ياتي اتفاق الجمعة بين الاميركيين والروس لارساء هدنة في سوريا عقب محاولات عدة بذلتها موسكو لاقناع واشنطن بتعاون عسكري اوسع في محاربة الجهاديين.
ورغم الخلافات العميقة، يشكل الاتفاق الذي سيليه تعاونا عسكريا غير مسبوق بين موسكو وواشنطن "انتصارا" للروس، بحسب عدد من الخبراء.
- ضربات مشتركة -
بينما كانت روسيا تدعو منذ مدة الولايات المتحدة للانضمام الى توحيد جهودهما في سوريا، كانت واشنطن، حتى ليل الجمعة، ترفض باستمرار المقترحات الروسية.
لكن وزير الخارجية الاميركي جون كيري، بعد ساعات طويلة من المفاوضات في جنيف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، اعطى ليل الجمعة الضوء الاخضر لانشاء مركز روسي اميركي لتنسيق الضربات المحتملة شرط ان تستمر الهدنة في سوريا "اسبوعا واحدا".
وقال خبير الشؤون السياسية فيودور لوكيانوف لوكالة فرانس برس "انه انتصار لروسيا لانها مارست ضغوطا شديدة ليتم التوقيع على هذه النقطة، وقد عملت فترة طويلة للحصول على ذلك".
ويتهم الغرب مرارا موسكو الداعم الرئيسي لنظام الرئيس بشار الاسد، باستهداف الجماعات المعارضة لدمشق، وليس منظمات "ارهابية" حسبما تؤكد روسيا.
وحققت موسكو الجمعة نجاحا آخر. فقد وافقت واشنطن على اقناع الفصائل المعارضة بالانفكاك عن الجهاديين الذين يتحالفون معهم خصوصا في محافظتي حلب وادلب (شمال غرب)، وذلك كما طلبت موسكو مرات عدة.
- بشار الاسد باق -
واذا كان عدوهما المشترك هو تنظيم الدولة الاسلامية وجماعات يعتبرها مجلس الامن الدولي "ارهابية"، تدعم روسيا والولايات المتحدة طرفين متعارضين في النزاع السوري حيث تدعم موسكو دمشق وواشنطن تحالفا لفصائل معتدلة.
وفي عدة مناسبات، طالبت الولايات المتحدة باستقالة الاسد كشرط مسبق لاي خطة سلام. لكن هذا المطلب بات نادرا بعد عام 2013 وتراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن توجيه ضربات ضد النظام.
رغم المفاوضات في جنيف، لم يتم بحث مصير الرئيس السوري. وقال كيري انه طلب من روسيا ممارسة ضغوط على النظام الذي وافق السبت على اتفاق الهدنة.
واشار لوكيانوف الى "حقيقة ان الحكومة السورية تشارك بشكل غير مباشر في الاتفاق -- من خلال الطلب من روسيا ممارسة ضغوط عليها -- فان هذا اعتراف غير مباشر بان الاسد موجود ولا يمكننا ان نفعل شيئا بمواجهة ذلك".
وتابع "هذا يؤكد ان تجاوز الاسد امر مستحيل". نقطة اخرى لصالح موسكو.
- هدنة هشة -
رغم اعتقاد روسيا ان الاتفاق هو خطوة نحو حل هذا النزاع الذي بدا عام 2011 واسفر عن 290 الف قتيل ونزوح ملايين السوريين، فان موسكو حريصة على عدم اعطاء آمال كاذبة.
في الواقع، فان اتفاق الهدنة ليس الاول من نوعه بين القوتين العظميين في سوريا.ففي شباط/فبراير، تم الاعلان عن اتفاق مماثل برعاية موسكو وواشنطن وبدعم من الامم المتحدة، لكنه تعرض لكثير من الانتهاكات بشكل يومي.
حتى ان لافروف اقر بان روسيا لا يمكنها ان "تضمن 100%" التزام جميع الاطراف المتحاربة بهذه الهدنة الجديدة.
من جهته، قال المحلل الروسي رسلان بوخوف كما نقلت عنه وكالة انباء تاس، انه رغم قبول النظام في دمشق للاتفاق، فان الاسد "غير قادر على السيطرة بشكل كامل على جميع انصاره" الذين قد يحاول بعضهم خرق الهدنة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر