توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس أوكرانيا بمواصلة ضرب منشآت الطاقة فيها ردا على هجمات كييف، لا سيما في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو إلى أراضيها عام 2014، وأقرت بأنها معرضة للخطر. وأسقط الأسطول الروسي في سيفاستوبول، عاصمة القرم، طائرة مسيّرة على ما أعلنت السلطات المحلية أمس الخميس في مؤشر إلى المخاطر التي لا تزال تواجه شبه الجزيرة التي تعهدت كييف باستعادتها. وأقر الكرملين الخميس بوجود «خطر» من وقوع هجمات أوكرانية على مواقعه إثر هجمات عدة نسبت لأوكرانيا بعيدا عن خط الجبهة. وفي الأيام الأخيرة استهدفت عدة قواعد عسكرية روسية بينها اثنتان تبعدان 500 كيلومتر عن أوكرانيا، بمسيّرات. وفي مؤشر إلى التوتر الحاصل في القرم، أعلنت أجهزة الأمن الروسية توقيف شخصين يشتبه بأنهما تجسسا لحساب أوكرانيا في القرم عبر نقل معلومات حول أهداف عسكرية.
وتعرض الأسطول الروسي في البحر الأسود ومقره في مرفأ سيفاستوبول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) لما وصفته السلطات بهجوم «مركّز» من مسيّرات ألحقت أضرارا بسفينة واحدة على الأقل. وفي مطلع أكتوبر لحق دمار جزئي بالجسر الذي يربط القرم بروسيا جراء انفجار نسبته موسكو للقوات الأوكرانية.
ولدى تقليده أوسمة لجنود وشخصيات الخميس في الكرملين، دحض بوتين الانتقادات الغربية للضربات الروسية التي حرمت ملايين الأوكرانيين في الأسابيع الأخيرة من الكهرباء وأحيانا الماء والتدفئة وسط درجات حرارة متدنية، وقال الرئيس الروسي: «نعم، نحن نفعل ذلك لكن من بدأ ذلك؟»، معتبرا أن عمليات القصف هذه هي رد على انفجار ألحق أضرارا مطلع أكتوبر بجسر القرم الذي بنته روسيا، وهجمات أخرى نسبتها موسكو إلى كييف. كذلك ألقى بوتين باللوم على كييف في «نسف خطوط كهرباء محطة الطاقة النووية في كورسك»، وهي منطقة روسية عند حدود أوكرانيا، و«عدم توفير المياه» لمنطقة دونيتسك الانفصالية الموالية لروسيا في شرق البلاد. وأضاف «من جانبنا، بمجرد أن نفعل شيئاً كردّ فعل، ينتشر الضجيج والصخب في جميع أنحاء الكون». وتابع «لن يعيقنا ذلك عن القيام بمهامنا القتالية». وتظهر هذه الهجمات التي ترافقت أيضا مع سلسلة من الانتكاسات الروسية في أوكرانيا أن موسكو تواجه صعوبة في تعزيز مواقعها وحماية قواعدها الخلفية بعد تسعة أشهر على بدء الهجوم الروسي. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين لصحافيين: «ثمة مخاطر لأن الجانب الأوكراني يواصل اتباع نهجه في شن هجمات إرهابية». لكنه أضاف أن إسقاط المسيّرة «يظهر أن إجراءات مضادة فعالة تتخذ».
وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات التي عينتها موسكو في القرم بناء تحصينات وخنادق، خصوصا وأن القوات الأوكرانية استعادت في نوفمبر (تشرين الثاني) جزءا من منطقة خيرسون الحدودية. ومع احتمال ألا تتحرك خطوط الجبهة في الشتاء، يلجأ الأوكرانيون بشكل متزايد إلى المسيّرات لضرب قواعد روسية تقع بعيدا عن الجبهة في حين يقصف الروس منشآت الطاقة الأوكرانية حتى لو تسبب ذلك بقطع التدفئة عن المدنيين وسط البرد الشديد.
وقالت شركة «أوكرينيرغو» المشغلة للكهرباء إن شبكة الكهرباء لا تزال تعاني الخميس من «نقص ملحوظ» بعد الضربات الروسية الأخيرة. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمواطنين إن انقطاعات الكهرباء سوف تستمر عبر أغلب المناطق في البلاد، رغم أن العمال يسابقون الزمن لإصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الخاصة بالكهرباء جراء الهجمات الروسية، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء. وفي الكلمة التي ألقاها مساء الأربعاء، قال زيلينسكي إن القدرة على إنتاج الكهرباء تتسع باطراد، ولكن حذر من أنه لن يكون ممكنا على المدى القصير إعادة أنظمة الطاقة إلى حالتها ما قبل الحرب. وأعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق عن حزمة تاسعة من العقوبات ضد روسيا، بما في ذلك قيود على الحصول على الطائرات المسيرة والمواد الكيميائية والتقنيات العسكرية.
وفي خيرسون يبقى الوضع متوتراً مع تواصل ضربات روسية منتظمة تسببت بمقتل تسعة أشخاص أمس (رويترز)
واقترب الجيش الأوكراني في الأسابيع الأخيرة من شبه جزيرة القرم بفضل هجوم مضاد سمح له باستعادة مدينة خيرسون الاستراتيجية في جنوب البلاد. وفي هذه المنطقة حيث يفصل نهر دنيبرو بين القوات الروسية والأوكرانية، يبقى الوضع متوترا مع ضربات روسية منتظمة على خيرسون.
أعلن الكرملين أمس الخميس، أن روسيا لا تخطط حاليا لضم المزيد من الأراضي في حربها ضد أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الكرملين: «لا يوجد شك في ذلك»، بحسب وكالة الأنباء الروسية إنترفاكس. ولكن هناك، على حد قوله «المزيد من العمل» يجب القيام به «لتحرير» الأراضي التي تم ضمها من السيطرة الأوكرانية. وضمت روسيا المناطق الأوكرانية لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا رغم احتجاجات من جانب أوكرانيا والغرب بأن الخطوة تمثل انتهاكا للقانون الدولي.
وقال حاكم أوكراني محلي إن روسيا نشرت المزيد من القوات قرب مدينة ليسيتشانسك في محاولة للسيطرة على قرية بيلوهوريفكا. وتحدث قائد آخر في منطقة أخرى تشهد معارك شرسة عن تكثيف روسيا للهجمات الجوية.
وقال سيرهي جايداي حاكم منطقة لوجانسك للتلفزيون الأوكراني «إنهم يأتون بالمزيد والمزيد من قوات الاحتياط» للمنطقة المحيطة ببيلوهوريفكا لمحاولة السيطرة على القرية وهناك «هجمات متواصلة».
وذكر الحاكم المحلي أن في منطقة باخموت ومناطق أخرى من دونيتسك المجاورة للوجانسك، تسببت الهجمات في مقتل تسعة مدنيين. وقال شهود من «رويترز» إن القوات الأوكرانية ردت بإطلاق وابل من قاذفات الصواريخ.
وقالت تاتيانا أجناتشينكو المتحدثة باسم إدارة دونيتسك إن القتال يدور على طول خط ترسيم الحدود في دونيتسك، وشهدت بلدة أفدييفكا قصفا روسيا بالدبابات صباح أمس الخميس.
وعلى بعد مئات الأميال عبر الحدود الشمالية لأوكرانيا، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها تستعد للقتال في الشتاء من خلال المشاركة في تدريبات تكتيكية في روسيا البيضاء. وتسببت موجة من التحركات الروسية العسكرية والدبلوماسية في روسيا البيضاء في الأسابيع القليلة الماضية في إثارة مخاوف من أن موسكو تضغط على حلفائها للمشاركة أكثر في الحرب في أوكرانيا. وسمح ألكسندر لوكاشينكو رئيس روسيا البيضاء بأن تكون بلاده منصة انطلاق للغزو الروسي على أوكرانيا. واعتمد لوكاشينكو على القوات الروسية للقضاء على انتفاضة شعبية في بلاده قبل عامين. ولم يسمح حتى الآن لجيشه بالمشاركة في الحرب. لكن الأسابيع القليلة الماضية شهدت مؤشرات متزايدة على احتمالات مشاركة روسيا البيضاء. وزار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يوم السبت وبشكل غير معلن العاصمة مينسك. ووقع هو ونظيره في روسيا البيضاء على تعديلات في اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين دون الإفصاح عن بنودها الجديدة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «جنود في المنطقة العسكرية الغربية... يواصلون تدريبات قتالية مكثفة في ميادين القوات المسلحة لجمهورية روسيا البيضاء».
وأضافت «التدريبات القتالية تتم خلال النهار والليل». وتقول أوكرانيا إن الآلاف من الجنود الروس موجودون في روسيا البيضاء منذ أكتوبر، وتتحدث السلطات في روسيا البيضاء بشكل متزايد عما تصفه بتهديد إرهابي عبر الحدود.
وصرح المستشار الألماني أولاف شولتس بأنه يرى أن خطر حدوث تصعيد نووي بالحرب في أوكرانيا تضاءل. وقال شولتس لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية وكذلك لصحيفة «كويست فرنس» الفرنسية في تصريحات نشرت الخميس: «روسيا توقفت عن التهديد باستخدام أسلحة نووية». وتابع المستشار الألماني: «خلال زيارتي لبكين تحدثت أنا والرئيس الصيني شي جينبينغ أنه لن يتم السماح باستخدام أسلحة نووية. وبعد ذلك بوقت قصير أكدت دول مجموعة العشرين جي 20 هذا الموقف». وناشد شولتس روسيا إنهاء الحرب فورا وسحب القوات من أوكرانيا، وقال: «من الصائب أن يتعلق السؤال بعد ذلك بالطريقة التي يمكننا من خلالها تحقيق الأمن لأوروبا». وتابع المستشار الألماني: «بالطبع إننا مستعدون للتحدث مع روسيا بشأن مراقبة التسلح في أوروبا. عرضنا ذلك بالفعل قبل الحرب ولم يتغير شيء في هذا الموقف».
ودافع شولتس مرة أخرى عن حجم الدعم الألماني لأوكرانيا، وقال: «ألمانيا تنتمي، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، للدول التي تدعم أوكرانيا بأقصى درجة، بالأسلحة أيضا». وأشار إلى أن بلاده تتحمل تبعات اقتصادية وتنفق مزيدا من الأموال على قدراتها الدفاعية من أجل إنقاذ نظام السلام في أوروبا، وقال: «لأنه ليس هناك أي ضمان أن روسيا لن تهاجم دولا أخرى» وفي الوقت ذاته أكد المستشار الألماني «إننا نفعل كل شيء من أجل الحيلولة دون حدوث حرب مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو). مثل هذا النزاع لن يسفر سوى عن خاسرين، في جميع أنحاء العالم».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر