يقود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إسرائيل إلى مواجهة محتملة مع الوسطاء الذين يعملون من دون كلل وملل بين تل أبيب وحركة «حماس»، حتى قبل الحرب الحالية، وينخرطون اليوم في أهم مفاوضات على الإطلاق، حول صفقة تبادل أسرى، وهي مفاوضات مرتبطة مباشرة بمصير الحرب على قطاع غزة.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين حكومة نتنياهو المتطرفة، من جهة، ومصر وقطر، من جهة ثانية، شابها الكثير من التوترات المكبوتة خلال فترة الحرب الأخيرة، لكن الخلافات ظهرت إلى العلن لأول مرة، وهي خلافات ليست بعيدة عن الخلاف الإسرائيلي مع الإدارة الأميركية التي تعمل مع القاهرة والدوحة، وتعدّهما من الحلفاء الرئيسيين في المنطقة.
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية على أن نتنياهو يقود إسرائيل إلى أزمات إقليمية، ووصلت الخلافات إلى الحد الذي رفض فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرد على اتصالاته، في حين هاجمته قطر علانية، بانتظار أزمة ثالثة محتملة مع المملكة الأردنية.
وكانت «القناة 13» الإسرائيلية قد أكدت أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول ترتيب اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكن السيسي امتنع عن تلقي اتصال منه.
وفي ذروة الخلاف مع مصر، حول قضايا متعلقة بالحرب مع قطاع غزة والسيطرة على محور فيلادلفيا، وبينما تنخرط مصر في مفاوضات حول الأسرى، اختلق نتنياهو خلافاً مع قطر، الوسيط الثاني في المفاوضات مع «حماس».
عائلات الأسرى تحذر
وهاجم نتنياهو قطر في تسريب، قالت مصادر إسرائيلية: إنه «كان متعمداً فيما يبدو لعرقلة الاتفاق». وقالت عائلات الرهائن الإسرائيليين، المحتجزين في قطاع غزة، إن «حقيقة أنه تمت المصادقة على أن تنشر الرقابة العسكرية هذه الأمور، هو أمر خطير ويدل على فقدان ترجيح الرأي، وعلى الكابينيت ملقى واجب منع أزمة (مع قطر) وتشكيل خطر على حياة المخطوفين».
وكان نتنياهو قال خلال لقائه مع عائلات محتجزين في غزة: إن وساطة قطر بين إسرائيل وحركة «حماس» تمثل إشكالية أكثر من الأمم المتحدة والصليب الأحمر. وإنه لم يشكر قطر ولا مرة؛ لأنه يعرف أنها تمثل إشكالية ولم تضغط بما فيه الكفاية على «حماس»، رغم أنها تملك الأدوات لأنها هي التي تمول الحركة.
وذكر نتنياهو، أنه أصيب بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة مدّدت وجودها في القاعدة العسكرية في قطر، ولا تمارس مزيداً من الضغوط على الدوحة.
وردّت الدوحة في بيان غاضب عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، قال فيها: إنه إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوّض جهود الوساطة لأسباب سياسية ضيقة بدلاً من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الرهائن الإسرائيليون.
ووصف التصريحات، بأنها غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء، مستدركاً القول: إنها «ليست مفاجئة».
وختم بالقول: «نأمل أن ينشغل نتنياهو بالعمل على تذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن» بدلاً من الانشغال بعلاقة قطر الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
لكن في دليل على عمق الأزمة وتعمد توتير الأجواء، شارك وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الحليف الرئيسي لنتنياهو، تصريحات الناطق القطري، وعلق عليها بالقول: إن قطر دولة راعية لـ«حماس» «وهي مسؤولة إلى حد كبير عن المذبحة التي ارتكبتها (حماس) بحق المواطنين الإسرائيليين. وموقف الغرب منها منافق ومبني على مصالح اقتصادية غير سليمة. ويستطيع الغرب، بل وينبغي له، أن يمارس نفوذاً أقوى عليها وأن يطلق سراح المختطفين على الفور».
ومع ذلك، أكد مسؤولون قطريون أنهم لن يسمحوا «لأفراد» في إسرائيل بتعريض مفاوضات المحتجزين للخطر. وإلى جانب القطريين وعائلات المحتجزين، وإسرائيليين، اتهمت «حماس»، نتنياهو بالعمل على عرقلة الاتفاق.
وقالت «حماس»: إن تصريحات نتنياهو ضد قطر بشأن وساطتها في مسألة الرهائن في قطاع غزة «تعكس حقيقة موقف الاحتلال الذي يعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى».
جاء ذلك على الرغم من أن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قالت اليوم (الخميس): إن قطر أبلغت تل أبيب بأن «حماس» قررت تعليق مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين. ونقلت الهيئة عن مصدرين وصفتهما بالمطلعين على تفاصيل المباحثات، قولهما: إن «حماس» نقلت للوسطاء القطريين، أنها «تطالب إسرائيل بسحب جميع قواتها من قطاع غزة منذ المرحلة الأولى للصفقة وإنهاء الحرب».
وكان مسؤولون إسرائيليون قد نفوا، الأربعاء، إحراز تقدم في المفاوضات مع «حماس» حول صفقة إطلاق سراح رهائن محتملة، واتهموا الحركة بالتمسك بمواقفها وعرقلة أي تسوية محتملة.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي: إن ثمة عوائق كثيرة، من بينها مطلب «حماس» الذي يتضمن بقاء الحركة حاكمة لغزة في اليوم التالي، مع ضمانات بعدم استهدافها.
تهديدات مائية للأردن
ولا تتوقف المشاكل التي أثارها نتنياهو عند مصر وقطر، بل تطال الأردن كذلك. إذ كشفت هيئة البث الرسمية (كان)، الخميس، عن أن وزارة الطاقة الإسرائيلية تدرس إمكانية «عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن» على خلفية التصريحات المناهضة لإسرائيل التي أطلقها مسؤولون أردنيون كبار في المملكة، على رأسهم وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي ندّد بعمليات القصف المتواصلة على غزة، داعياً إسرائيل إلى وقف الحرب وإدخال مساعدات إنسانية لصالح السكان الذين نزحوا عن شمال غزة.
وبموجب اتفاقية المياه المعمول بها، تقوم إسرائيل بنقل 100 مليون متر مكعب من المياه إلى الأردن كل عام، بدلاً من 50 مليون متر مكعب من المياه كما نصت اتفاقية السلام، وذلك مقابل إنتاج الأردن الكهرباء لإسرائيل. وولد هذا الاتفاق في إطار التعاون الثنائي للخروج من أزمة المياه الكبيرة التي تعاني منها المملكة من جهة، وتعزيز الطاقة الكهربائية لإسرائيل من جهة أخرى.
ووفق المنشور، فإنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن بعد، ويعتمد الأمر على تطور العلاقات مع الأردن التي تأثرت إلى حد بعيد بإطالة أمد الحرب، وبحال لم يتم تمديد الاتفاقية، فسينتهي العمل بها هذا العام.
قد يهمك ايضـــــا :
إعلام إسرائيلي يُعلن أن السيسي رفض طلباً للتحدث هاتفياً مع نتنياهو
السيسي يتهم إسرائيل بعّرقلة وصول المُساعّدات إلى غزة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر