بعد الحدث التاريخي، الذي تمثل في العودة إلى الاتحاد الإفريقي، أعلن الملك محمد السادس، خلال خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، مساء الجمعة بمقر البرلمان، عن إنشاء وزارة منتدبة جديدة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الافريقية، ليصبح بذلك عدد وزراء حكومة العثماني 40 عضواً.
وقال العاهل المغربي في خطاب شديد اللهجة: "أليس المطلوب هو التنفيذ الجيد للمشاريع التنموية المبرمجة، التي تم إطلاقها، ثم إيجاد حلول عملية، وقابلة للتطبيق، للمشاكل الحقيقية، وللمطالب المعقولة، والتطلعات المشروعة للمواطنين، في التنمية والتعليم والصحة والشغل وغيرها؟".
واستطرد قائلاً: "وبموازاة ذلك، يجب القيام بالمتابعة الدقيقة والمستمرة، لتقدم تنفيذ البرامج الاجتماعية والتنموية، ومواكبة الأشغال بالتقييم المنتظم والنزيه. ولهذه الغاية، قررنا إحداث وزارة منتدبة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الإفريقية، وخاصة الاستثمار، وخلية للتتبع، بكل من وزارتي الداخلية والمالية".
وسبق للمغرب في بداية الستينيات أن أنشأ وزارة خاصة بالشؤون الإفريقية، وكان المسؤول عنها هو عبد الكريم الخطيب، مؤسس حزب العدالة والتنمية، إلا أن سياق المرحلة الراهنة يختلف تماماً، خصوصا على مستوى الشراكات الإفريقية الاقتصادية، التي دخل فيها المغرب مع عدد من دول المنطقة، والتي تصل إلى حوالي ألف اتفاق تعاون.
ويرى محللون أن خطوة إنشاء وزارة مكلفة بالشؤون الإفريقية جاءت في "الوقت المناسب"، من أجل دخول معركة سياسية تتمثل في تنزيل الآليات الممكنة لطرد جبهة "البوليساريو" بعد عودة المغرب الناجحة إلى الاتحاد الإفريقي، وثانيا من أجل الوقوف عن كثب على تنزيل العشرات من الاتفاقيات التي أبرمتها المملكة مع الدول الإفريقية، لتفادي تعطيلها أو تكرار ما جرى بخصوص تعثر مشروع "منارة المتوسط" بالحسيمة، خصوصا أن الأمر يرتبط بسمعة المغرب في قارته الإفريقية.
في السياق ذاته، قال الباحث في الشؤون الإفريقية، أحمد نور الدين، إن إحداث وزارة منتدبة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الإفريقية يأتي في نفس اتجاه السياسة الخارجية للملك محمد السادس تجاه القارة السمراء، خصوصا بعد الرسائل التي وجهها في القمة الـ27 للاتحاد الإفريقي التي انعقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي.
ويرى الباحث أحمد نور الدين، في تصريح لهسبريس، أن الشق السياسي وراء إنشاء وزارة الشؤون الإفريقية هو طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، الذي بات يخلق متاعب كثيرة للدبلوماسية المغربية على مستوى الخارج، خصوصا في المحافل الدولية، معتبرا أن "وزارة الخارجية تهاونت في هذا الموضوع، والحكومة مطالبة بتنزيل مضامين قمة كيغالي".
وزاد المصدر ذاته موضحاً: "المهمة السياسية لوزارة الشؤون الإفريقية هي تتبع المساطر القانونية لطرد جبهة البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، فلا معنى لعودة المغرب إلى هذه المؤسسة والاستمرار في الجلوس في نفس القاعة مع جمهورية وهمية تقاسم المغرب السيادة على أرضه".
أما الشق التقني بالنسبة إلى الخبير في القضايا الإفريقية فيتمثل في توفير وزارة وطاقم كبير يليق بحجم الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع البلدان الإفريقية خلال زياراته المختلفة. وأشار إلى أنها وصلت إلى ألف اتفاقية خلال العشر سنوات الأخيرة، منها 600 اتفاقية في الخمس سنوات الماضية.
وأوضح أحمد نور الدين أن وزارة الشؤون الإفريقية تأتي لتفادي وقوع أخطاء تقنية في المشاريع ذاتها، وهو الأمر الذي يمكن أن يكلف المغرب سياسياً، وقال في هذا الصدد: "عندما نوقع اتفاقيات مع دولة معينة وبعد مضي أربع سنوات لا يتم تنزيلها على أرض الواقع، فنحن نقوم بضرب مصداقية الرباط، وبالتالي ستترتب عن ذلك انعكاسات سلبية للغاية، وقد يقال إن المغرب تلاعب بهذه الدول فقط من أجل انتزاع موقف من قضية الصحراء".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن ما وقع، مثلا، الأسبوع الجاري في اللجنة الأممية الرابعة بالأمم المتحدة أمر يبعث على القلق، مضيفا أن مداخلة السفير النيجيري خلال مناقشة قضية الصحراء "كانت سيئة"، رغم أن المغرب دخل في شراكات اقتصادية كبيرة مع هذا البلد، من قبيل مشروع أنبوب الغاز الضخم ومشاريع إنتاج الأسمدة.
واعتبر نور الدين أن ما حصل يرقى إلى "صفعة قوية للمغرب، وقد يتعلق الأمر بعدم قيام الدبلوماسية بدورها، لذلك تم تخصيص وزارة خاصة بالشؤون الإفريقية لتعزيز العلاقات والقيام بدورها".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر