بيروت - جورج شاهين
رعى رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل نجيب ميقاتي حفل اختتام برنامج "الزعيم" بعدما افتتح أولى حلقاته رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بدعوة من "تلفزيون الجديد" حيث كان في استقباله رئيس مجلس إدارة المحطة تحسين خياط ومسؤولو المحطة. ورافق الرئيس ميقاتي وزير الإعلام وليد الداعوق. وألقى الرئيس ميقاتي في المناسبة كلمة قال فيها "يلحّ عليّ المقربون مني والمحبون، بسؤال دائم يتردّد على أَلْسِنَة الكثيرين: هل تريد أن تكون زعيماً أم رجل دولة؟، جوابي الدائم، أني أعمل في مركز المسؤولية لأكون رجل دولة، وفي الحياة السياسية لأكون حامل مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي ومدافعاً عن قيم وطنية وإنسانية جامعة تمثل تطلعات وطموحات من أدّعي تمثيلهم، كما أسعى وأساهم في إنشاء مؤسسات تنمي قدرات المجتمع الذي أدّعي خدمته. هذه هي رؤيتي لمفهوم الزعامة التي تحوّلت في نظر البعض اختصاراً للناس ودمجاً بين شخص الزعيم وبين جمهوره، حتى يصبح كل ما يصيبه كأنه أصاب طائفته أو منطقته كلها. لذلك فإن مفهوم الزعامة في هذه الحالة يقف عائقاً اليوم أمام تطور المجتمع المدني وتفاعله، ويعطّل الحياة السياسية، يلغي دور الشباب، يختصر الناس، ويساهم في فرز المواطنين". وأضاف "رجل الدولة، في مفهومي يكرّس نفسه لخدمة الوطن والشعب من دون غايات شخصية ولا مطامع سياسية، ويقدّم مصلحة الوطن والناس على أي مصلحة أخرى. رجل الدولة لا يستسهل إطلاق المواقف والتصاريح وإصدار البيانات، فكم من مرة أنقذ فيها الصمت الوطن وجنّبه خضات وفتن؟ وللتاريخ، نذكر أن رجال الدولة الذين مرّوا في لبنان، رحلوا إلى دنيا الآخرة، لكن إنجازاتهم الوطنية ظلت حيّة لأنها حفظت الدولة عقوداً من الزمن رغم كل ما أصاب لبنان من تحديات ومحن". وتابع "الغاية من البرنامج هي البحث في رؤية شباب لبنان لمستقبل البلد، والسعي لاكتشاف أشخاص يملكون حس القيادة يقودون المجتمع المدني تجاه الأفضل، وهو ما ظهر في مداخلاتهم ونقاشاتهم وتجاربهم واقتراحاتهم على مدى عشرة أسابيع، ولم تكن ولو للحظة محاولة لابتكار شخصية زعيم يبحث عن موقع. إلا أن ما يجدر التوقف عنده أن "الزعامة" في مفهومها الأصلي تبقى قرار الناس التي تحدد من هو زعيمها فتتقّبّل هذا وترفض ذاك". وقال ميقاتي "لقد قررت تلبية دعوة مشكورة من إدارة المحطة، لأنني أردت القول للبنانيين، أننا جميعاً، وكل من موقعه، معنيون بالحفاظ على حيوية لطالما ميزت وتُميز مجتمعنا وشعبنا. نعم، اللبناني لم يستسلم في أصعب الظروف والمحن. اليوم وفي خضم أزمة وطنية مفتوحة منذ ثمانية أعوام وأزمة إقليمية مشرعة على الاحتمالات كلها، لا نجد إلا الحيوية وسيلة للخروج من أزمتنا ولمواجهة كل من يحاول خنق بلدنا، من دون أن ننسى طبعاً الإيمان الذي يعتمر في قلوبنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين. هذه الحيوية هي المدخل لصياغة تفاهمات تحمي بلدنا وشعبنا، وتجعلنا أقدر على مواجهة الصعاب والتحديات" وأضاف "لقد رأينا فيكم تلك الحيوية التي تجعلنا نطمئن إلى الغد، فهواجسكم واقعية، وليس فيها من افتعال أو مبالغة. كما أن طموحاتكم بتغيير كبير، هو أمر مشروع بل طبيعي إزاء ما نعانيه من مشكلات مزمنة، وأنا أعلم أنه لا مجال لأي تغيير أو تطوير، من دون إظهار الهواجس وحفظ الطموح، وأعتقد أيضا أنكم في ما أظهرتموه من ملاحظات وانتقادات، كنتم لسان حال الكثيرين لاسيما الجيل الشاب، لكن دعوني ألفت انتباهكم إلى أن التغيير يحتاج إلى أدوات كثيرة، وفي لحظة تحمّل المسؤولية، من موقع الحكم أو المعارضة، يجب التصرف بدرجة عالية من الواقعية، من دون التخلي عن الحق في التغيير. فالواقعية، تفرض النظرة العلمية والموضوعية إلى الأمور، والخطوات التنفيذية تتطلب الحكمة والتبصر، وكل محاولة للقفز فوق وقائع راسخة، يمكن أن تتحول إلى عنصر تعطيل وتراجع. لكن الواقعية والعلمية والموضوعية لا تعني أبداً الدعوة للاستسلام للواقع الصعب، أو الانكفاء عن تحمل المسؤولية". واعتبر الرئيس ميقاتي أن "بلدنا يحتاج أولاً، إلى بناء الثقة بين أهله، وأن تكون تجربتكم في التفاعل والتنافس، صورة عن ما يمكن أن يحصل مع اللبنانيين جميعهم، بغية فهم بعضنا البعض بصورة أفضل، وبغية التفاهم على أفضل الوسائل للتقدم. وعندها لا يكون هناك مكان للمزايدة أو المبالغة أو التخاذل. إن لبنان، له موقع في الجغرافيا والتاريخ، يجعله في لحظة ما نقطة تجاذب تهدد وحدته وسيادته، ويجعله في لحظة أخرى، نقطة تواصل تفتح له أبواب الازدهار والتطور. وما يحمينا من المخاطر التي نَتَوَهَّم أنها مظلة حماية لنا، هو فقط احترام القانون، وهذا الاحترام يعفينا من الأخطاء القاتلة، ويمنع أنواع التمييز كافة بين المواطنين، ويفصل حقوق الأفراد عن مصالح القوى والزعامات، ويحفظ التماسك في مواجهة مطالب الخارج وما فيها من أطماع، وضغوط". وتابع "اليوم ورغم النيران المشتعلة كلها من حولنا، ورغم المخاوف والأخطار لم يفقد لبنان فرصة إثبات الذات المدخل إلى ذلك أن يعترف كل منا بأنّ عزل أو خسارة أي مكوّن من مكونات هذا الوطن سيؤدي إلى خسارة ذاته، لأن ميزتنا هي في هذا التنوع الغني والحيوي. ليس في لبنان أقلية وأكثرية. كلنا أقليات ولا يتوهم أحد أن يكونوا موحدين حتى يكونوا أقوياء ويحموا بلدهم. هذا البلد لا يحكم إلا بالتوافق ومن يعمل عكس ذلك سيكتشف تلك الحقيقة، ولو متأخراً، ولكن بعد أن يكون قد عرّض البلد للخطر. وطننا يتسع للجميع. المهم أن نعي أن التنافس يجب أن يكون للخير العام قبل الخاص". وختم الرئيس ميقاتي "نصيحتي لكم أن تتواصلوا. أن تنفتحوا على بعضهم البعض. أن تكونوا واقعيين ومبادرين وعمليين. كونوا حالمين، كونوا نقاداً ارفضوا الفساد والطائفية والمذهبية والعنصرية وكل ما يمكن أن يميّز بين مواطن وآخر. حاذروا الترويج والتسويق للتعصب والانعزال ورفض الآخر. لا تَدَعُوا اليأس يتسلل إلى قلوبكم. نعم للحماسة. لا للتهور. استفيدوا من خبرات الآخرين. تقبّلوها بتواضع وميّزوا بين ما هو صحيح وما هو باطل. لا تستنسخوا تجارب الآخرين. امتلكوا القدرة على الاختيار والإبداع. ولا تتقبلوا ما هو مفروض عليكم، شرط ألا يكون الرفض ترفاً أو أسلوب حياة .التسامح عطاء وثقة وليس تنازلاً أو ضعف. لقد كنتم منافسين شرفاء على مدى حلقات هذا البرنامج وتمنى أن تقتدي بكم الطبقة السياسية كلها. شكراً لكم جميعاً. مبروك للرابحين وكل من شارك هو من الرابحين. مبروك لإدارة المحطة هذه التجربة المغامرة، وإلى تجارب أخرى تحاكي مشاكل المجتمع وتضع النقاط على الحروف".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر