بعد ثلاث سنوات من تظاهرات ضخمة ملأت شوارع القاهرة ومناطق مصرية اخرى في 30 حزيران/يونيو 2013 واستند اليها الجيش لاطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي، يتسع نطاق خيبة الامل في تحقيق تحول ديمقراطي في مصر مع تزايد وطأة القيود على الحريات.
وخلال السنوات الماضية، شهدت مصر حملة قمع دامية ضد جماعة الاخوان المسلمين امتدت بعد ذلك لتشمل الناشطين الشباب الذين اطلقوا الثورة على حسني مبارك في 2011 ونزلوا الى الشارع مع مئات الالاف من المصريين للمطالبة برحيل مرسي وجماعة الاخوان المسلمين من السلطة والذين صار العديد من رموزهم يقبعون الان في السجون.
وتصاعدت المخاوف خلال الاشهر الاخيرة من فرض مزيد من القيود على الحريات العامة وحرية التعبير خصوصا عقب احالة نقيب الصحافيين يحي قلاش واثنين من اعضاء مجلس النقابة الى المحاكمة بتهمة التستر على مطلوبين للعدالة، في سابقة منذ تاسيس النقابة قبل 75 عاما.
وجاءت هذه المحاكمة على خلفية اعتصام اثنين من الصحافيين الشباب بمقر نقابتهما عقب صدور قرار بتوقيفهما لمشاركتهما في نيسان/ابريل الماضي في تظاهرات مناهضة لاتفاقية تمنح السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الاحمر، عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة.
- "تم توظيفنا" -
ويقول الناشط الحقوقي جمال عيد الذي شارك في الثورة على مبارك وفي التظاهرات المناهضة لمرسي، "عندما اتذكر 30 يونيو 2013، اشعر انه تم خداعنا وتم توظيفنا من جناح في الدولة ليس للاطاحة بالاخوان وبدء تأسيس نظام ديموقراطي، وانما لصالح استيلاء الجيش وهو جزء من نظام مبارك على السلطة".
ويتابع رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان الملاحق هو نفسه قضائيا بتهمة تلقي تمويل اجنبي بشكل غير قانوني، "تم استغلال الكراهية الشعبية للاخوان من اجل الاستيلاء على السلطة. فعندما نزلنا الى الشارع، كنا نشعر ان الاخوان خانوا الثورة ولم يعد يعنيهم تحقيق اهدافها في الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وكنا نريد انتخابات رئاسية مبكرة يتاح لمرسي نفسه خوضها من جديد".
ويستطرد "اليوم ومن دون مبالغة، وضع حقوق الانسان هو الاسوأ في تاريخ مصر الحديث"، مضيفا "وفقا لتقديرات المنظمات الحقوقية، يبلغ عدد السجناء السياسيين قرابة 60 الفا" غالبيتهم من الاسلاميين.
وأطلق عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للجيش في عهد مرسي، اسم "ثورة 30 يونيو" على التظاهرات واتكأ عليها وعلى شعبيته الطاغية آنذاك كمصدر لشرعية قراره بعزل الرئيس الاسلامي واعتقاله بعدها بثلاثة ايام، ثم تولى فعليا زمام الامور في البلاد الى ان تم انتخابه رئيسا في ايار/مايو 2014.
ولكن شعبية الرئيس المصري الذي كان ينظر اليه آنذاك باعتباره "المنقذ"، تقلصت بعض الشيء، بحسب المحلل السياسي مصطفى كامل السيد.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في القاهرة "هناك ضيق من السياسات الاقتصادية لدى غالبية المواطنين"، في اشارة الى الغلاء المضطرد الذي ادى الى ارتفاع معدل التضخم الشهري بنسبة 3،15% خلال شهر ايار/مايو الماضي مقارنة ب 1،24% بالشهر السابق، ليصل المعدل السنوي في ايار/مايو 2016 الى 12،23% مقابل معدل سنوي نسبته 9،51% في الشهر السابق، وفق بيانات البنك المركزي المصري,
ويتابع السيد "كما ان هناك ضيقا من تعاظم دور القوات المسلحة في الاقتصاد لدى رجال الاعمال وضيق من التضييق على الحريات خصوصا بعد ازمة نقابة الصحافيين وضيق من التنازلات للسعودية وهي كلها مؤشرات على انخفاض شعبية السيسي".
- "خطى ثابتة" الى الامام -
في المقابل، يرى انصار السيسي على العكس، ان مصر تتحرك الى الامام في الاتجاه الصحيح.
ويؤكد محمود بدر، مؤسس حركة تمرد التي اطلقت الدعوة لتظاهرات 30 حزيران/يونيو، ان اهدافها تمثلت في "تحقيق الاستقلال الوطني والخروج من التبعية الاميركية وتحسين الاحوال الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. واعتقد اننا نسير بخطى ثابتة نحو تحقيقها واننا على الطريق الصحيح".
ويضيف بدر الذي انتخب في نهاية العام الماضي عضوا في البرلمان ضمن قائمة "في حب مصر" المؤيدة للسيسي، ان التظاهرات كانت ضد الاخوان المسلمين "لانهم جزء من المشروع الاميركي لمحاولة الهيمنة على المنطقة واحتواء ثورات الربيع العربي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر