في الوقت الذي اعتبر فيه عدد من الشبان والشابات التدابير الاحترازية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، وتحديدا خلال فترة منع الأعراس والحفلات المغربية ، فرصة مواتية لعقد القران وإكمال نصف الدين بطقوس بسيطة وبأقل التكاليف المادية التي تتطلبها حفلات الزفاف، تشبث آخرون بعزوفهم عن الزواج تماما أو تمسكهم بتأجيله إلى “ما بعد كورونا” لاعتبارات ومبررات تختلف من شخص إلى آخر.
بين التعجيل والتأجيل
قال حسن، وهو شاب أعزب، إنه كان يعد العدة لعقد قرانه، على غرار العديد من العزاب؛ لكن إعلان الحجر الصحي بسبب ظهور فيروس كورونا بالمغرب تسبب في تأجيل مراسيم العرس. ومع مرور الوقت حصل بعض التباعد بين الطرفين، واختلفت المواقف بين راغب في تعجيل الزواج في المغرب واستغلال فرصة انخفاض التكاليف وبين من فضّلت تأجيل المناسبة إلى حين تحسن الوضع الوبائي، من أجل تنظيم حفل زفاف في مستوى عال.
وأضاف المتحدث ذاته، ملتمسا عدم الكشف عن هويته احتراما للخصوصية الواجبة تجاه خطيبته السابقة، أن “الشابات يرغبن في أن يعشن طقوس الزفاف بكل تفاصيلها وتكاليفها المادية والمعنوية؛ وهو ما خلق نوعا من المشاكل في ظل استمرار الوضع الوبائي والإجراءات الاحترازية فترة طويلة، لتنتهي العلاقة بفسخ الخطوبة وتحطم حلم الزواج عوض استغلال الظرفية لإكمال نصف الدين”.
وأكد الشاب نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أزمة كورونا ساهمت في عزوف الشباب عن الزواج، بعدما توقفت مداخيل عدد كبير منهم بسبب فقدان الشغل، وصاروا غير قادرين على مجرد التفكير في الزواج سواء تطلب مصاريف كبيرة أو صغيرة، مقابل التفكير الدائم في البحث عن وسيلة لضمان القوت اليومي، في انتظار تحسن الأوضاع وعودة الحياة إلى طبيعتها”.
مشكل أكبر
قال عبد الغني انجيلي، شاب أعزب، “شخصيا، لا أفكر على المدى القريب المرتبط بمراسيم الزواج وطقوس الاحتفال، سواء في ظل أزمة كورونا أو قبلها أو بعدها؛ بل إن الأمر يحتاج إلى تفكير بعيد المدى، أي ما بعد حفل الزفاف”، مشددا على أنه “في غياب مدخول مادي قار، يصعب أو يستحيل توفر الشروط الضرورية لتأسيس أسرة وإعالة الأبناء وتلبية حاجياتهم التي لا حصر لها”.
وبعدما أشار المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنه “من العيب عن يتزوج الرجل وهو لا يتوفر على عمل أو مدخول مادي واضح”، أضاف أن “هناك أمورا مثيرة للخوف وتزيد من صعوبة العثور على شريكة الحياة؛ من بينها ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة، وما خلق ذلك من هواجس لدى الشاب في العثور على ‘بنت الناس’ القادرة على الحياة الزوجية بحلوها ومرها”.
وأورد انجيلي، ضمن التصريح ذاته، أنه “على الرغم من التشجيع الذي يقدمه الوالدان لدفع أبنائهم إلى تعجيل الزواج وتمكينهم من فرصة رؤية الأحفاد، فإن ‘الله غالب’، في انتظار تحسن الأوضاع المادية للشبان، من أجل توفير السكن وباقي متطلبات الحياة الزوجية، وضمان الحد الأدنى من الشروط لإنجاح مشروع الزواج انطلاقا من مرحلة اختيار الزوجة وتنظيم حفل الزفاف، سواء في ظل الوضعية الوبائية الراهنة أو بعد تحسنها”.
مسؤولية مشتركة
شدد عادل مستشار، الذي مر من تجربة زواج لم يكتب لها الاستمرار، على أن “أسباب العزوف عن الزواج كثيرة؛ لكن أهمها وأكبرها هو المشكل المادي، فيما يمكن اعتبار أي مبرر آخر ضمن لائحة المشاكل الصغيرة”، مضيفا أن “المشكل المادي لا ينحصر في مراسيم الزفاف فقط، وإمكانية استغلال فرصة الجائحة لعقد القران؛ بل إن مجموعة من الأسر تخلق مشكلا ماديا آخر لدى الشاب، حيث يعتبرون أن ارتفاع قيمة الصداق تعني القيمة العالية لابنتهم”.
وأضاف مستشار، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه “بغض النظر عن تأثير جائحة كورونا على احتفالات الزفاف وتعميق عزوف الشباب عن الزواج، فإن الجانب الديني والأخلاقي للشاب لم يعد يثير اهتمام العديد من أسر الشابات، في حين أصبح الوضع المادي حاضرا بقوة في مسألة قبول أو رفض الزواج، إذ تركز الأسر على طبيعة عمل الخاطب وأجرته وسكنه وقدرته على توفير الاستقلالية لزوجته…، وهو ما يدفع الشباب إلى العزوف عن الزواج أكثر فأكثر”.
ولفت عادل مستشار إلى أن “العامل النفسي المرتبط بعدم الثقة بين أطراف الزواج، ومدى قدرة كل منهما على الصبر ومواجهة صعوبات الحياة عامة والحياة الزوجية بشكل خاص…، أمور تُسائل دور ومسؤولية الأسرة في مساعدة الأبناء على الزواج ماديا ومعنويا؛ فيما تبقى المسؤولية أيضا على أسرة العروس في ما يتعلق بتيسير الخطبة والصداق وحفل الزفاف…”، خاتما تصريحه بالقول “ليلة العرس دايزة باش ما كان، والأساس هو الحياة بعد العرس”.
قد يهمك أيضا:
عروسان هنديان يقيمان مراسم حفل زفافهما "تحت الماء"
سجن أحد أقارب الملكة إليزابيث لـ10 أشهر بتهمة الاعتداء الجنسي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر