16 أيار ذكرى أحداث دموية وشمت الذاكرة المغربية
آخر تحديث GMT 10:42:28
المغرب اليوم -

16 أيار ذكرى أحداث دموية وشمت الذاكرة المغربية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - 16 أيار ذكرى أحداث دموية وشمت الذاكرة المغربية

آثار الهجمات المتطرفة في آيار 2003
الدار البيضاء ـ جميلة عمر

بأي حال عدت يا ذكرى، أحداث دموية، وشمت الذاكرة المغربية، ذكرى موجعة  لا زالت جروحها لم تندمل حتى الآن ، بالرغم من مرور 12عام على حدوثها.

واستحضار هذه الذكرى الأليمة، ليس الغاية منه التشفي والتباكي على ما وقع، بل من أجل  استنهاض الهمم، ومواصلة مسلسل بناء دولة القانون والمؤسسات التي انخرط فيها المغرب والتي تكرس في السنين الأخيرة من خلال الإصلاحات الهيكلية السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية التي تنفذها المملكة تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة محمد السادس، وهي السياسة التي ترمي إلى اجتثاث جذور الفقر، والجهل، والإقصاء الاجتماعي التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للتطرف.

كما أنّ استحضار هذه الذكرى لها من دلالات تدفعنا إلى التذكير بما واكب هذه الانجازات والمشاريع المُهيكلة من تدابير أمنية ركزت بالأساس على استراتيجية استيباقية كان الهدف منها إفشال وإحباط كل المحاولات التي تروم المس بوحدة المغرب وزعزعة استقراره.

وبالرغم من مرور 12 عام إلا كأنه اليوم، حيث كان البيضاويين على موعد مع رائحة الموت والبارود، حين قرر "الانتحاريون"، ومعظمهم ينحدرون من حي سيدي مؤمن القيام بعمليات تفجيرية استهدفت فندق "فرح" ومطعم "دار إسبانيا"، ومطعم إيطالي يحمل إسم "بوزيتانو" بالقرب من دار أميركا، ومركز اجتماعي يهودي الذي كان مُقفلًا في ذاك اليوم، ودائرة الرابطة الإسرائيلية في زنقة لاسيبيد في بلاس فيردان، ومقبرة يهودية قديمة في بوطويل، بينما فجّر انتحاري نفسه أمام قنصلية بلجيكا التي كان مقرها آنداك في زقاق مجاور لدار أميركا، وتسبب في مقتل شرطيين.  

وهزت الأحداث، الشارع البيضاوي الذي أصبح يحس في خطر، وأنه لم يعد بمنأى عن الاعتداءات المتطرفة فإنّ عودة إلى تاريخ الأحداث تبيّن أنه كانت هناك إرهاصات ودلائل على أنّ المغرب بدأ منذ عام 1994 يُشكل هدفًا  للهجمات المتطرفة التي بدأت تقوض مضجع المغاربة  ليصطدموا بلهيب الانفجارات، والجثث المتلاشية في الشوارع، والأزقة حيث ذهب ضحيتها مواطنون عاديون وجدوا في الوقت الخطأ في المكان الخطأ لينضافوا إلى ضحايا المتطرفين، والقتل العشوائي.

وكانت الساعة تشير إلى التاسعة إلا ربع مساءً، حين سمع أول انفجار قرب المقبرة  اليهودية، والمطعم الإيطالي لابوزيتانا، وذُهل الناس، وهناك من اعتقد أنّ  الانفجار  مجرد قنينة غاز ، لكن بعد سماع انفجارات قوية  قرب القنصلية البلجيكية وفندق فرح، تم التأكد أنّ المدينة الاقتصادية الهادئة داهمتها خرافيش ظلامية كسرت فرحة ساكنتها بعدما قضوا ساعات جميلة في احتفال اليوم الوطني للأمن، لتحول أزقتها إلى لون أحمر بسبب الدماء، ومنظر الأشلاء المتناثرة هنا وهناك  في أماكن التفجير، ومنظر  يُدمي القلوب، وضحايا كانوا يتناولون طعام العشاء فتحولوا إلى طعام للديدان.

ولم يستطع أحدًا آنذاك أن يلملم شتات أفكاره، ويستوعب حقيقة ما جرى، فالأحداث  خلفت ورائها  ضحايا من  أطفالًا مُشردين، وعاملين في فندق فرح، وفي المطعم الأسباني حتى المقبرة حيث يرقد أموات اليهود المغاربة نالت حظها من حقد فجر شرايين الأبرياء، وجعل المغاربة لأول مرة يطرحون السؤوال على أنفسهم "هل التطرف دخل بيتنا"، حيث كانت هناك صعوبة في التعرف على الجثث، واعتقالات وصلت إلى 2000 شخص.

ولم يكن الأمر سهلًا على الأمنيين الذين كانوا يحصون الضحايا، وكانت مُهمة شاقة للشرطة العلمية وللمختصين في الطب الشرعي، والتعرف على الضحايا والانتحاريين لم يكن سهلًا بالمرة، فالجثث اختلطت بالإسمنت، وعملية التعرف عليها كانت صعبة جدًا، وتحتاج إلى حنكة وتريث، وبعد ذلك جاءت حملة الاعتقالات التي طالت مئات الأشخاص، وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بالانتحاريين تم توقيفه حتى إشعار آخر، وقانون التطرف جرّ كثيرين للمساءلة قبل أن يُخلى سبيلهم، فيما نسبة كبيرة لازالت تقبع في السجن.

ويعاد السيناريو  في حي الفرح ومراكش بعد أربعة أعوام، فبعد أحداث 16 آيار/ مايو 2003 ، يتكرر مرة أخرى في 11 أذار/ مارس من عام 2007، حيث كان  للمغاربة موعد من جديد مع التطرف، حين فجّر الانتحاري عبد الفتاح الرايدي نفسه بحزام ناسف في محل للأنترنيت "سبير" بعد أن دخل في جدال مع صاحب "السبير"، مُخلفًا أربعة مصابين، أمّا في العاشر من نيسان/ ابريل 2007سيعود انتحاري آخر، وهو يوسف الرايدي شقيق منفذ تفجير "السبير" لتفجير نفسه بعد أن خرج من وسط سكان حي فرح محاولًا الهرب من قبضة رجال الأمن بعد مطارة فوق أسطح المنازل، وثلاثة أيام بعد ذلك سيُفجر انتحاريان نفسيهما أمام القنصلية الأمريكية في الدار البيضاء.

وكأن التفجيرات تعاود الظهور كل أربع أعوام، حيث أنه في 28 نيسان/ ابريل من عام 2011 سيكون لمراكش من جديد موعدًا مع التفجيرات، هذه المرة في مقهى أركانه التي فجّر فيها عادل العثماني في جهاز تحكم عن بعد، حين ترك حقيبة مركونة إلى جانب الطاولة التي احتسى فيها مشروبه، وضغط على الزر، مُتسببًا في مقتل 17 شخصًا، وإصابة 21 آخرين من بينهم سياح أجانب.

ودخلت أفكار متطرفة دخيلة مثل "السلفية الجهادية"، و"الهجرة والتكفير"، و"الدعوة والتبليغ"، و"الصراط المستقيم"، و"أهل السنة والجماعة" على سبيل المثال لا الحصر، فهذه المكونة كانت غريبة على المجتمع المغربي الذي عرف بتسامحه، وقبوله للآخر  قبل أن تغزو  هذه الأفكار الدخيلة عقول شباب مغاربة خصوصًا في الأحياء الهامشية لتحولهم إلى قنابل موقوتة متنقلة، التي لا زال يعاني منها المغاربة إلى الآن، وغيرّت القنابل استراتيجيتها وقبلتها إلى سوريا والعراق، حيث قرر الهجرة إلى الجهاد في بلاد الشام. 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

16 أيار ذكرى أحداث دموية وشمت الذاكرة المغربية 16 أيار ذكرى أحداث دموية وشمت الذاكرة المغربية



GMT 10:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 09:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة الغذاء العالمي تكشف أن إسرائيل تقيد عمل المخابز في غزة

GMT 08:59 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا لن تغير سياستها بشأن نقل الأسلحة إلى إسرائيل

GMT 18:18 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مكتب نتنياهو يواجه 5 قضايا بعضها قيد التحقيق

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib