بدأ الناخبون في افريقيا الوسطى الاحد التصويت في هدوء لاختيار رئيسهم بين مرشحين هما رئيسا الوزراء السابقان انيسيت دولوغيليه وفوستان تواديرا، آملين باخراج البلاد من اعمال عنف طائفية مستمرة منذ ثلاث سنوات.
وقال نادر وهو عسكري كان ينتظر دوره للادلاء بصوته في حي "بي كيه5" الجيب المسلم في بانغي "كل ما نريده هو الامن اولا من اجل اعطاء بلادنا نفسا جديدا". وشاطره هذا الراي مواطنوه الحاضرون في صف الانتظار.
وقد دعي حوالى مليوني ناخب للاختيار بين المرشحين لرئاسة البلاد وكلاهما في الثامنة والخمسين من العمر.
وعشية التصويت الذي بدأ في الساعة 6،00 بالتوقيت المحلي (5،00 ت غ) في بعض المكاتب، ومتأخرا في المكاتب الاخرى، كما حصل في الدورة الاولى في 30 كانون الاول/ديسمبر، قال غاستون احد سكان حي لاكوانغا لفرانس برس، "هذا خيار اساسي، فالرئيس الجديد سيعيد بناء بلادنا، اننا ننتظر الكثير منه".
وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 4،8 ملايين نسمة، اقبل الناخبون، سواء اكانوا مسيحيين ام مسلمين، على تسجيل اسمائهم بكثافة في اللوائح الانتخابية. لكن الذين يجرؤون في شوارع بانغي على توقع من سيفوز من المرشحين في الدروة الثانية، قلة قليلة جدا.
واولويات المرشحين اللذين تتشابه وعودهما الى حد كبير، تفرض نفسها لاعادة اعمار بلد دمرته ثلاثة اعوام من العنف، وهي الامن والعدالة والانعاش الاقتصادي.
وفي اذار/مارس 2013 واثر اطاحة حركة التمرد ذات الغالبية المسلمة "سيليكا" بالرئيس فرنسوا بوزيزيه، غرقت البلاد في دوامة اعمال عنف طائفية بلغت اوجها اواخر 2013 بمجازر على نطاق واسع ونزوح مئات الاف الاشخاص.
ومنذ ذلك الحين، تحاول عملية سنغاريس العسكرية الفرنسية التي ابعدت سيليكا عن الحكم، ثم مهمة الامم المتحدة في افريقيا الوسطى (مينوسكا)، بسط السلام في هذا البلد الذي يعد واحدا من افقر بلدان العالم.
ويبدو دولوغيليه، المعروف في اوساط الاعمال، منذ الدورة الاولى في 30 كانون الاول/ديسمبر التي حصل خلالها على 23،78% من الاصوات، الاوفر حظا، خصوصا بعدما اعلن حزب "اللقاء الوطني" بزعامة بوزيزيه انه يؤيده.
وفاجأ تواديرا (19،42% من الاصوات) الذي لم تتوفر لديه الوسائل اياها، الاوساط السياسية وبات يعتبر منافسا خطيرا جدا. فقد اجتذب تواديرا الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد بوزيزيه قسما من القاعدة الانتخابية "للقاء الوطني" على رغم توجيهات الحزب.
-تجنب فشل جديد-
ويعتمد كل من المتنافسين على دعم سياسي كبير. فقد حصل دولوغيليه على تأييد دزيريه نزانغا كولينغمبا، الذي حل ثالثا في الدورة الاولى (12،04%). اما تواديرا، فقد حصل على دعم 21 من 30 مرشحا تنافسوا في الدورة الاولى، بالاضافة الى دعم المرشح الذي حل في المرتبة الرابعة مارتن زيغيلي (11،43%).
والرهان الاخر الكبير لهذه الانتخابات، ستكون الدورة الاولى الجديدة للانتخابات التشريعة، التي تجرى في آن واحد مع الانتخابات الرئاسية، لكن نتائجها ألغيت بسبب المخالفات الكثيرة.
وكانت المحكمة الدستورية أبطلت تلك الانتخابات في كانون الثاني/يناير بعدما لاحظت حصول "عدد كبير من المخالفات" في جميع الدوائر ال 140 تقريبا. ومنها عدم وجود بطاقات الاقتراع، واللوائح الانتخابية وهويات الناخبين ومحاضر مكاتب التصويت التي يتعذر الاستفادة منها، وعمليات الغش والنزوير...
وكان ايصال اللوازم الانتخابية (صناديق وبطاقات) في الوقت المحدد مسألة بالغة التعقيد احيانا في هذه البلاد المترامية التي تنعدم فيها الطرق تقريبا.
وللحؤول دون حصول فشل جديد، اجرت السلطة الوطنية للانتخابات دورة تدريبية استمرت 48 ساعة للعاملين في مكاتب التصويت، تمحورت حول كيفية اعداد المحاضر وفرز الاصوات.
وفي المكاتب التي حصل فيها اكبر عدد من المشاكل، تم استبدال مئات الموظفين بمعلمين وموظفين في الادارات الرسمية او متقاعدين، كما قال مصدر في قوة مينوسكا المسؤولة عن دعم العملية الانتخابية.
من جهة اخرى، قالت الرئيسة الانتقالية كاترين سامبا بانزا الجمعة "بعد ان تدلوا بأصواتكم لا تبقوا قرب مكاتب التصويت لتتسببوا بحصول بعض التوتر. عودوا الى منازلكم، وتجنبوا الغش والتزوير، لأنه حصلت عمليات غش كثيرة ومخالفات في الدورة الاولى".
وتشهد البلاد فترة هدوء نسبي منذ بضعة اشهر، ولم تتخلل الدورة الاولى حوادث تذكر. إلا ان الحدود الجوية والبرية والبحرية اغلقت على سبيل الوقاية والاحتياط طوال اليوم الاحد، وكذلك الحانات والمراقص والمتاجر.
وما زالت قوة مينوسكا التي يبلغ عديدها 10 الاف رجل، تدعمهم قوات سنغاريس، متأهبة لتوفير امن عمليات التصويت وتقديم اي مساعدة لوجستية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر