واشنطن - المغرب اليوم
صلَّى أعضاء المركز الإسلامي في فيكتوريا بولاية تكساس على أضواء البطاريات داخل مبنى مُتنقِّل لا تُوجَد به كهرباء ولا مياه، على بُعد خطواتٍ من أنقاض مسجدهم، إذ احترق المسجد بالكامل في ساعات الصباح الباكر من يوم 28 يناير/كانون الثاني، بعد ساعاتٍ من إصدار الرئيس دونالد ترامب قرارًا بحظر مواطني 7 دولٍ ذات غالبية مسلمة من السفر إلى أميركا، ولم تُحدِّد السلطات بعد سبب الحريق.
وأكّد عضو مجلس إدارة المركز الإسلامي، آبي العجرمي، أنَّ عمدة المدينة وقائد الشرطة كانا داعمين للغاية، وأثناء تأدية المصلين الصلاة على أضواء البطاريات، أرسل قائد الشرطة ضُبَّاطاً إلى المنطقة من أجل الحماية، وحافظ حاكم الولاية غريغ أبوت، والرئيس ترامب، على صمتهما حيال حريق المسجد بصورةٍ لافتةٍ للنظر.
وأشار العجرمي إلى أنه "ستكون خطوةً لطيفة إذا ما أجرى أبوت اتصالاً وسأل عمَّا يمكن له فعله، لكنَّ الحكومة المحلية كان موقفها استثنائياً تماماً"، ولم يعلّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحادثة، رغم انتقاده الاحتجاجات على أحد قادة اليمين المُتطرِّف في مدينة بيركلي بكاليفورنيا، والتي تحوَّلت إلى أعمال عنف، حيث أشار إلى أنه سيسلك نهجاً أكثر صرامةً تجاه إيران، وأن الولايات المتحدة تحتاج إلى أن "تكون ذكيةً" بعد حادثة الطعن خارج متحف اللوفر في باريس الجمعة، 3 فبراير/شباط
وتوَاصَل صمت الرئيس حينما وقع هجومٌ على أحد المساجد في مدينة كيبيك الكندية يُزعَم أنَّ مُنفِّذه قوميٌّ أبيض، أفادت التقارير بأنَّه عبَّر عن دعمه لترامب، وفي حين عبَّر ترامب عن تعازيه لضحايا الهجوم خلال اتصالٍ هاتفي مع رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، كان مجمل ما قاله البيت الأبيض هو أنَّ الهجوم أثبت أنَّ موقف ترامب الصارم تجاه الأمن القومي أمرٌ ضروري، "ولم يُصدر البيت الأبيض بياناً هو الآخر".
وأوضح المتحدِّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، خلال بيانٍ صحافي موجز في 30 يناير/كانون الثاني أنه "تذكيرٌ مُروِّع بالسبب الذي من أجله يجب أن نبقى يقظين، والسبب الذي من أجله يتَّخذ الرئيس خطواتٍ لنكون استباقيين، بدلاً من الاعتماد على سياسة رد الفعل عندما يتعلَّق الأمر بأماننا وأمننا القوميين"، ومع ذلك، استهدف خطاب ترامب وأعماله المسلمين وحدهم، وتفيد التقارير بأنَّ البيت الأبيض سيحذف أنصار فكرة "تفوق العِرق الأبيض" من برنامج مكافحة التطرُّف العنيف الذي يعود إلى حقبة أوباما، وسيُركِّز البرنامج حصراً على التطرُّف الإسلامي.
ولا يزال العجرمي يأمل بأنَّ الحريق لم يكن عملاً متطرّفًا أو تهديداً، مضيفًا أنه "نأمل بأن نتلقّى تلك المكالمة التي تخبرنا بأنَّ الحريق كان ناتجاً عن مشكلةٍ كهربائية. سندع ذلك الأمر الآن إلى قوات إنفاذ القانون"، وأنَّ المسجد بُني عام 2000 بعد قدوم شخصين باكستانيين، طبيب ومهندس، إلى بلدة فيكتوريا من أجل العمل. ويتراوح عدد رواده بين 100 و130 شخصاً، ويعود السبب جزئياً في هذا التأرجح في العدد إلى توفُّر العمل في حقول النفط القريبة، التي تُمثِّل أحد المُحرِّكات الاقتصادية الضخمة في المنطقة، وأنَّ المساعدة للمركز الإسلامي جاءت من جميع الأديان، بما في ذلك المسلمون، والكاثوليك، واليهود، واللوثريون "البروتستانت".
ويُجسِّد شريف رشيد، أحد سكان فيكتوريا، ذلك التداخل بين الأديان؛ فهو محاربٌ قديم، ومن السكان الأصليين في بلدة فيكتوريا، وابنٌ لوالدٍ مسلم، وأمٍ لوثرية، وكشف رشيد أنَّه لم يكن متفاجئاً من دعم المجتمع، فقد أنشأ والده عمر صفحةً على موقع "GoFundMe" الإلكتروني بهدف جمع 850 ألف دولار. وبحلول السبت، 4 فبراير/شباط، كان الموقع قد تلقَّى تبرُّعاتٍ تجاوزت 1.1 مليون دولار من أكثر من 23 ألف شخص، وأن "هذه بلدةٌ متسامحة، وهذا أحد أكثر الأماكن أمناً بالنسبة لي، وأستخدمُ اسمي، شريف، هنا دون خوف"، وبينما تنتظر بلدة فيكتوريا كشف سبب الحريق، يمضي أعضاء المسجد قُدُماً من خلال خططٍ لإعادة البناء، إذ كانت فِرَق الهدم في موقع المسجد ظهر الجمعة، 3 فبراير/شباط، تُجرِّف الأنقاض، وتتخلَّص منها داخل مِكبَّين كبيرين.
وقال العجرمي إنَّ المسجد الجديد سيضم القباب الذهبية التي أُنقِذَت من الحريق، والتي وُضِعَت بقرب أحد الجدارين المتبقيين من البناء بعد أن تضررت وأُحيل لونُها إلى الأسود جرَّاء الحريق، مشيرًا إلى أنه "يمكنك أن تكون الفعل، أو رد الفعل"، وقد أُعيدت الكهرباء لتوّها إلى المبنى المجاور للمسجد، الذي يستُخدِم كموقعٍ لإنارة البطاريات أثناء صلاة الفجر، ويتدفَّق الماء الآن من الصنابير أيضاً، وأضاف عجرمي: "اخترنا أن نكون الفعل".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر