ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الولايات المتحدة حذّرت إيران «سراً» قبل تفجيرين مزدوجين استهدفا مراسم الذكرى الرابعة لمسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، بمدينة كرمان، حيث أسفرا عن نحو 95 قتيلاً، وتبناهما تنظيم «داعش خراسان».
ووجه مسؤولون إيرانيون اتهامات إلى الولايات المتحدة وحليفتها، إسرائيل، بالوقوف وراء تفجيرَي كرمان اللذين وقعا في 3 يناير (كانون الثاني)، قرب مقبرة مدينة كرمان، حيث يحشد «الحرس الثوري» سنوياً لإحياء ذكرى العقل المدبر لعملياته الخارجية الذي قضى في ضربة جوية أميركية قبل 4 سنوات.
وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الولايات المتحدة «نقلت معلومات محددة بما يكفي حول موقع الهجومَين، في الوقت المناسب»، مشددين على أنها «كانت مفيدة لطهران في إحباط الهجوم أو تقليل عدد الضحايا على الأقل».
وقال مسؤول أميركي: «قبل الهجوم الإرهابي في كرمان، زَوّدت الإدارة الأميركية إيران بتحذير خاص بوجود تهديد إرهابي داخل الحدود الإيرانية»، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية اتبعت سياسة «واجب التحذير» منذ أمد طويل عبر الإدارات المختلفة لتحذير الحكومة من التهديدات القاتلة المحتملة.
وأضاف: «نقدم هذه التحذيرات جزئياً؛ لأننا لا نريد أن نرى أرواح الأبرياء تُفقد في الهجمات الإرهابية».
وقالت الصحيفة إنه «رغم المعلومات، فإن إيران فشلت في منع حدوث التفجيرين»، اللذين كانا الأكثر دموية في إيران على مدى 44 عاماً منذ ثورة 1979.
ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القنوات التي استُخدمت لتحذير إيران، أو الكشف عن تفاصيل ما تم تمريره. ولم يذكروا ما إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها واشنطن مثل هذا التحذير إلى النظام الإيراني، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».
وقال مسؤول أميركي إن المسؤولين الإيرانيين لم يردوا على الولايات المتحدة بشأن التحذير. وقال عديد من المسؤولين إنه لم يكن من الواضح سبب فشل الإيرانيين في إحباط الهجومَين أو صدهما.
تأكيدات سابقة
وهذه ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها عن معلومات استخباراتية أميركية متعلقة بهجوم كرمان. ففي 5 يناير، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين مطلعين أن اتصالات اعترضتها الولايات المتحدة أكدت ضلوع فرع تنظيم «داعش» بأفغانستان في تفجيرَي كرمان.
وقال المصدران، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما لحساسية الأمر، إن «المعلومات الاستخبارية واضحة ولا جدال فيها». وأوضحا أن المعلومات ضمت اتصالات جرى اعتراضها، وذلك دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وفي أول تعليق رسمي لها بعد الهجوم، نفت الولايات المتحدة الاتهامات الإيرانية بضلوعها في الهجومَين، قائلة إنها لم تشارك بأي شكل من الأشكال في التفجيرَين، وليس لديها ما يدعوها للاعتقاد بأن إسرائيل متورطة. وذكرت أن التفجيرَين يمثلان فيما يبدو «عملاً إرهابياً» من النوع الذي نفذه مقاتلو تنظيم «داعش» في السابق.
مراسم رغم التهديدات
وبعد الهجوم، تضاربت المعلومات التي قدمها مسؤولون إيرانيون حول العثور على سيارات مفخخة في مدينة كرمان. وفي وقت لاحق، حذفت وكالة «إيسنا» الحكومية صورة من العثور على سيارة مفخخة عشية الهجوم.
وفي السابع من يناير، قال المدعي العام في كرمان، مهدي بخشي، إن الأجهزة الأمنية عثرت على 16 قنبلة في كرمان قبل الذكرى الرابعة لمقتل سليماني.
بدوره، نفى رئيس المحكمة العسكرية في كرمان علي توكلي، وجود أي إهمال في حماية مراسم ذكرى قاسم سليماني، مشدداً على أن الأجهزة الأمنية «اتخذت التدابير الأمنية كافة».
وقال توكلي: «تم العثور في وقت سابق على 16 قنبلة جاهزة للتفجير في مقبرة الجنرال سليماني»، مضيفاً: «عُثر على أكثر من 64 قنبلة في أنحاء البلاد كان من المقرر أن تنفجر في مراسم ذكرى قاسم سليماني». وصرح: «اعتقلنا كل العوامل».
وأثارت المعلومات المتضاربة تساؤلات حول إصرار «الحرس الثوري» على إقامة المراسم رغم التهديدات الأمنية التي جرى رصدها.
ورداً تصريحات المسؤولين القضائيين، نشرت إدارة العلاقات العامة في «الحرس الثوري» بمحافظة كرمان، بياناً ينفي العثور على قنابل قبل مراسم ذكرى سليماني. ووصف البيان «العثور على قنابل» بـ«الإشاعات والافتراءات» حسبما أوردت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
توترات إقليمية
ويأتي الكشف عن التحذير الأميركي لإيران بعدما تعرضت القوات الأميركية لهجمات عديدة من جماعات تخوض حرباً بوكالة عن «الحرس الثوري» الإيراني في المنطقة، بما في ذلك العشرات من الهجمات في سوريا والعراق، وشنّتها فصائل تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق».
وقال مسؤول أميركي سابق لصحيفة «وول ستريت جورنال» إنه قد يكون هناك عدد من الأسباب التي تدفع واشنطن لتحذير إيران. بالإضافة إلى حماية المدنيين الأبرياء، قد يكون المقصود من هذا التحذير منع طهران من الرد على الهجوم بطريقة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، وربما تقويض المصالح الأميركية.
وأذكى تفجير كرمان التوتر الإقليمي الناجم عن الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، وهجمات جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وبدعوى الرد على تفجير كرمان، شنّت إيران هجمات بالمسيّرات والصواريخ، على أربيل مركز إقليم كردستان العراق، وإدلب شمال شرقي سوريا، ومواقع في إقليم بلوشستان باكستان. وقال «الحرس الثوري» الإيراني إنه استهدف «مقرات إرهابية وجاسوسية للكيان الصهيوني في باكستان والعراق وسوريا». والأحد الماضي قال مساعد وزير الداخلية الإيراني سيد مجيد مير أحمدي، إن السلطات اكتشفت وتمكّنت من القضاء على أكثر من 10 خلايا إرهابية منذ الهجوم في مدينة كرمان الإيرانية. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مير أحمدي قوله إن إسرائيل هي «رأس الأفعى لعصابة (داعش)»، وإن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار إلا «بقطع رأسها».
قد يهمك ايضـــــا :
بغداد تلّوح بتعليق الاتفاقية الأمنية مع طهران عقب القصف الإيراني على كردستان
تركيا تحبط مخططاً لـتنظيم داعش للهجوم على السفارة العراقية ومعابد وكنائس
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر