بيروت - المغرب اليوم
ليس غريباً أنْ يلتقي عدد من القوى السياسيّة "المُتناقضة" على دعم، أو على اتخاذ موقف واحد من، بعض القضايا ذات الطابع المعيشي، الاجتماعي والاقتصادي.
إلا أنّ اللافت اليوم، وفي عزّ الأزمة الحكوميّة، هو "التلاقي" الحاصل بين طلب رئيس مجلس النوّاب نبيه بري من الرئيس المُكلّف سعد الحريري دعوة الحكومة "المُستقيلة" للانعقاد، وبين دعوة رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع إلى "تفعيل حكومة تصريف الأعمال"، وفي الحالتين وفق جدول أعمال محدّد تقتضيه الضرورة.
فبعد أنْ كان الدكتور جعجع قد دعا عبر البيان الصادر، بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 2018، عن اجتماع "تكتّل الجمهوريّة القويّة" في معراب برئاسته إلى:
"... ضرورة تأليف الحكومة فوراً، وإذا تعذَّر ذلك تفعيل حكومة تصريف الأعمال على قاعدة اجتماعات الضرورة ووفق جدول أعمال مُحدّد بهدف انتشال البلاد من التردّي الاقتصادي الذي لم يَعُد محمولاً ويستدعي معالجات سريعة".
كشف الرئيس برّي، من خلال تصريح لأحد نوّاب "كتلة التنميّة والتحرير" بعد لقاء الأربعاء النيابي، الذي انعقد بتاريخ 02 كانون الثاني 2019، عن أنّه:
"أجرى اتصالاً بالرئيس الحريري طالباً منه دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى الالتئام من أجل إقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى المجلس النيابي، مستنداً إلى اجتهاد مُماثل اعتُمِد في العام 1969، أيام حكومة الرئيس الراحل رشيد كرامي عندما كانت في مرحلة تصريف الأعمال، بعد أن تعذر تشكيل حكومة جديدة على مدى 7 أشهر، حيث قضى الاجتهاد - في حينه - بإقرار الموازنة العامة كَونها من الأعمال الضروريّة، ومن هذا المنطلق يمكن اعتماده اليوم أيضاً، مُبلغاً الحريري استعداده للسير بهذا الاجتهاد نظراً لأهميّة الأمر".
المفارقة، ورغم التقارب الزمني "ثلاثة أسابيع" بين الدعوة والطلب، أنّ دعوة جعجع "للتفعيل" لم تحظَ بالاهتمام السياسي الذي حظيَ به طلب برّي للمضمون نفسه من الحريري.
رغم ذلك، يبدو أنّ مضمون هذا التلاقي حول "تفعيل حكومة تصريف الأعمال"، حتى لو كان من باب الصدفة البحتة، سيُشكّل صدمة وإزعاجاً للبعض، نظراً لتأثير "ثنائي التفعيل، برّي - جعجع" الكبير في هذا الشأن، عدا عن القلق من أنْ يصبح الحريري ثالثهم.
مطلب "التفعيل" قد يُعبّر عن وجود "حُسن نيّة" اتجاه الدولة والشعب، إلا أنّ استغلاله وتحويله إلى "عقدة جديدة" قد يؤدّي إلى "تفعيل المخاطر" على الجميع؟
في لبنان، وبطريقة ما، "كل نافعة ضارة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر