فيلم يوم آخر في بغداد المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق
آخر تحديث GMT 18:02:07
المغرب اليوم -

فيلم "يوم آخر في بغداد" المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - فيلم

تداعيات العنف الطائفي في العراق
بغداد ـ نهال قباني

تتذكر الروائية العراقية والناشطة في مجال حقوق المرأة، إرادة الجبوري، العاصمة العراقية بغداد في ذروة العنف الطائفي، مشيرة إلى أنّ "الأمر كان أشبه بمدينة أشباح، تحت حظر التجوال، وشوارعها شبه فارغة في الساعة الرابعة مساء، تم تنظيم الليل والنهار وفقا لجدول غامض، وقعت انفجار السيارات المفخخة، أو قذائف الهاون أو الأجهزة المتفجرة المرتجلة أو عمليات الاختطاف"، مضيفة "أكثر من مرة هربت من رصاصات القناصة التي مرت أمامي، وذات مرة، جن جنون أميركيون وبدأوا يطلقون النار على المنازل في حيي بعد انفجار عبوة ناسفة، تحطّمت جميع النوافذ في منزلنا، وشظايا الزجاج كانت مثل الرصاصات، ورأيت شابا يركب دراجة بخارية أطلق عليه النار، وسقط من الدراجة وغرق في دمه"
فيلم يوم آخر في بغداد المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق

وأوضحت الجبوري، أنّ "المكوث في المنزل لا يضمن البقاء على قيد الحياة، قد يضرب منزلك بقذيفة هاون شاردة، أو العصابات العسكرية العراقية أو الأميركية التي ترتدي الزي العسكري ربما تغزو منزلا وتعتقل من بداخله، ولا يتم العثور على هؤلاء الأشخاص إلا بعد أن يصبحوا جثثا، إما في المشرحة أو ملقون في كومة من القمامة"، لم تكن جبوري قادرة على كتابة رواية منذ أن دخلت الدبابات الأميركية في عام 2003،  مضيفة "كانت مثل نزيف في روحي، نعم نحن نستحق أفضل من الديكتاتور صدام حسين، ولكن أيضًا نستحق شيئًا أفضل من الغزو"، ولكنها استطاعت أن تسجّل حياتها اليومية، وتشكل مذكراتها اليومية جزءا من نص "يوم آخر في بغداد"، وهو فيلم في المراحل الأولى من التصوير، وهو في الأسبوع الأخير من عام 2006، وعبارة عن قطعة مجمعة تركز على حياة المواطنين العاديين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في ظل الاحتلال مع التصالح مع حقبة صدام، وتشمل الشخصيات امرأة اختفى ابنها من قبل نظام صدام حسين، ورجل كان أسير حرب في إيران يقبل الرشاوى في عمله، وروائية محظورة تدعى سارة، وهي أم عازبة، وطالبة تصرف نفسها عن العنف اليومي وسط الموضة والموسيقى، وهناك أيضا شخصية مسيحية أجبرت على النفي في المدينة التي كانت معروفة بتنوعها الديني والأحياء المختلطة".
فيلم يوم آخر في بغداد المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق

وكان لدى جميع المشاركين في الفيلم، بما في ذلك الممثلين العراقيين الذين خضعوا للاختبار في 2014 و 2016 ، تجاربهم الخاصة لإضفاء المزيد على القصة، حيث تقول مخرجة الفيلم، ميسون الباجة، المولودة في العراق ولكنها تعيش الآن في لندن "لقد كانوا أناسا حفروا أقدامهم ومكثوا في البلاد، ولكن كان هناك شيء واحد هو القشة التي كسرتهم، اختطف شخص ما وقطعت أحباله الصوتية، وكانت هناك امرأة واحدة من مجموعة أقلية أحرقوا شقيقتها أمامها، كان للرجل ثلاثة متاجر استولت عليها المافيا، واختُطف ابنه وتوفي نتيجة التعذيب، وتحدثت إلى فتاة في سن المراهقة عن رؤيتها لجثمانها الأول وهي في طريقها إلى المدرسة، هذا الشيء لا يمكن تصويره، حيث تجلس في السيارة وتسمع طلقات نارية وقد تم إطلاق النار على شخص ما بجوارك، أو أن أحد هؤلاء الأشخاص المجانين قد فجر شيئا ما، سيجد الناس أجزاء من أجسامهم على سقفهم بعد الانفجار ".

وبدأت العمل على الفيلم في عام 2006 لأن هذا هو العام الذي بدأ فيه العنف الطائفي الشيعي والسني يصبح شديدا، موضحة "بالطبع هذه هي تداعيات الغزو الأميركي، لأن هذه هي الطريقة التي قسموا بها البلاد، كان الأمر يتعلق بالشيعة والسنة، فهذا كل ما رأوه"، مشيرة "في فبراير/ شباط  2006، وقع انفجار كبير في مزار شيعي خارج بغداد، وتفاعل المسلمون الشيعة فعلا مع ذلك، تسبب الانفجار في وجود تنظيم القاعدة في العراق، وفجأة  أصبحت المدينة مقسومة على هذه الجدران الأمنية الخرسانية الكبيرة، مقسمة حسب الأعراق أو الأديان ".

وتذكرت أن العنف أدى إلى تهديد خاص ضد النساء، قالة "كانت النساء تحت ضغط من الميليشيات الدينية، وتم العثور على الكثير من الجثث النسائية في الشارع أو ملقاه في النهر، وكانت جثثهم مكتوبة عليهم (هذا ما يحدث للنساء المساقطات)، لقد قُتلن بسبب ارتدائهن للشيء الخطأ، أو لأنهن كن خارج المنزل، كانت أحد صديقاتي في سيارة أجرة متوجهة إلى الجامعة وقال السائق لها (هل تلقيت الفتيات في الجامعة خطابنا؟ لا نحب ما ترتديه الفتيات)، وكانت الفتيات ترتدين الجينز، وبعد بضعة أسابيع  تم تفجيرهن في تلك الجامعة "، وعلى الرغم من ذلك حاول الناس الاستمرار في الحياة الطبيعية، وأخذ أطفالهم إلى المدرسة، لكنهم أبعدوهم عن الشوارع لتجنب تجار المخدرات والميليشيات والعصابات والمجرمين الانتهازيين.

وتقول منتجة التصاميم للفيلم، راية آسي، إن الحياة في بغداد عام 2006 كانت مروعة حقا، حيث اضطرت لارتداء الحجاب، ودخلت الميليشيا إلى منزلها، وتتذكر خوفها من إعطاء توجيهات لسائق سيارة أجرة حيث الدخل في الطريق الخطأ وتعرضها للانفجار، وهي تشعر بالذنب لأنها كانت تمتع بشرب القهوة مع والدتها في نفس الصباح الذي قُصفت فيه مدرسة ابنها الصغيرن وفي ليلة رأس السنة الجديدة، بسبب حظر التجوال، لم يكن من الممكن الاحتفال دون قضاء الليلة بأكملها في المنزل الذي كنت تزوره، ولم تكن هناك قاعات أو دور سينما أو فنادق لاستخدامها كأماكن لحفلات الزفاف أو المناسبات، فكل التفاصيل الدقيقة للحياة تغيرت، والقتال لم يكن خيارها، مضيفة "تم إغلاق مدرسة ابني، مما تركه والعديد من الأطفال الآخرين للجلوس في منازلهم، كان لدينا مولد لأشياء الضرورية في المنزل، لكننا قررنا أن نعطيه كل الكهرباء حتى يتمكن من اللعب على جهاز إكس بوكس، ونتيجة لهذه الظروف، يقول أسي إن جيل كامل من الأطفال العراقيين معزول اجتماعيا، ولا يمكنه المشاركة في أي شيء، ولا حتى مشاعرهم.

وتدير آسي ورشة عمل عن بناء السلام وحل النزاعات مع مجموعات المجتمع المدني في بغداد، وهي تعمل مع العديد من الشباب الذين ولدوا في حوالي عام 1999 أو عام 2000، والذين أصبحوا الآن في سن الرشد ولم يعيشوا حياة الرفاهي مثلما عاش العراقيون كبار السن، وتؤكّد أنّه "كانت هناك حدائق في كل مكان، الناس على الدراجات في كل مكان، عندما كبرت، كان هناك تقليد الذهاب إلى السينما مرة واحدة في الأسبوع، عندما كان ابني صغيرا لم يكن هناك سينما يمكنه أن يذهب إليها، ويشعر الشباب بأن لهم الحق في أن يغضبوا، وأن يكونوا في الجيش، فهم لا يؤمنون بالسلام، ولكننا نخبرهم بما حدث في الواقع، الدم في كل مكان، والقمامة في كل مكان، كلما مات شخص ما، اضطررت إلى إزالة أسمه من هاتفي المحمول، واعتقدت أنني سأكون قريبا مجرد اسم بحاجة إلى إزالته من هاتف شخص آخر. "

وتجد آسي بعض الفكاهة القاتمة في هذا الوضع، حيث تتذكر الحاجة إلى إخفاء المشروبات الكحولية في زجاجة فانتا، قائلة" عندما أقول أريد فانتا، يقول أصدقائي" أنت تعني فودكا"، وتوضح قصة الباجة وآسي أن قصة العراق ليست مجرد غزو واحد أو حرب واحدة أو حدث واحد، حيث تقول آسي "كان هناك العديد من النساء في سن والدتي اللواتي عاشن خلال الحرب الإيرانية-العراقية في الثمانينات، ولم يخبروا قصصهم عن كيفية عيشهم بدون رجال وبناء حياتهم، وحدث ذلك مرة أخرى في عام 1991 في حرب الخليج وتكرر ذلك مرة أخرى في عام 2003. "

وتذكر الباجة العقوبات التي سبقت الاحتلال الأميركي الأخير حيث "تمزيق المجتمع إلى أشلاء" وهي خسارة مستمرة لا هوادة فيها، إن الأمر يتعلق بخسارة المكان الذي ظننت أنك تعيش فيه، والأشخاص الذين اعتقدت أنهم عاشوا معك، ومؤسسات ثقافية كبرى تم تفجيرها، وتشعر جبوري أن العالم ينظر إلى بلادها على أنها مستنقع من الجهل، قائلة“ لقد تم تقديم العراق لعقود من الزمن كمصدر للشر والقسوة وتهديد لجيرانه والعالم، لم تفرق وسائل الإعلام بين الديكتاتور والمواطنين الأفراد في البلاد، وبالتالي سيظهر الفيلم الحياة التي لا يراها العالم للمواطنين العراقيين"، مضيفة" وهو الأمر الغائب في وسائل الإعلام وعن ضمير العالم، كان من السهل جدا لوم هؤلاء الأشخاص الغائبين وتحميلهم المسؤولية عما حدث في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، في مكان يبعد آلاف الأميال، مثل الولايات المتحدة"، وفي حين بقي جبوري في بغداد طوال فترة الاحتلال، اضطرت آسي إلى المغادرة في عام 2007 لحماية ابنها، وقد تلقى رعايته من قبل أقاربه في الأردن بينما تابعت هي قضية اللجوء الخاصة بها بنجاح في السويد، وعادت إلى بغداد بمجرد أن كبر ابنها بالقدر الكافي للذهاب إلى الجامعة، ومثل جابوري  هي تشعر بحب قوي للمدينة، قائلة "أنا من هذا المكان، وأحب أن أذهب إلى هذا المكان، يجب أن أدافع عنه ضد كل الأشياء التي دفعتني إلى الخروج"، وتقول النساء الثلاث إن الحياة في بغداد تحسّنت إلى حد ما، لقد تم استبدال العنف والتخويف المتفجر بصدمة قاسية حادة، وصعوبات اقتصادية ، وبنية تحتية غير كافية، وخدمات أساسية، وفساد الدولة، وتقول جبوري "لقد أصبحت الآن ثقافة المجتمع ككل"، محذرة "إن مساحة حرياتنا تضيق يوما بعد يوم، والتي أعني بها الحريات الشخصية، خاصة للنساء من جميع الأحزاب السياسية، اللاتي يطالبن بحقوقهن".

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم يوم آخر في بغداد المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق فيلم يوم آخر في بغداد المثير يوضّح تداعيات العنف الطائفي في العراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة

GMT 06:44 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

هنيئا لنا برئيس حكومتنا الذي يُضحكنا..!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib