رفض رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم الثلاثاء التعامل "بروح انتقامية" مع الانقلابيين الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة فيما استمرت حملة الاعتقالات التي تثير قلقا دوليا.
ووصف الرئيس رجب طيب اردوغان المحاولة الانقلابية التي ادت الى مقتل اكثر من 300 شخص بأنها مسعى للاطاحة به دبره عدوه اللدود، الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة.
واكد يلديريم الثلاثاء ان حكومته ارسلت ملفات الى الولايات المتحدة لطلب تسليم غولن، وقال للبرلمان "لقد ارسلنا اربعة ملفات الى الولايات المتحدة ل(طلب) تسليم كبير الارهابيين"، مضيفا "سنقدم لهم ادلة اكثر مما يريدون".
وفي وقت سابق، رفض يلديريم التعامل "بروح انتقامية" مع الانقلابيين الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة مساء الجمعة، داعيا الى احترام دولة القانون.
واضاف اثر لقائه زعيم اكبر احزاب المعارضة "اليوم، نحتاج الى الوحدة".
ومع توقيف اكثر من 7,500 شخص في اطار عملية تطهير واقالة نحو 9 الاف آخرين، يتصاعد قلق حلفاء تركيا في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي.
واثار اعلان اردوغان احتمال اعادة العمل بعقوبة الاعدام، مخاوف في اوروبا مع التحذير من ان خطوة كهذه قد تقوض مساعي تركيا الانضمام للاتحاد الاوروبي.
وامرت محكمة في انقرة مساء الاثنين باعتقال 26 جنرالا سابقا يشتبه بانهم خططوا لمحاولة الانقلاب، بينهم قائد سلاح الجو السابق الجنرال اكين اوزتورك، والذي قالت بعض وسائل الاعلام انه المخطط الرئيسي لمحاولة الانقلاب.
ووضع الجنرالات خلف القضبان بانتظار محاكمتهم التي لم يحدد موعد لها بعد.
ووجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم منها السعي لقلب النظام الدستوري وتزعم مجموعة مسلحة ومحاولة اغتيال الرئيس.
ونفى اوزتورك امام المدعين ان يكون المخطط الرئيسي للانقلاب.
من جانبها، اعلنت هيئة اركان الجيش التركي الثلاثاء ان "الغالبية الساحقة" من الجيش "لا علاقة لها" بمحاولة الانقلاب.
واكد الجيش في بيان نشر على موقعه ان "الخونة" الذين شاركوا في هذا "العمل الدنيء" سيتلقون "اقسى عقوبة".
- خيانة الامة التركية -
ونشرت وكالة الاناضول صورا لاوزتورك ومتهمين آخرين على الدرج داخل محكمة انقرة، وهم يحدقون في الكاميرا وايديهم خلف ظهورهم.
وبدا اوزتورك متعبا ومنهكا في صور نشرتها وسائل الاعلام الرسمية، وظهر في احداها وعلى اذنه ضمادة كبيرة.
كما اظهرت بعض الصور انصارا للحكومة وهم يعتدون بالضرب على مؤيدي الانقلاب اثناء اعتقالهم.
وقالت وزارة الداخلية ان نحو 9,000 شخص بينهم 8 الاف من الشرطة، اضافة الى مسؤولين محليين، تمت اقالتهم في عملية تطهير واسعة.
ووجهت تركيا اصابع الاتهام في احداث الجمعة الى انصار الداعية غولن، الذي تتهمه انقرة بادارة ما تصفه ب"التنظيم الارهابي الموازي".
وتمارس انقره ضغوطا على واشنطن لتسليمها غولن لمحاكمته في تركيا. لكن وزير الخارجية الاميركي جون كيري قال الاثنين انه يريد ادلة وليس مزاعم.
والداعية المقيم في المنفى أكد في مقابلة مع وسائل اعلام بينها وكالة فرانس برس في مقر اقامته في منطقة سايلورسبرغ في بنسلفانيا بشرق الولايات المتحدة، أن ليس لديه مخاوف بشأن تسليمه الى انقرة.
وقال غولن ان الولايات المتحدة "دولة قانون"، مضيفا "ان القانون فوق كل شيء هنا. لا اعتقد ان هذه الحكومة ستكترث لاي شيء لا يستند الى القانون".
ووصف محاولة الانقلاب بانها "خيانة للامة التركية".
- قمع لا عدالة -
والغت تركيا العمل بعقوبة الاعدام عن كل الجرائم في 2004 لكن الحكومة تقول الان ان هناك ضغوطا متزايدة من الشعب لاعادة العمل بها بحق الانقلابيين.
وقال اردوغان لشبكة سي.ان.ان الاثنين في اول مقابلة مع وسائل الاعلام منذ محاولة الانقلاب انه سيوافق على اي قرار يتخذه البرلمان لاعادة العمل بعقوبة الاعدام.
وقال "هناك جريمة خيانة واضحة".
غير ان الاتحاد الاوروبي الذي تحاول تركيا منذ سنوات الانضمام اليه، حذر من عواقب مثل تلك الخطوة.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني "لا يمكن لاي دولة ان تصبح من دول الاتحاد الاوروبي اذا طبقت عقوبة الاعدام".
واعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها ازاء حملة القمع الواسعة.
وقال جون دالويزن مدير منظمة العفو لاوروبا ووسط آسيا ان "قمع المنشقين والتهديد باعادة العمل بعقوبة الاعدام لا يشكلان عدالة".
ولا يزال اردوغان في اسطنبول منذ عودته السبت من منتجع مرمريس حيث كان يمضي عطلة عندما وقعت محاولة الانقلاب.
واثارت عدم عودته الى العاصمة تساؤلات وتعليقات.
وقال مسؤول طلب عدم ذكر اسمه ان "الرئيس يتابع تطورات الوضع من منزله في اسطنبول. رئيس الوزراء واعضاء الحكومة موجودون في انقرة".
واضاف "يقضي الرئيس معظم اجازات نهاية الاسبوع في اسطنبول ولم ير ضرورة للعودة الى انقرة لان رئيس الوزراء فيها. الوضع تحت السيطرة لكننا نطلب من الشعب البقاء في حالة تيقظ حتى يتم العثور على كل المتورطين" في محاولة الانقلاب.
وقال اردوغان لشبكة "سي.ان.ان" ان حياته كانت في خطر كبير. واضاف "لو بقيت (في مرمريس) 10 الى 15 دقيقة اخرى لكنت اما قتلت واما خطفت".
وقال يلديريم ان 208 اشخاص قتلوا في محاولة الانقلاب بينهم 145 مدنيا و60 شرطيا و3 من الجنود الموالين للحكومة. وقال الجيش ان 104 انقلابيين قتلوا.
الى ذلك، قال مسؤول تركي ان اثنين من الطيارين الاتراك الذين شاركوا في اسقاط طائرة روسية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ما اسفر عن ازمة دبلوماسية بين موسكو وانقرة، هما من بين الموقفين لضلوعهم في محاولة الانقلاب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر