الدار البيضاء ـ سعيد بونوار
يسود اعتقاد جازم في مجتمعات الخليج أن المغربيات "ساحرات"، وأن "عرّافي" المغرب "يجدمون الماء" ويحولون النار إلى كرات ثلج، وأنهم قادرون على إتيان المعجزات، ودليل ذلك هذا التهافت على زيارة مشعوذين من قبل خليجيين يتطلعون إلى فك السحر وجلب السعد وترسيخ المحبة وأمور أخرى، بينما آخرون يقبلون على وصفات سحر التفريق.
تنتشر في المغرب أوكار مشعوذين يتخذون من دور سكنية مآوى لعيادتهم "الظلامية"، فالسلطات تكاد لا تحارب هؤلاء الذين يعملون في واضحة النهار، لكن من دون إثارة الانتباه، عيادات شبيهة بكهوف يعمد فيها كل مشعوذ، (يطلقون عليه في المغرب الفقيه) أو مشعوذة (ويطلقون عليها "شوافة") على إبراز مظاهر تفوقه في تسخير الجان وتحقيق الأماني حتى ولو كانت شريرة.
ولايجد عدد من "مشعوذي" المغرب حرجا في إبراز مهاراتهم في مجال "التفريق بين الزوجين"، والغاية عندهم تبرر وسيلة النيل من استقرار الأسرة، إذ يكفي الراغب في إحداث التفريق توفير المال الكافي الذي قد يصل إلى 10آلاف درهم(حوالي 1200دولار)، لكن بعض الدجالين البسطاء يطلبون أقل من ذلك بكثير، والوصفة المعروفة أن تحضر الراغبة في تفريق زوج عن زوجته شعر الزوجة، وتبخير إناء ماء لم يسبق أن شرب منه أحد، فيشرب الزوج، لتتحول زوجته إلى أكبر عدو له، ويرنو مشعوذون آخرون إلى دس جزء من كبد ذئب في طعام الزوجة لتكره زوجها إلى الأبد، ويطلب مشعوذون آخرون أجزاء من لباس الزوج أو الزوجة.
والوصفات متعددة وغالبيتها تنجز من بقايا عظام حيوانات ميتة أو أعشاب، وقد تتحول إلى"تولة" يحرقها الراغب في التفريق.
في البداية، يرى الباحث الاجتماعي مصطفى واعراب أن "سحر التفريق يندرج ضمن وصفات السحر الأسود التي تُتداول مهموسة من فم لأذن، أو في عيادات السحرة كغيرها من وصفات الشر التي تروم إلحاق الأذى بالغير، وتلجأ إليها في الغالب نساء أو (حتى رجال) ينوون تفريق شريكين في علاقة زواج أو حب أو أعمال بهدف الاستفراد بأحدهما".
وطفت حكاية تفوق المشعوذين المغاربة في مجالات السحر، ومنها التفريق على سطح التداول الإعلامي عندما حلت العارضة الشهيرة "كارن" وكمئات من النجوم الذين يزورون خفية المغرب بحثا عن " فقهاء" مشعوذين يملكون عصا شق الصخر؟ في مراكش لزيارة " المشعوذ" الكبير الذي حدثوها عنه، وفي جلسة، وكطبيب محترف كتب لها وصفة "تدجين" الزوج، من دون أن تدرك المسكينة أن "الوصفة" ستتحول إلى "فاجعة" دمرت مستقبلها.
ولقد اشتهر المشعوذون المغاربة عربيًا بأعمالهم "الشيطانية" التي يعتقد الكثيرون أنها أشبه بمعجزات، لكن هؤلاء غالبا ما يتورطون في قضايا نصب واحتيال وتدليس، وتعمل السلطات المغربية التي تتعامل بنوع من اللين مع هؤلاء بشكل دائم على اعتقال البعض منهم خاصة أولئك الذين يتورطون في جرائم اغتصاب لنساء بدعوى أن " الجان" يأمرون بذلك للمرأة الراغبة في الإنجاب، أو العانس الراغبة في الزواج.
وتحكي" عايشة" أنها اضطرت إلى زيارة "شوافة" أو عرافة بتارودانت بعدما علمت أن إحدى جاراتها "عملت لها سحرًا" بهدف التفريق بينها وبين زوجها، ولاحظت المسكينة أن الزوج أكثر من شجاره مع الزوجة على أتفه الأسباب، وبات يهدد في كل لحظة بالرحيل عن البيت، وأخبرت "الشوافة" عايشة أن سحر التفريق مدفون عند عتبة البيت وأن عليها استخراجه.
ويؤمن الكثير من المغاربة و المغربيات بقدرة المشعوذين الخارقة، ويلجأ عدد منهم إلى صفات غريبة لضمان الاستقرار في العمل أو البحث عن زوج أو الحظوة في منصب، وفي الغالب تنتهي قصص هؤلاء في السجن أو بارتكاب حماقات.
وعن علاج السحر بزيارة السحرة والمشعوذين قال الإمام أحمد النابلسي إن "السحر من الكبائر، وقد قرنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشرك في قوله "اجتنبوا السبع الموبقات، ومنها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" فالساحر كافر ولا يجوز شرعًا الذهاب إلى العرافين والسحرة والمشعوذين، ولو لمجرد السؤال".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر