وضع طارق الاسعد، نجل عالم الاثار السوري المعروف خالد الاسعد، نصب عينيه العثور على جثة والده الذي قتله تنظيم الدولة الاسلامية بقطع راسه في تدمر في وسط سوريا، بغية دفنه بشكل لائق في المدينة الاثرية التي احبها كثيرا.
واعدم تنظيم الدولة الاسلامية خالد الاسعد في آب/اغسطس العام 2015 بعد ثلاثة اشهر من سيطرته على تدمر. وقد نجح الجيش السوري بدعم جوي روسي قبل ايام من استعادة المدينة وطرد الجهاديين.
ويروي طارق (35 عاما) لوكالة فرانس برس في مقهى متحف دمشق "قامت داعش باعدام والدي بقطع رأسه، وضعوا رأسه على الارض تحت جثته التي علقوها على عامود كهربائي في ساحة تدمر الرئيسية".
ويضيف "اخذ شخص ما رأسه ودفنه فيما دفن شخصان آخران الجسد، وغايتنا ان نعود الى تدمر ونجمع الرأس بالجسد وندفنه في مكان يليق به".
وينوي طارق التوجه قريبا الى مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي التي استعادها الجيش السوري الاحد بعد عملية استمرت 20 يوما.
ويقول طارق "نشعر وكأن روح والدنا تحوم فوق تدمر وتحيي تحريرها". ويضيف "ابنة اختي مريم البالغة من العمر عشر سنوات حلمت بان جدها يجلس في حديقة ويقول لها: انا سعيد انا سعيد".
- 40 عاما في تدمر-
وشغل خالد الاسعد منصب مدير آثار تدمر لمدة اربعين عاما بين 1963 و2003، ويعد من الرياديين في علم الاثار في سوريا. وقد اكتشف بنفسه مقابر اثرية عدة واشرف على اعمال حفريات عدة وترميم آثار في المدينة.
والمواقع الاثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم "لؤلؤة الصحراء"، واحدة من ستة مواقع سورية ادرجتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي للانسانية. وقد شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة قبل الحرب، ففيها اكثر من الف عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة.
ويعد خالد الاسعد مهندس انضمام تدمر "لؤلؤة الصحراء" الى لائحة التراث العالمي.
حين اقترب مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية من تدمر في ايار/مايو 2015، نجح اولاد خالد الاسعد وبعض الحراس في انقاذ 400 تمثال وقطعة اثرية.
وفي 20 ايار/مايو، وقبل عشر دقائق من دخول تنظيم الدولة الاسلامية الى المدينة، خرجت آخر شاحنة نقلت قطعا اثرية من متحف تدمر.
وتعرض وليد الاسعد الذي خلف والده كمدير لآثار تدمر للتعذيب والاعتداء على يد عناصر في التنظيم الجهادي. وهو حاليا يسير مستندا الى عكاز.
ويروي طارق "كان الجهاديون يبحثون عن طنين من الذهب، وكان شقيقي يقول لهم ان لا وجود لهما. وللضغط عليه من اجل الاعتراف، قاموا بتدمير تماثيل بينها تمثال اللات الموجود داخل المتحف".
ويضيف "لم يتوقف شقيقي عن القول: هذا هو الذهب الذي تبحثون عنه".
- مثل أعمدة تدمر-
بعد سقوط تدمر، انتقل خالد الاسعد الى مكان يبعد مئات الكيلومترات عن تدمر، ولجأ الى قصر الحير الشرقي. الا ان رجالا ملثمين لحقوا به الى ذاك المكان في 20 تموز/يوليو "بهدف تدريسه الشريعة".
ثم حكم التنظيم على خالد الاسعد بالاعدام. وقبل تنفيذ الحكم، طلب الاسعد ان يزور متحفه للمرة الاخيرة. بعدها، أخذه الجهاديون حافي القدمين الى وسط المدينة وقطعوا رأسه.
ويقول طارق "طلبوا منه ان يجثو على ركبتيه لتنفيذ الحكم، ولكنه قال لهم لا اموت الا واقفا مثل أعمدة تدمر ونخيل تدمر".
وعلق الجهاديون جثة الاسعد على عامود كهربائي ووضعوا عليها لافتة صغيرة تتهمه بانه موال للنظام السوري وبانه مثّل سوريا في "مؤتمرات تكفيرية" وبانه "مدير اصنام تدمر".
ويروي طارق ان القتلة تركوا جثة والده ثلاثة ايام مع حراس، ثم اخذوا الجسد وقاموا برميه في مكب للنفايات خارج المدينة. ويضيف ان اثنين من اصدقاء والده راقبا الشاحنة وانتظرا مغادرة الجهاديين ليأخذا الجسد ويدفناه بطريقة لائقة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر