إغلاق صفحة سوداء من تاريخ روسيا بوفاة المحتال مافرودي
آخر تحديث GMT 18:02:07
المغرب اليوم -

إغلاق صفحة سوداء من تاريخ روسيا بوفاة المحتال مافرودي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - إغلاق صفحة سوداء من تاريخ روسيا بوفاة المحتال مافرودي

سيرغي مافرودي
موسكو - حسن عمارة

غيّب الموت منذ أيام واحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا وجدلًا في روسيا بداية تسعينات القرن الماضي. ويطوي رحيل سيرغي مافرودي صفحة سوداء من تاريخ روسيا ما بعد السوفياتية، والمخاض الصعب الطويل في الانتقال من الاقتصاد الاشتراكي المخطط إلى اقتصاد السوق.

الشاب الطامح إلى الثروة بدأ بنسخ أشرطة الفيديو وتوزيعها، وجمَع ثروة صغيرة، لكن السلطات السوفياتية سرعان ما اعتقلته عام 1983 بتهمة العمل غير المرخّص. ومع بداية انهيار الاتحاد السوفياتي، كان مافرودي واحدًا من «رجال المرحلة» الذين استغلوا عدم معرفة المواطنين السوفيات بقواعد الاقتصاد الحر المفتوح، وتوْق بعضهم إلى تحقيق ثروة طائلة بالاستفادة من عباقرة يعرفون طريقة صنع المال، وسعي آخرين إلى المحافظة على أموالهم من الضياع مع زيادة معدلات التضخم وانتشار السرقات والقتل، أو تأمين دراسة أولادهم، ورغبة المتقاعدين بضمان شيخوخة أفضل في ظل الأوضاع غير المستقرة التي شهدتها روسيا في حينه.

"إم إم إم" أحرف ثلاثة لاسم أكبر شركة لجمع الأموال في روسيا بطريقة الهرم. ما زال صداها يتردد في آذان من بقي حيًا ممن عاصروا انطلاق «الرأسمالية» المتوحشة لروسيا بداية تسعينات القرن الماضي. إذ استطاع مافرودي إقناع نحو 15 مليون روسي بجدوى «الاستثمار» معه، وجنى عشرات البلايين من الدولارات، فاتحًا المجال أمام عشرات الشركات لسرقة الأموال وفق الطريقة نفسها.

وتبددت أحلام الثروة، وخسر «المستثمرون» بلايين الدولارات، واصطف الروس طوابير علّهم يعيدون أي جزء من أموالهم. لكن «أوراق مافرودي» لم تكن «صكوك النعيم» الموعود في جنة الرأسمالية. والدولة التي تحكَّمت بقراراتها مجموعة من «رفاق مافرودي»، لم تعوّض «جيش المستثمرين» غير العارف بقواعد الرأسمالية، وطرق النصب والاحتيال. وللفرار من المحاكمة، ترشح مافرودي إلى مجلس الدوما "البرلمان" وفاز على رغم تاريخه الأسود، لكن مشاغله منعته من حضور أي جلسة تحت قبة المبنى الذي وفر له حصانة رُفعت عنه، ليواجه محاكمة تمخضت بعد جولات ماراثونية، عن حبسه 4.5 عام.

وفي 2011، أعاد «العبقري» افتتاح «إم إم إم» في بلدان عدة في الفضاء السوفياتي السابق، وواصل طرق احتياله. وفي 2015، افترضت «فينينشال تايمز» أن الارتفاع الكبير في سعر «بيتكوين» يعود في جزء منه إلى أعمال شركة «إم إم إم– الصين» التي أسسها مافرودي. وبعدها تباهى رجل الأعمال بأنه قادر على إحداث انهيار في سعر «بيتكوين» في حال قرر ذلك.

رجل الأعمال الذي عَرف كيف ينتهز المرحلة عبر تحليل دقيق لنفسية المواطن السوفياتي وذهنيته، واستغلال الجهل المطلق بقضايا المال والاستثمار في ظل الاقتصاد الشيوعي، قال في أحد اللقاءات التلفزيونية في 2014: «العبقرية هي جزء فقط من شخصيتي... أنا المهدي الذي يُغير العالم».

بدّل مافرودي حياة ملايين الروس نحو الأسوأ. واختار أن يبقى في روسيا، وكان يُعد العدة للترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لكنه عدَل عن الأمر، ربما لأن «المهدي» لا تهمه المناصب، أو لأنه يعرف ثمن الطموحات السياسية. ولكن مافرودي كان واحداً فقط من بين مئات جمعوا البلايين بطرق الغش والتحايل، وباتوا بين ليلة وضحاها يملكون أضخم شركات القطاع العام في روسيا نتيجة عملية خصخصة.

وتضاف صفحة مافرودي السوداء إلى صفحات «رجال أعمال» آخرين، بعضهم غيبه الموت، وبعضهم سُجن أو قرر الهروب ببلايينه إلى ملاذات في الخارج، فيما اختار قسمٌ من «الأليغارشيين» تقديم فروض الطاعة، لينعم وأولاده بثروات طائلة ما كان ليحلم بجمعها، أو لضمان عدم المحاسبة على أكبر عملية نهب وخداع في التاريخ شارك فيها «عباقرة» و «مهديون» من الساسة ورجال الأعمال على حساب الشعوب السوفياتية.

 

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إغلاق صفحة سوداء من تاريخ روسيا بوفاة المحتال مافرودي إغلاق صفحة سوداء من تاريخ روسيا بوفاة المحتال مافرودي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib