دافعت عالمة الاجتماع الأسترالية "سوزان كارلاند"، عن المجتمع الإسلامي مطالبة باستبعاد "المفاهيم الخاطئة" عقب هجمات يوم السبت الإرهابية في باريس، حيث شن زوجها الإعلامي وليد علي هجومًا حادًا على المتوحشين ممن نفذوا المذابح في مونولوج عميق وصادق جمع الزوجين.
واستخدم وليد برنامجه "المشروع"، الذي يُستضاف فيه بالقناة العاشرة، لإلقاء خطاب حماسي يدعو فيه جميع الأستراليين بأن يسموا فوق "الكراهية" عقب الهجمات الإرهابية المرعبة التي قتلت 137 شخصًا وأصابت المئات.
وجاء خطاب علي بعد كلمة السيدة "كارلاند" على القناة العاشرة، وهي مسلمة أسترالية، والتي تحدثت عن ضرورة إدراك الفرق بين الإسلام والتطرف العنيف، فالدواعش لا صلة لهم بالإسلام ولا حتى في الخيال، ولذلك فمن الضروري حقًا ألا نقع في فخ التفكير عن أن الإسلام ضد الآخرين أو أي شيئ من هذا القبيل، فالأمر يتعلق بمجموعات كثيرة المشاكل يحاولون فرض أنفسهم ضد بقية العالم، مدعيين أن جميع المسلمين معهم، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.
وتحولت كارلاند إلى الإسلام في سن التاسعة عشر من عمرها، وأكملت رسالتها في الدكتوراة عن الحركة النسوية الإسلامية، وهي تحذر من الأخطار الناجمة عن إظهار العالم وكأنه "أبيض وأسود".
وقالت: "لقد قالها الدواعش علانية أنهم يريدون القضاء على المساحة الرمادية، إنهم يريدون العالم أبيض وأسود فقط، إنهم يقصدون القضاء علينا، وهذا هو صراع الخير والشر كما يمكن أن نعرفه".
وأضافت: إن المجتمع التعددي المزدهر هو أخر ما يفكر به الدواعش، وفي وقتٍ كهذا علينا جميعًا أن نختار ما إذا كنا سنتراجع إلى الخوف واللوم، أو إذا كنا سنختار التعاون سويًا ونؤكد أننا لن نسمح لهم بسحبنا إلى صفهم، لأن هذا جزء من أهدافهم. إنه تكتيك سياسي وجزء من مدخلهم ولا يمكن أن نسمح لهؤلاء بأن يكونوا أصحاب حق في تصنيفنا كأفراد أو مجتمعات.
وجاءت تعليقات السيدة كارلاند بعدما أعلنت الأسبوع الماضي عن طريقة جديدة لمعالجة المتصيدون الذين يسيئون لها ويهاجمونها على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقت الرائدة الأكاديمية اسم "المتعاطفون مع الإرهاب" و"الجهلاء من الحمقى مغسولي الدماغ" على الإنترنت، إلا أنها ابتكرت طريقة لتحويل ملاحظات التمييز إلى عطاء خيري.
وكتبت كارلاند على صفحتها في "تويتر": "لقد قررت أن أدفع دولارًا لليونيسيف عن كل تويتة أتلقاها من المسيئين، ووصل التبرع إلى ألف دولار تقريبًا، والأطفال المحتاجون يشكرونكم من كل قلوبهم"، وغالبًا ما تكون السيدة كارلاند مستهدفة من النشطاء المعاديين للمسلمين حيث أنها نشأت في أسرة مسيحية قبل أن تتحول للإسلام.
وأرسلت كارلاند ـ أم لطفلين ـ رسائل هجومية مثل زوجها، حتى اختير زوجها لجائزة رجل العام في أستراليا ضمن مسابقة مجلة (GQ) عن الشخصية الإعلامية للعام، وكان ذلك نهاية الأسبوع.
وكتب أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي: "مسلم مدافع ومتعاطف مع الإرهاب"، بينما صرح أخر بأن الجائزة التي حصل عليها الصحفي رمزية سياسية، وأحد الرجال كتب تغريدة: "من هو دماغ اليرقة الذي يدافع عن الحمقى سيدة سوزان كارلاند؟"، وكتب أخر: "سوزان كارلاند غبية بما يكفي لتتحول إلى الدين الذي يرى أنها نصف الرجل، ويبدو أنه يوجد شيئ سحري في الإسلام الذي يغسل مخ الإنسان العادي ويأخذه للمؤخرة، وسوزان مجرد متحولة أخرى حمقاء".
وأطلق على السيدة كارلاند المسلمة الأسترالية للعام في 2004، وقد أنهت رسالتها للدكتوراة في جامعة موناش في ملبورن مع بدايات هذا العام. وكان عنوانها: "محاربة المسلمين: تحقيق في الحرب العنصرية ضد المرأة المسلمة داخل مجتمعاتهن في أستراليا وأميركا الشمالية بناءً من منظور تأييد الإيمان".
وذكر وليد في برنامج المشروع: "هناك سبب يجعل "داعش" يتمسك بالتظاهر بالقوة، لأنهم لا يريدون أن تعرفوا أن الأرض التي يسيطرون عليها أُخذت من هؤلاء الأعداء الضعفاء، حيث أنهم تورطوا تحت قصف الضربات الجوية، أو حتى لأنهم فقدوا نهاية الأسبوع الماضي جزءًا مهمًا من أراضيهم، إن "داعش" لا يريد لك أن تعرف أنهم سيُسحقون لو واجهوا جيشًا ما على أرض المعركة، ويسعون لأن تخاف منهم، يردونك أن تغضب، إنهم يريدون لنا جميعًا أن نصبح أعداء فيما بيننا، فاستراتيجية "داعش" هي شق العالم إلى معسكرين: أبيض وأسود، وأؤكد أننا نعرف ذلك لأنهم أعلنوه لنا".
وأسمى الصحفي وضيفته داعش بـ "منظمة الشر"، مؤكدين أنه من الضروري ألا نسمح لأنفسنا بالانقسام حول الهجمات البشعة، لأن هذا الانقسام هو ما تسعى إليه جماعات الإرهاب حتى يتمكنوا من تجنيد مسلمين آخرين لحسابهم، وقال علي: "أقولها بأعلى صوتي، إنها جماعات إرهاب مذهلة في غباء أفرادها وحماقتهم، ورهيبة في وحشيتها، ومليون شعور يتأجج داخلنا الآن، فأنا ساخط على هؤلاء الإرهابيين، وسئمت من العنف وأشعر بالتحطم لأجل الأسر التي تركها ذويها، ولكن أتعرفون لن أتركهم للتلاعب بي، فنحن جميعًا نحتاج للتكاتف سويًا، وأعرف كيف يحدث ذلك، وأعرف أنه ربما يبدو كلامًا أجوف، إلا أنه صحيح لأن هذا ما لا تريده جماعات داعش".
وأضاف: "إذا كنت عضوًا في البرلمان أو تعرف عضوًا في البرلمان يدعو للكراهية في هذا الوقت، فإن ما نحتاجه بالفعل هو المزيد من المحبة، وإلا فإنك تساعد داعش، لقد أعلنوها لنا، وإذا كنت قيادة إسلامية وخاطبت مجتمعك بأنه لا مكان لهم هنا فإنك بذلك تساعد داعش لأنهم يقولون نفس الشئ، وإذا كنت شخصًا عاديًا ولديك حساب على "فيسبوك" أو "تويتر" وتبث رسائل مضللة من الكراهية، فإنك تساعد داعش، وأنا متأكد أنه لا يوجد بيننا من يريد مساعدة هؤلاء المتوحشون".
وانتشر الفيديو سريعًا بسرعة الفيروس، حيث شاهده أكثر من 3.4 مليون مواطن، وحصل على أكثر من 100 ألف إعجاب على "فيسبوك" خلال أربع ساعات فقط. كما تم مشاركته بشكل موسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعاد آلاف الناس مشاركته على تويتر، وذكر أحد الأشخاص بعد إعادة مشاركته على "تويتر" "أحسنت القول يا وليد .. تقرير رائع وذكي".
وكتب شخص آخر على الفيديو: "قول رائع بصدق، حيث تفوق وليد على نفسه في هذا الخطاب". وقال مستخدم آخر لشبكات التواصل الاجتماعي: "أنت عبقري يا وليد، فما قلته صحيح تمامًا، ونحتاج بالفعل للعمل سويًا، لوقف الكراهية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر