بالرغم من قضائه سنوات عدة من عمره خلف القضبان، بعد الانقلاب العسكري عام 1980 واثر الانقلاب الفاشل العام الماضي، لا يزال السياسي الكردي البارز أحمد ترك يؤمن بالسلام دون ان يخفي خشيته من تداعيات الاستفتاء التركي الشهر المقبل.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس قال ترك ان استفتاء 16 نيسان/أبريل حول الموافقة او عدم الموافقة على تعزيز صلاحيات رئيس البلاد رجب طيب اردوغان، يشكل "اختبارا" للأكراد.
واضاف رئيس البلدية السابق لمدينة ماردين خلال الحديث في منزله في هذه المدينة "سواء كانت النتيجة نعم او لا، الحدث بالتأكيد مهم لتركيا، لكن فيما يتعلق بالأكراد على وجه الخصوص أرى ان ذلك سيكون بمثابة اختبار".
وأمضى السياسي المخضرم البالغ من العمر 74 عاما سنوات من عمره في السجن، منها 20 شهرا بعد الانقلاب العسكري عام 1980، والاعتقال الأخير كان في تشرين الثاني/نوفمبر بعد ايام على اقصائه من رئاسة بلدية مدينة ماردين ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق تركيا.
وجاء اعتقال ترك العضو البارز في حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد بتهمة الارتباط بالمسلحين الأكراد، وهو ما سبب حالة من الغضب في كل انحاء تركيا.
وأمرت محكمة باطلاق سراحه في 3 شباط/فبراير بعد ان عبّر مناصرون له عن القلق حول حالته الصحية، لكنه ما زال ممنوعا من السفر بانتظار محاكمته.
وفي مقال في صحيفة حرييت وصف الكاتب احمد هاكان ترك بأنه السياسي "الأكثر سلاما والأكثر معاداة للعنف والأكثر حكمة" داخل الحركة الكردية.
وفي دلالة على شعبية ترك، فان خصوما سياسيين له ساعدوا على اطلاق سراحه ومنهم دنيز بايكال الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري.
-"ضغوط شديدة"-
كان ترك واحدا من 43 ألف شخص تعرضوا للاعتقال بعد الانقلاب الفاشل في 15 تموز/يوليو الماضي.
وفي الأيام التي تلت الانقلاب فرضت الحكومة التركية حالة طوارىء تم تمديدها مرتين، ومن المرجح ان تمدد مرة جديدة عند انتهاء الفترة الحالية في 19 نيسان/ابريل.
ونفذت الحكومة حملة شهدت طرد 100 ألف شخص من وظائفهم او ايقافهم عن العمل للاشتباه بارتباطهم بالمشاركين او المخططين للانقلاب اضافة الى المسلحين الأكراد.
ومن بين المعتقلين 13 نائبا من حزب الشعوب الديموقراطي، الكتلة الثالثة في البرلمان، بمن فيهم رئيس الحزب صلاح الدين دميرتاش وفيغن يوكسكداغ التي لا تزال خلف القضبان.
وتم عزل 80 رئيس بلدية من مناصبهم في جنوب شرق البلاد وخاصة في دياربكر، وتم تعيين بدلاء عنهم من الموثوقين من قبل الحكومة.
الا ان هذه التصرفات لم تفاجىء ترك.
وقال والتعب باد على وجهه "في الحقيقة مع توجه تركيا الى الاستفتاء تنبأنا بأنه سيكون هناك ضغوط شديدة ضد السياسيين الأكراد، وانه سيلقى بهم في السجون".
واشار الى انه ايا كان الاتجاه الذي سيذهب اليه الاستفتاء، فمن المرجح ان يؤدي الى مزيد من المتاعب للأكراد.
وقال "اذا فازت ’النعم’ في الاستفتاء، سوف يكون هناك المزيد من التفكير القمعي، لكن اذا فاز ال ’لا’ قد نشهد سياسة تجعل القوى الديموقراطية تدفع الثمن بدءا من الأكراد".
-’السلام هو الطرق الوحيد’-
منذ عام 1984 شن حزب العمال الكردستاني المحظور تمردا ضد الدولة التركية للمطالبة بمزيد من الحقوق وبالاستقلال الذاتي للأقلية الكردية.
وأدى هذا التمرد الى مقتل 40 ألف شخص حتى الآن.
وفي صيف 2015 تجدد العنف بعد انهيار وقف لاطلاق النار استمر عامين ونصف عام، مع تعهد أنقرة بالقضاء على حزب العمال.
ومنذ ذلك الوقت تعرضت تركيا لموجة من الهجمات تبنى العديد منها الانفصاليون الأكراد، مع شن القوات العسكرية عملية واسعة "ضد الارهاب" في جنوب شرق البلاد هذا الشهر.
وتم فرض منع التجول في العديد من المدن.
وحض ترك على العودة الى عملية السلام: "في النهاية ليس هناك طريق آخر سوى السلام، وليس هناك خيار آخر بديل عن السلام"
ولكنه حذر من السذاجة امام حكومة متشددة.
وقال "هذه المرحلة ليست سهلة، ولا يجب ان نكون حالمين. لأن الذهنية الموجودة اليوم هي ...اسكات الأكراد وخنقهم".
وقال ان انتظار ان تتغير هذه السياسات هو أمر "غير واقعي".
وتابع "لكننا نأمل بأنهم عندما يرون ان (هذه السياسات) غير فعالة، سيبدأ نقاش جديد وحوار جديد، وسوف نعمل معا".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر