روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور
آخر تحديث GMT 13:19:44
المغرب اليوم -

روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور

الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي
هراري - ربيع قزي

روبرت موغابي، الذي تولى الحكم في زيمبابوي عام 1980، هو رجل ذو وجوه كثيرة: "الشاب الماركسي اللينيني المثالي، والسجين السياسي، والمناضل من أجل الحرية، ورمز للقومية الأفريقية، ومؤخرًا الديكتاتور الشائخ الغارق في الفساد".

ومع ذلك، فإن موغابي لا يجب دراسته إلا من خلال بعد واحد بالنسبة للعديد من منتقديه في زيمبابوي وفي الغرب، الذين يلومونه على الفوضى الاقتصادية والقمع السياسي في السنوات الأخيرة، فهم لا يرونه إلا مثال للفشل، ونموذج لإساءة الحكم.

الحقيقة ليست تمامًا أبيض وأسود، لم تكن هيمنة موغابي بعد استقلال زيمبابوي عن بريطانيا أمرًا مفروغًا منه، وكان زعيم اتحاد الشعب الأفريقي الزيمبابوي (Zapu) جوشوا نكومو قد تحدى بشد سيطرة الاتحاد الوطني الأفريقي في زيمبابوى (Zanu) الذي يزعمه موغابي، وفاخر كلا الرجلين بمواقف ثورية لا تشوبها شائبة، لكنهما كانا مختلفين جدا، كان نكومو مثالا للزعيم الأفريقي – يسيطر عليه شعور بالعظمة وذو كاريزما قوية، أما موجابي فكان أنيق، ومثقف وماكر.

خلال حرب الأدغال ضد نظام إيان سميث غير الشرعي، كان موغابي مدعوما من الصين، ونكومو مدعوما من الاتحاد السوفيتي، مما أدى إلى مزيد من الانقسام، ولو كان نكومو استطاع السيطرة، ربما اختلف تاريخ زمبابوي تماما، ولكن في محادثات لانكستر هاوس عام 1979 في لندن، برز موغابي على أنه ذو ذكاء سياسي أعلى، وقد دعاه وزير الخارجية البريطاني اللورد كارينجتون، للعب دور زعيم ديموقراطي موال للغرب، على غرار وستمنستر، ولفترة من الوقت فعل ذلك.

وعندما تولى موغابى منصب أول رئيس وزراء بزيمبابوي بعد الاستقلال قبل 37 عاما اتبع برنامجا تقليديا للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية مدعوما بالمساعدات المالية البريطانية والأميركية، ومن ناحية أخرى، أصبح نكومو وزيرا في حكومة موغابي الأولى، ولكن كان القتال بين الاثنين أمرا حتميا.

روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور

في عام 1982، فر نكومو من البلاد بعدما اتهمه موغابي بالتآمر للقيام بانقلاب، ولأول مرة منذ توليه السلطة، أظهر موغابي وجهه القاسي للعالم، وأشاع الرعب في منطقة ماتابيليلاند التي يأتي منها نكومو، إذ قُتل حوالي 20 الف شخص على يد اللواء الخامس المدرب في كوريا الشمالية.

عزز موغابي قبضته على السلطة، وفي عام 1987 تولى منصب الرئيس التنفيذي، ليجمع بين أدوار رئيس الدولة ورئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، ثم وقع اتفاق الوحدة مع نكومو الذى عاد ليتولى منصب نائب الرئيس، وأدت سيطرة حزب Zanu على حزب Zapu إلى تحويل زيمبابوي إلى دولة ذات حزب واحد في الواقع.

وعلى الرغم من السلطة الجديدة التي تمتع بها موغابي، إلا إنه ظل محبطا بسبب بطء وتيرة التغيير، مما جعله يعود إلى العمل على تحقيق أفكاره المتبناة من الماركسية الجديدة، وتزايد اتجاهه إلى الاستبداد بينما كان يكافح عدد لا يحصى من المشاكل.

وكان لرحيل العديد من الزيمبابويين البيض في أوائل الثمانينيات أثر سلبي على الإنتاج الزراعي، وهو الداعم الرئيسي لاقتصاد زيمبابوي، ولكن المزارع الأكثر إنتاجية بقيت إلى حد كبير في أيدي المزارعين البيض، كما أثرت الأحداث الخارجية على الدولة المتكونة حديثا، إذ شهدت زيمبابوى تداعيات عنيفة كبيرة ناتجة عن الصراع المناهض للفصل العنصري فى جنوب افريقيا المجاورة، وهو ما دعمه موغابي، وفي عام 1990 خسر موغابي مؤيدا رئيسيا بعدما تفكك الاتحاد السوفياتي.

وظل موغابى يحاول إدارة الاقتصاد مستخدما نظريات السوق الحرة مع الحفاظ على نزعته الاشتراكية، وفي عام 1991 قبل تدخل صندوق النقد الدولي، ولكن لم يستطع تنفيذ عمليات الخصخصة المخططة، وفى الوقت نفسه، واجهت جهود موغابى الرامية الى دفع الإصلاح الزراعى، بما فى ذلك مصادرة مزارع البيض بأسعار ثابتة، عاصفة من المعارضة، لا سيما من الولايات المتحدة وبريطانيا، مما أدى إلى تخفيض الدعم تدريجيا.

وبحلول عام 2000، بعدما أصبح معزولا ومنبوذا، تخلى عن التظاهر بمراعاة الاتفاقات والشرعية، ودعم مصادرة الأراضي قسرا والتعدي على المزارع، وادعى أن تلك السياسة تعزز العدالة الاجتماعية، ولكن التأثير الرئيس الناتج عنها كان انخفاض الناتج الاقتصادي، وتزايد رحيل المواطنين البيض، وما ترتب على ذلك من نقص في الأغذية.

وقد امتزجت الإدارة الاقتصادية المتشددة لموغابي بقيادة سياسية متعصبة، إذ شهدت الألفينات انتخابات متعاقبة أحرزت فيها حركة التغيير الديمقراطي المعارضة، بقيادة مورغان تسفانجيراي، تقدما كبيرا، إلا أنها أُحبطت بالاعتماد على التزوير، وتخويف الناخبين، والرقابة على وسائل الإعلام، واحتجاز مرشحي المعارضة.

وقد أدى القمع السياسي، والفقر المدقع، والعملة التي لا قيمة لها، والتضخم المفرط، وانهيار التعليم والرعاية الصحية، والتشرد، وارتفاع البطالة إلى حصول زيمبابوي، التي كانت تعرف سابقا بأنها سلة الأغذية في الجنوب الأفريقي، على سمعة باعتبارها حالة ميئوس منها.

وفي الوقت نفسه، واجه موغابي ونخبة الحزب الحاكم غضب متزايد بسبب الكسب غير المشروع، والاختلاس، ونمط الحياة الباهظة لزوجة الرئيس الثانية التي لا تحظى بشعبية، غريس. ونظرا لهذه الضغوط المتزايدة، من المستغرب أن موغابي (93 عاما) الذي أصبح الآن قيد الإقامة الجبرية، قد بقى على القمة لفترة طويلة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور روبرت موغابي الماركسي يتحول إلى ديكتاتور



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:11 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يُغرم شركة ميتا الأميركية بـ800 مليون دولار

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:41 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

لعب المغربي وليد شديرة مع المغرب يقلق نادي باري

GMT 13:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

افتتاح مهرجان موسكو السينمائي الدولي الـ41

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

عيادات تلقيح صناعي تُساعد النساء في عمر الـ 60 علي الإنجاب

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

GMT 07:43 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

اختاري العطر المناسب لك بحسب نوع بشرتك

GMT 16:33 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يتشبث بنجم الوداد أشرف بنشرقي

GMT 10:22 2013 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

سمك السلور العملاق يغزو الراين الألماني وروافده

GMT 18:06 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

مفاجأة سارة للراغبين بالتعاقد في قطاع التعليم المغربي

GMT 08:07 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان السعودي أبو بكر سالم بعد صراع طويل مع المرض

GMT 09:55 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جولن لوبيتيغي يؤكد أن إسبانيا ستتعذب بحثا عن التأهيل

GMT 09:56 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الأسود يقطعون 2600 كلم بين ملاعب مونديال روسيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib