الرباط - المغرب اليوم
يبدو أن جبهة البوليساريو على الرغم من الضربات التي تلقاها مشروعها الانفصالي على الساحتين الدبلوماسية والعسكرية، ما تزال مصرة على تبني خيار الحرب رغم فشلها في تحقيق أي نصر عسكري أو تقدم ميداني أمام بسالة عناصر القوات المسلحة الملكية المرابطة على الحدود منذ عقود من الزمن؛ فقد أشار بيان صادر عما يسمى “وزارة الدفاع” في جمهورية تندوف، بمناسبة الذكرى الـ51 لظهور بوادر الانفصال في الصحراء المغربية، إلى أن الجبهة عازمة على “مواصلة المعركة التحريرية حتى النصر وفاء لعهد الشهداء وصيانة لكرامة الشعب الصحراوي”.
واحتفى البيان بما وصفه بـ”الانتصارات السياسية والعسكرية التي تحققت طيلة الخمسين عاما الماضية”، مشيدا في الوقت ذاته بـ”صمود وتضحيات” ساكنة مخيمات تندوف، فيما يرى متتبعون أن استمرار تشبث الانفصاليين بمبدأ “نيل الحرية بالبندقية” رغم المتغيرات الجيو-السياسية والتحولات الدبلوماسية التي عرفها ملف الصحراء المغربية، إنما يُترجم سعيهم للحفاظ على تواجدهم في الساحة رغم انتفاء مبررات هذا الوجود ومحاولتهم احتواء تنامي الغضب الداخلي على سياساتهم وتجنيد الشباب لتنفيذ أجندات وخطط معروفة أهدافها.
في هذا الإطار، قال محمد فاضل الخطاط، المنسق الجهوي للمركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إن “كل الصحراويين المغاربة يؤمنون إيمانا مطلقا بمشروع الحكم الذاتي ويعتبرونه حلا راقيا، بل من أرقى الحلول الحضارية لكل نزاع. وبقدر إيمانهم بهذا الحل، فإنهم يرفضون رفضا باتا الاستقلال لأسباب موضوعية وتاريخية وثقافية”، مضيفا أنهم “يرفضون الحرب والترويج لها، ويعتبرون ذلك خطيئة يتحمل المُروج وزرها، والتاريخ يسجل ذلك”.
وصرح الخطاط لهسبريس بأن “منطق المغالبة وإشاعة الخوف وإراقة الدماء منهج بائد ومتخلف، في حين إن الغاية القصوى لكل مجتمع هي صيانة حقوقه وكرامته وهويته”، مشيرا إلى أن “المملكة المغربية الشريفة مملكة تنوع، وقد سطرت هذه الحقوق في الدستور المغربي، ولو تمحص مروجو التشتت والتشرذم والدعوة للحرب هذه الأفكار لأدركوا بديهة أن السلم والأمان هُما مصدر كل خير، وأن الحرب وإراقة الدماء هما مصدر كل الشرور”.
ولفت المتحدث إلى أن “العوامل الخارجية للحفاظ على منطقة توتر بين المغرب والجزائر بوصفهما قطبي رحى المغرب العربي، هي السر وراء إبقاء البوليساريو حية هي وخطابها الحربي هذا”، مسجلا أن “الاستقرار والسلم والتفاهم في المنطقة، يعني سوقا اقتصادية كبيرة مزاحمة للسوق الأوروبية، وهذا ما يدركه بعض صناع القرار الذين وجدوا في البوليساريو أداة لتنفيذ أجندتهم الخبيثة لإبقاء حالة اللا حرب واللا سلم في المنطقة”.
عبد الوهاب الكاين، باحث في شؤون الصحراء، قال إن “استمرار البوليساريو في تسويق الخطاب الذي يمجد الحرب والعنف ليس بالأمر المفاجئ أبدا”، مسجلا أن “الكل يعي ويعرف، بما في ذلك الجبهة الانفصالية، أن الأخيرة لا تملك القدرة على شن أي حرب مباشرة ضد القوات المسلحة الملكية بسبب التفاوت الصارخ ما بين القدرات العسكرية والتكتيكية للجانبين، أضف إلى ذلك حزم الرباط في الدفاع عن حدودها وحوزتها الترابية”.
وأضاف الكاين، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تشبث البوليساريو وترويجها لما تمسيه الكفاح المسلح ومعركة التحرير، لا يعدو أن يكون مجرد ذر للرماد في العيون ومحاولة احتواء الغضب الداخلي في مخيمات تندوف بسبب طول أمد الصراع وفشل قيادات الجبهة في تحقيق أي نصر دبلوماسي، وكذا استمرار سياسة قمع الأصوات التي تندد بالوضع داخل المخيمات”.
وبين المتحدث أن “الخطاب الحربي للبوليساريو يمكن اعتباره كذلك ترغيبا ورسالة إلى الشباب الصحراوي من أجل الالتحاق بالكتائب العسكرية للجبهة لتعويض النقص الكبير الذي تعانيه جراء فرار المئات بل الآلاف من المُجندين إلى الخارج بحثا عن سبل أفضل للعيش الكريم”، موضحا أن “القيادات الانفصالية تحاول دائما بهكذا خرجات استعادة شرعيتها المفقودة والهروب إلى الأمام وإطالة أمد هذا النزاع، باعتبار استمراره يخدم مصالحها الشخصية”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر