدالة والتنمية يوجه الأنظار إلى "دائرة المهدي بنبركة"
محامي فرنسي يميط اللثام عن تفاصيل "اختطاف" المهدي بنبركة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر