شكَّكت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الدولية بنزاهة الانتخابات الإيرانية لمجلسي الشورى "البرلمان" وخبراء القيادة، المزمع إجراؤها في 26 و27 شباط/فبراير المقبل، بعد إقصاء مرشحي التيار الإصلاحي، وعدم السماح بترشيح من ينتمون لتيارات سياسية خارج إطار النظام الحاكم.
وأكدت المنظمة، في تقرير لها عبر موقعها الرسمي، تحت عنوان "حرية ونزاهة الانتخابات الإيرانية تحت التهديد"، أن أوجُه التقصير الانتخابية الخطيرة تقيّد حقوق الإيرانيين في الترشح للانتخابات وتضر بفرص عقد انتخابات برلمانية حرة ونزيهة.
واستبعدت السلطات الإيرانية، وبحسب المنظمة، من السباق الانتخابي غالبية المرشحين الإصلاحيين بناءً على معايير تمييزية وتعسفية، مؤكدة أنه ما زال عشرات النشطاء السياسيين والصحافيين وراء القضبان جراء ممارسة حقوقهم.
وأضافت المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن، بقولها: يعاني النظام الانتخابي الإيراني من مشاكل هيكلية جسيمة تقوّض فرص عقد انتخابات حرة ونزيهة، ولم يُستبعد المرشحون من التنافس الانتخابي بناءً على قوانين معيبة من الأساس فحسب، إنما أيضًا يتخذ بعض المسؤولين إجراءات متعسفة تتجاوز سلطاتهم القانونية لاستبعاد أي مرشحين يشكلون خيارًا آخرًا يمكن للناس التصويت لهم.
ورفض مجلس صيانة الدستور ترشيح 99% من الإصلاحيين لانتخابات مجلس الشورى، كما أقصى الكثيرين منهم للترشح لانتخابات مجلس خبراء القيادة على رأسهم حسن الخميني، حفيد مؤسس دولة إيران.
ويعتبر مجلس صيانة الدستور، أعلى هيئة رقابية يتحكم بها المرشد؛ حيث يعيِّن 6 فقهاء من أصل 12 فقيهًا وحقوقيًّا يشكلون المجلس، مسؤولين عن مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية ومجلس خبراء القيادة الإيرانية.
واستبعد المجلس أكثر من 6500 مرشح رغم أن المجالس التنفيذية لوزارة الداخلية، المسؤولة عن مرحلة التدقيق الأولى، وأعلنت من قبل أن 90% من المرشحين مستوفين للشروط المنصوص عليها في قانون الانتخابات، إذ تنص قواعد الترشيح على أنه لا يمكن أن يكون للمرشح سجل جنائي وعليه التعهد بالالتزام بإيديولوجية الدولة، "ولاية الفقيه"، وبالدستور.
وبحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش"، يضع هذا المبدأ العام السلطة الدنيوية والروحية في يد المرشد الأعلى، المفترض أن يكون أعلى عالم دين في إيران، مؤكدة أنه لمجلس صيانة الدستور سلطات متعسفة تسمح له باستبعاد المرشحين حتى إذا استوفوا المعايير التمييزية المنصوص عليها في قوانين الانتخابات، وأنه في الأعوام الأخيرة، وسَّع المجلس نطاق الإشراف بالموافقة والرفض الخاص به واتخذ تدابير تعسفية، منها جمع المعلومات من مصادر غير معلنة، يمكنه عن طريقها استبعاد من شاء من المرشحين.
وذكر أحد أعضاء لجنة سياسات الإصلاحيين، حسين مرعشي، في مقابلة مع موقع "إيلنا" شبه الرسمي، أن 30 مرشحًا فقط من بين 3000 مرشح إصلاحي هم الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، وهو حوالي 1%.
كما أشار تقرير "هيومان رايتش ووتش" إلى المرشحين البارزين من التيار الإصلاحي الذين أقصاهم مجلس صيانة الدستور من خوض الانتخابات كرسول منتجب نيا، نائب رئيس حزب "اعتماد ملي" الإصلاحي الذي أسَّسه مهدي كروبي، وهو أحد المرشحين الإصلاحيين الاثنين في انتخابات 2009 الرئاسية، وكذلك ماجد فراهاني، رئيس حزب "نداء إيران" الإصلاحي؛ وأكبر علامي، العضو الإصلاحي السابق في البرلمان.
ورفض مجلس صيانة الدستور ترشيح كل مرشحي حزبي اعتماد ملي، و حزب "كارغوزاران" المقرب من رفسنغاني، من انتخابات مجلس الشورى؛ إذ تم استبعاد جميع مرشحي حزبه الـ100 الذين سُجلوا في قوائم المرشحين.
وأكدت رايتس ووتش أن عددًا كبيرًا من المرشحين استُبعدوا جراء آرائهم السياسية، وأن هناك عدة مرشحين مُستبعدين تحدثت إليهم المنظمة، شرط عدم إعلان هوياتهم خوفًا من أي تنكيل حكومي، وقالوا إنهم قدموا جميع الأوراق الإجرائية اللازمة وإن استبعادهم كان بسبب معتقداتهم السياسية أو إداناتهم السابقة أو حبسهم بسبب جرائم أمن وطني، أساسها أنشطة مشروعة.
وبموجب الدستور الإيراني على كل مرشح إظهار إيمانه العملي بالدين الإسلامي والنظام المقدس للجمهورية الإسلامية الإيرانية وأن يعلن الولاء لـ"المبدأ التقدمي الخاص بالحكم المطلق لمبدأ ولاية الفقيه وللدستور، كما يحظر القانون على مؤيدي الأحزاب السياسية غير القانونية والجماعات والأفراد المُدانين بالعمل ضد الأمن الوطني الترشح للانتخابات.
وأبرزت المنظمة الانتفاضة الخضراء وحملة القمع الحكومية العنيفة التي تلت انتخابات 2009 الرئاسية المُتنازع عليها، وقالت إنه تم اعتقال مئات النشطاء السياسيين والمتظاهرين السلميين، وتمت إدانتهم في محاكمات متصلة بالأمن الوطني لم تستوفِ المعايير الدولية، بعضهم ما زالوا وراء القضبان، مثل مصطفى تاج زاده، وهو سياسي إصلاحي، وبهاره هدايت، المدافعة عن حقوق الإنسان، المحظوران فعليًّا من الترشح.
وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 2015 ذكر الناطق باسم مجلس صيانة الدستور، نجات الله ابراهيميان، في مقابلة مع "وكالة أنباء تسنيم" الإيرانية، أن المرشحين للانتخابات يجب أن يلتزموا بحدود واضحة تفصلهم عن أحداث 2009، قاصدًا احتجاجات ما بعد الانتخابات.
وفي العام 2010 أمر فرع المحكمة الثورية بحلّ أحزاب الإصلاح البارزة "مشاركت إسلامي" و"مجاهدين انقلاب"، جزئيًا بسبب مشاركة قيادات الحزبين وأعضاء منهما في احتجاجات 2009، ومنذ العام 2011 تحفظت السلطات الإيرانية على شخصيات المعارضة البارزة مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، وزهرا رهنورد، زوجة موسوي، رهن الإقامة الجبرية من دون أوامر قضائية.
وتكررت دعوة هيومن رايتس ووتش بإخلاء سبيل هؤلاء الأشخاص، الذين تعتبر احتجازهم تعسفيًّا، بحسب فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر