أوصى خبير مغربي مُقيم في ألمانيا بالتخطيط لتحقيق التقدم بالمملكة في مرحلة بعد كورونا، بجعل العُنصر البشري ركيزةً أساسيةً له والاستعداد للإقلاع على جميع المستويات.جاء ذلك في مقال بعُنوان: "الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي لما بعد كورونا"، من طرف عبد الصمد بنحدّو، وهو مهندس صناعي وميكانيكي في شركة BMW بألمانيا وأستاذ سابق في المغرب.
ويرى بنحدّو أن التخطيط يجب أن يكون على المستويات القريبة والمتوسطة والبعيدة؛ فعلى المستوى القريب يُشدد على أهمية تقديم الدعم المالي السريع والمباشر للمقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى حتى لا يتم تسريح العمال والموظفين وتشريد الأسر.
أما على المستوى المتوسط، فيقترح بنحدّو محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي وجعله من أول أولوياته في جميع المجالات ابتداءً من المجال الزراعي، خصوصًا في ظِلّ وُجود طريقة لا تعتمد فقط على الأمطار كتحلية مياه البحر والمحيط والسقي بها مثلًا.
وبالإضافة إلى المجال الزراعي، يرى الخبير أن الاكتفاء الذاتي في المغرب يجب أن يشمل المجال الصناعي من خلال تطوير الصناعة بكل مجالاتها، وزاد قائلًا: "أنا أؤمن إيمانًا راسخًا بأن الصناعة هي مفتاح التقدم والرقي لكل الأمم، أي يجب علينا أن نصنع بأنفسنا جميع المواد التي نحتاجها في بلادنا ونُقلل من المواد المستوردة لأننا نشتريها بالعُملة الصعبة".
ويُشير المقال إلى أن المغرب قطع أشواطًا كبيرةً فيما يخص الصناعة بتشجيع الاستثمارين الخارجي والداخلي، وأصبحت شركات كُبرى سواء في مجال السيارات والطائرات تثق في المغرب في هذا المجال.
كما لفت بنحدو إلى أن "المغرب يتوفر على رأسمال بشري مُهم جدًا وبكفاءة عالية جدًا، سواء داخل أو خارج المغرب؛ ولكن لكي يكون هناك إقلاع اقتصادي حقيقي وجب العمل على خُطة وطنية لإرجاع العقول والأدمغة الكثيرة في الخارج وتكاتفها مع نظيراتها في الداخل وستكون بالتأكيد هي مفتاح نهضة صناعية كبرى مُعتمدة على التكنولوجيات الحديثة والصناعات الثقيلة وكذا العالم الرقمي، ووضع إستراتيجية لعدم هُروب هذا الرأسمال البشري المهم جدًا إلى الخارج".
أما على المستوى البعيد، فيجب حسب الخبير التركيز على التعليم والصحة وكذا ملاءمة التكوينات في الجامعة والتكوين المهني مع سوق الشغل، وأضاف قائلًا: "هنا أحيل، بحُكم إقامتي لأكثر من 17 سنةً في الخارج (ألمانيا 15 سنة وفرنسا سنتان)، على التجربة الألمانية الرائدة في هذا المجال وسوف أتطرق لهذا الموضوع لمحاولة شرح هذه في مقال آخر".
وشدد المتحدث على التعليم بشكل كبير؛ لأنه حجر الزاوية، وهو اللبنة الأساسية لبناء أي مجتمع كيفما كان، موردًا أنه لبناء جيل جديد مُسلح بالعلم النظري والتطبيقي نحتاج ما بين 25 إلى 30 سنة.
وتأسف بنحدو على تضييع المغرب فرصًا كبيرًا للنهوض بالتعليم، ولذلك يؤكد على ضرورة "الانكباب على خطة وطنية يُشارك فيها الجميع من أهل الاختصاص وكذا الاستفادة من تجارب اليابان وألمانيا كأمثلة نجحت فيها هذه الدول".
ويتوجب حسب المتحدث طرح أسئلة عديدة قبل الشروع في وضع خطة النهوض بالتعليم من قبيل: ما هو الهدف من التعليم؟ كيف يمكن إنتاج مواطن قادر على أن يعتمد على نفسه وينشئ مقاولته الخاصة؟ وكيف يمكن عن طريق التعليم بناء نظام اقتصادي واجتماعي قوي يجد فيه كل مواطن مكان فيه؟ كما يؤكد في نفس السياق على أنه "بدون تعليم عمومي قوي لن نصل إلى نتيجة".
وبالنسبة إلى قطاع الصحة، الذي يعتبر مجالًا حيويًا في المجتمع، يقول بنحدو أنه يتطلب تشخيصًا جيدًا فنصف الدواء تشخيص الداء، ويعتقد أن "الدولة ليست لها إستراتيجية مُحددة ومشخصة في هذا المجال"، ويُضيف قائلًا: "هنا أؤكد على الأجهزة الطبية أولًا التي يمكن أن ينتجها المغرب بأياد مغربية عوض أن يشتريها من الخارج بأثمان باهظة بالعملة الصعبة، ثانيًا بناء المستشفيات الجامعية في كل مدينة والمستشفيات في كل قرية".
وشدد الخبير المغربي على أن "الأموال موجودة إذا أردنا فعلًا ذلك، ويمكن أخذها من ميزانيات أخرى إذا وضعنا هذا الأمر كأولوية الأولويات"، مضيفًا أنه "لا يجب إغفال تكوين الأطباء والممرضين ووضع هدف محدد كمثال وكبداية طبيب لكل 1000 أسرة، كما يجب وضع إستراتيجية وطنية لوضع حد لهجرة الأطباء".
وعلاقة بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد، لم يفوت بنحدو التنويه بـ"سرعة التحرك والاحتياطات التي اتخذتها الدولة لمواجهة جائحة كورونا في زمن قياسي".
قد يهمك ايضا
بالفيديو: خطة الحكومة للتخفيف من التبعية الطاقية للخارج
أسعار لحوم الأبقار تصل إلى مائة درهم للكيلوغرام الواحد
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر