كشف مصدر أمني جزائري مطلع لـــ"المغرب اليوم" أن يان هاكر الممثل الخاص للمستشارة الألمانية و منسق الحكومة الفيدرالية المكلف بقضايا الهجرة الذي زار الجزائر مؤخرًا، عرض على المسؤولين الجزائريين الذين التقى بهم رسميًا قرار ألمانيا بالبدء في ترحيل المهاجرين الجزائريين الذين يقيمون بها بطريقة غير شرعية قبل نهاية 2017. وحسب المصدر ذاته، فإن الجزائر أبلغت برلين بأنها مستعدة رسميًا لاستقبال رعاياها المهاجرين بطريقة غير شرعية في ألمانيا، و أنها بصدد توفير جميع الإمكانيات الضرورية و اللازمة لذلك.
وأشار الى أنها اتخذت كافة الإجراءات الأمنية و القانونية لذلك، حيث يحتمل أن يكون من بين الجزائريين العائدين من ألمانيا مطلوبين للعدالة والأمن الجزائريين، والاشتباه في أن يكون كذلك من ضمنهم متورطون في قضايا الإرهاب، أو أن يكونوا من جنسيات غير جزائرية أصلاً، لافتًا الى أن عددًا معتبرًا من اللاجئين الجزائريين المقيمين في ألمانيا استفادوا من ميثاق المصالحة الوطنية لكن احتمال إخضاعهم للتحقيقات الأمنية يبقى وارد جدًا لدواع أمنية بحتة.
وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائري، نور الدين بدوي، قد التقى في الجزائر العاصمة، يان هاكر الممثل الخاص للمستشارة الألمانية ومنسق الحكومة والفيدرالية المكلف بقضايا الهجرة، دون أن يتم الكشف عن مضمون اللقاء الذي جرى بحضور المدير العام للأمن الجزائري اللواء عبد الغني هامل، وقائد الدرك الجزائري اللواء مناد نوبة، والمدير العام للدفاع المدني العقيد مصطفى لهبيري.
حوالي 4 آلاف جزائري طلبوا اللجوء إلى ألمانيا سنة 2016
هذا و كشفت إحصائيات وزارة الداخلية الألمانية عن طلب 3784 جزائريًا اللجوء إلى ألمانيا سنة 2016 بينما تم ترحيل 169 جزائريًا دون وثائق إلى أرض الوطن العام الماضي، لكن حسب السلطات الألمانية لا يزال العدد ضئيلاً مقارنة بعدد المهاجرين الجزائريين الذين يتوجب عليهم مغادرة هذا البلد الأوروبي.
وكانت الجزائر أعلنت عن استعدادها للتعاون مع برلين من أجل ترحيل رعاياها المقيمين بصفة غير قانونية في ألمانيا، وهو ما أبلغته لمدير الشرطة الألمانية ديتر رومان، بأن "الشرطة الجزائرية مستعدة للتعاون مع الشرطة الألمانية لحل مشكلة الرعايا الجزائريين المقيمين في ألمانيا بصفة غير قانونية". وأوضح المسؤول الأمني الجزائري أن الأمر يتعلق "بدراسة الجانب التقني المتعلق بعودة الرعايا الجزائريين"، الذين رفضت طلبات إقامتهم في ألمانيا، وأن هناك اتفاقيات بين البلدين "يجب احترامها". وبخصوص جانب التكوين أشار ذات المسؤول إلى أنه يتضمن بشكل أساسي الطرق الجديدة لمكافحة الجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني.
وأضاف في ذات السياق أن نظيره الألماني قد اقترح عليه الاشتراك في تنظيم تمرين بين القوتين الخاصتين. من جانبه، أوضح مدير الشرطة الاتحادية الألمانية أن التعاون الثنائي "جيد"، مؤكدًا أنه بالإمكان تحسينه. وتجد برلين صعوبة في إعادة ترحيل هؤلاء بالنظر إلى أن العديد من المتقدمين بطلبات اللجوء ليست لديهم وثائق السفر الكافية أو أن أسماءهم ومعلوماتهم الشخصية الأخرى مزيفة، مما يجعل من الصعب إعادتهم إلى بلادهم الأصلية. وأظهر اللواء هامل حرصاً شديداً لطي أزمة "الرعايا الجزائريين المقيمين بطريقة غير شرعية، بما يوحي بقرب انتهاء المشكلة التي أثارت الجدل بين ألمانيا والجزائر على مدار الشهور الماضية، حين نسبت الشرطة الألمانية أعمال عنف خطيرة شهدتها بعض الأحياء بمناسبة احتفالات رأس السنة الميلادية إلى أشخاص من أصول مغاربية ومناطق أخرى من العالم العربي وأغلبهم من الجزائريين. وبلغ عدد طالبي اللجوء الجزائريين في ألمانيا 2296 شخصًا في ديسمبر/كانون الأول 2015 مقابل 847 في حزيران/يونيو 2016، في حين أن طالبي اللجوء المغربيين كان 2896 مقابل 368 للفترات نفسها وفقًا لوزارة الداخلية. ولوحت الحكومة الألمانية بعقوبات مالية في حق الجزائر والمغرب، في حال رفضهما استلام مواطنيهم الذين ترفض طلباتهم للجوء السياسي لديها.
وفرضت الحكومة الاتحادية في ألمانيا إجراءات جديدة على طالبي اللجوء في مطلع 2016، لوقف تدفق المهاجرين بعد موجة زحف نحو مليون شخص إلى البلاد خلال سنة 2015، ومعظمهم فروا من الحروب والنزاعات المسلحة في العراق وسورية وأفغانستان وغيرها. وأشارت تقارير حكومية إلى أنه إلى غاية نهاية شهر حزيران/يونيو 2015، صدر بحق 5500 جزائري ومغربي وتونسي قرارات بالترحيل، إلا أن السلطات لم تتمكن من ترحيل أكثر من 53 فرداً منهم إلى أوطانهم في النصف الأول من عام 2015. وصادق البرلمان الألماني، في 13 مايو/أيار 2016، على مشروع قانون يعلن الجزائر وتونس والمغرب "دولاً آمنة" لتسهيل إجراءات ترحيل رعايا هذه الدول المغاربية ممن تُرفض طلباتهم للجوء في ألمانيا، وتم تمرير مشروع القانون بسهولة من طرف المحافظين بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل وشركائهم الاشتراكيين الديمقراطيين بمجموع 424 صوتًا مقابل رفض 143 وامتناع ثلاثة نواب عن التصويت. وانتقدت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وكذلك حزب الخضر وحزب اليسار المعارضين مشروع القانون بمبرر وجود مخاوف من "انتهاكات لحقوق الإنسان" في الدول الثلاث.
و كان من المفروض أن تجدد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل طلبها بضرورة ترحيل المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين بألمانيا للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء زيارتها التي كانت مقررة شهر فيفري الماضي لكنها ألغيت بسبب "عارض صحي مفاجئ ألم بالرئيس الجزائري". و أفادت مصادر جزائرية متطابقة أن الأسباب الرئيسية التي جعلت السلطات الألمانية تقرر ترحيل كافة المهاجرين المغاربة"جزائريين،توانسة و مغربيين"الذين يقيمون بألمانيا بطريقة غير شرعية دون غيرهم من باقي الجنسيات الأخرى هي الإرهاب و التحرش الجنسي،حيث تحول ملف التحرش الجنسي الذي شهدته كولونيا الألمانية ليلة رأس سنة 2015 إلى ذريعة لحكومة برلين لترحيل طالبي لجوء من دول شمال أفريقيا، وتحديدًا الجزائر والمغرب .لتعلن برلين عزمها عن ترحيل طالبي اللجوء ممن رفضت طلباتهم، وفي مقدمة هؤلاء مواطنون من دولٍ شمال أفريقيا، خاصة الجزائر والمغرب.
وتكشف تقارير ألمانية، ومنها ما نشرته صحيفة "دي تسايت"، ارتفاع عدد طالبي اللجوء من دول شمال أفريقيا، الذين وصل عددهم مع نهاية ديسمبر 2015 إلى 2900 من المغرب، و2300 من الجزائر. وبسبب ما شهدته كولونيا ليلة رأس سنة 2015 من تحرش جماعي بنحو 497 امرأة، وبعد الكشف عن هويات المتورطين، وأولهم طالب لجوء جزائري يبلغ من العمر 26 عامًا، سارعت برلين إلى اتخاذ قرار يقضي بتسريع إبعاد رعايا الجزائر والمغرب.
لكن المساعي الألمانية اصطدمت بعدم تعاون السلطات المحلية لهذه الدول، كما أن أغلب طالبي اللجوء من هذه الدول لا يصرحون بهوياتهم، ويمزقون أوراقهم الثبوتية بعد وصولهم إلى ألمانيا.
وقد طرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل موضوع ترحيل طالبي لجوء على الوزير الأول الجزائري السابق عبد المالك سلال خلال زيارته لألمانيا، ووعد بتعاون أفضل، وأعلن استعداد بلاده لاستقبال المُرحلين بشرط التأكد من جنسيتهم. كما أن اعتداء برلين الأخير الذي أودى بحياة 12 شخصًا واتهم شخص تونسي بتنفيذه، جعل الأصوات المطالبة في ألمانيا بتسريع ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم وخاصة المنحدرين من شمال إفريقيا تتزايد.
برلين منحت الجزائر 3.8 مليون دولا في 2016 و خصصت مساعدة أخرى لها بـــ10 ملايين دولار سنة 2018
و ذكر نفس المصدر أن الجزائر أبلغت ألمانيا باستعدادها لاستقبال مواطنيها الذين ترفض برلين طلباتهم للجوء السياسي مقابل مساعدات مالية ألمانية،مشيرًا إلى أن المساعدات التي تقدمها برلين للجزائر ضئيلة جدًا مقارنة بتلك التي تمنحها ألمانيا لدول أخرى في المنطقة كالمغرب و تونس،و كشف أن السلطات الألمانية منحت الجزائر سنة 2016 حوالي 3.8 مليون دولار،و أنها ستمنحها مبلغ مالي قدره 10 ملايين دولار مع حلول سنة 2018 مقابل ترحيل حوالي 3 آلاف مهاجر جزائري من ألمانيا إلى الجزائر.كما ستمنح السلطات الألمانية الجزائر مزايا اقتصادية و مساعدات مالية هامة مقابل تعاونها في ملف اللاجئين.
و كانت الحكومة الألمانية قد لوحت العام الماضي بعقوبات مالية في حق الجزائر والمغرب، في حال رفضهما استلام مواطنيهما الذين ترفض طلباتهم للجوء السياسي لديها.
وعبر وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشارة أنجيلا ميركل،عن استغرابه قبول دول مساعدات التنمية التي تقدمها ألمانيا ورفضها استقبال مواطنيها من الذين لا يحصلون على حق اللجوء. ورأى غابرييل، في تصريح للمحطة التلفزيونية الألمانية العمومية "أردي"، أن "الأهم هو التوضيح لحكومات شمال إفريقيا بأنها يتعين عليها أن تستقبل طالبي اللجوء المرفوضين من رعاياها"، منوهًا بصورة غير مباشرة إلى إمكانية خفض المساعدات المالية لهذه الحكومات، في حال عدم الالتزام بذلك، حيث قال: "لا يمكن لأحد أن يسعى للحصول على دعم مالي ألماني وفي نفس الوقت لا يتعاون معنا في هذه القضية". وقالت صحف ألمانيا إن دولاً مثل الجزائر والمغرب لم تبد رغبة في استرجاع رعاياها الذين لا يحصلون على حق اللجوء.
و حذر وزير التنمية والتعاون الاقتصادي الألماني غيرد مولر، من تقليص حجم المساعدات المخصصة لدول المغرب العربي، في سبيل إجبارها على استعادة مهاجرين غير شرعيين لا أمل لهم في الحصول على إقامة داخل بلاده. وشدد الوزير الألماني على أن "هدفنا الأساسي لابد أن يتمثل في ضمان استقرار المنطقة برمتها (شمال إفريقيا) بما في ذلك مصر"، وأضاف الوزير أن "الانهيار الاقتصادي (لهذه الدول) سيؤدي إلى مشاكل أكبر". وأوضح مولر أن المساعدات التنموية التي تقدمها ألمانيا ليست "هبات"، لأن استقرار الدول يخدم بالأساس "مصلحة" ألمانيا. وأوضح أن هذه المساعدات تخصص في مجالات تدعم الشباب وهي بدورها آليات للحد من الهجرة.
حقوقيون جزائريون يحذرون من تعرض طالبي اللجوء السياسي المرحلين من ألمانيا إلى متابعات قضائية
وأثار قبول السلطات الجزائرية على ترحيل الجزائريين الذين رفضت ألمانيا طلباتهم للجوء السياسي لديها إلى الجزائر انتقادات ساخطة للحقوقيين الجزائريين و المنظمات التي تُعنى بحقوق الإنسان في الجزائر،و أتهموا في تصريحاتهم لـــ"العرب اليوم" الحكومة الجزائرية بالرضوخ لإملاءات الحكومة الألمانية طمعًا عن مزايا اقتصادية و مساعدات مالية،خاصة أن وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابريال ربط استمرار مساعدات بلاده التنموية المقدمة لدول شمال أفريقيا بتعاونها في ملف اللاجئين.
و عبّر هؤلاء الحقوقيون لــ"المغرب اليوم" عن مخاوفهم من ترحيل ألمانيا للجزائريين خاصة اللاجئين السياسيين ،الذين سيتعرضون-حتمًا-في حال تهجيرهم قسرًا إلى الجزائر إلى متابعات و ملاحقات قضائية و تحقيقات أمنية بالرغم من أن السلطات الألمانية تشترط على حكومات الدول التي ستستقبل المرحلين احترام حقوق الإنسان بشكل أساسي لكن احتمال تعرضهم لتجاوزات حقوقية في الجزائر كما في المغرب يبقى قائمًا و بقوة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر