قال رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران إن الأحزاب المنتمية إلى الائتلاف الحكومي قررت تجاوز المشكلة التي نشبت مؤخرا.
ونشبت المشكلة إثر الرسالة التي بعثها وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد إلى رؤساء فرق المعارضة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).
وقد عقدت أحزاب ائتلاف تحالف الأحزاب الحاكمة في المغرب اجتماعا لتجاوز الأزمة، التي سببتها تصريحات وزير الاقتصاد حول دمج الطلبة المتدربين. وأوضحت الهيئة في بيان لها أن أطراف الأزمة قرروا تجاوز الخلافات، والتركيز على مواصلة التقدم في إنجاز البرامج الحكومية.
الأزمة الحالية بدأت بمراسلة بين وزير الاقتصاد المنتمي إلى حزب "التجمع للأحرار" ورئيسي حزبي "
" و"الاتحاد الاشتراكي"، أكد خلالها الوزير إمكان توظيف الأساتذة المتدربين في حال اتخاذ قرار حكومي بذلك.
جواب وزير الاقتصاد هذا للنواب أشعل فتيل الأزمة؛ حيث صب رئيس حزب "العدالة والتنمية" رئيس الحكومة، وفق متابعين، جام غضبه على وزير الاقتصاد، قائلا إنه لا يحق له العمل خارج إطار الحكومة التي حسمت هذا الموضوع.
فكان أن دافع حزب "التجمع الوطني للأحرار" عن وزيره بقوة، مؤكدا أن القانون المغربي يمنح الوزراء الحق في العمل من دون الرجوع إلى رئاسة الحكومة.
وذهب "تجمع الأحرار" أبعد من ذلك، واصفا رد فعل بنكيران بأنه مجرد زوبعة في فنجان، ويخفي وراءه صراعا سياسيا بطعم انتخابي.
ويرجح عدد من المراقبين ما ذهب إليه حزب التجمع من أن الصراع الحالي هو تنافس انتخابي سابق لأوانه بحكم قرب الانتخابات التشريعية المقررة شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث يرى الكاتب والمؤرخ المغربي المعطي نجيب أن الأزمة الحالية افتعلتها من يصفها بـ"أحزاب المخزن" بهدف عزل بنكيران وإضعاف شعبيته قبل الانتخابات؛ مشيرا إلى أن هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية.
ووفق مراقبين، فإن إجراءات عديدة اتخذت لتقليص هيمنة الأحزاب الثلاثة الكبرى: حزب "العدالة والتنمية"، الذي يتزعم التحالف الحكومي وله مرجعية إسلامية، والحزبين المعارضين "الأصالة والمعاصرة"، و"الاستقلال".
حكومة الأزمات
والأزمة السياسية الراهنة هي حلقة من سلسلة أزمات عاصفة مرت بها الحكومة الائتلافية في المغرب طيلة السنوات الأربع الماضية؛ ما جعل محللين يصفونها بحكومة إدارة الصراعات؛ حيث كان الائتلاف الحكومي على بعد خطوات من التفكك مرات عديدة. فحزب "التجمع الوطني للأحرار" دخل الحكومة خلفا لحزب "الاستقلال"، الذي انسحب عام 2013 على وقع أزمة خانقة بعد عام ونصف فقط من تشكيلها.
ثم ما لبث حزب الأحرار أن دخل في مواجهة مع حزب "العدالة والتنمية" بسبب اعتراض الأول على مقترح لتعديل قانون المالية، يمنح وزير الفلاحة عزيز أخنوش صلاحيات الصرف بدلا من رئيس الحكومة. وانتهى الصراع بينهما بسحب حزب العدالة المقترح في اللحظات الأخيرة.
هذا، ويعتقد المحلل السياسي منار سليمي أن الصراعات، التي وصلت إلى حد تلويح بعض وزراء حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي بالاستقالة، كانت خطة مدبرة لإيقاع "الحزب الإسلامي" لكن اللافت هو أنها جميعا باءت بالفشل.
وعلى الرغم من أن أياً من الأزمات لم تعجل بإسقاط الحكومة أو إجراء انتخابات مبكرة، فإنها أثرت بشكل كبير على أدائها وعلى شعبية بعض الشخصيات داخلها، وعلى رأسها رئيس الحكومة، الذي بات يوصف بأنه مثير للجدل، رغم نجاحه في احتواء الأزمات السياسية المتتالية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر