الرباط ـ المغرب اليوم
تفاعلا مع قرار وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة القاضي بالسماح لجميع المقاولات المغربية باستئناف أنشطتها، بعد إغلاق دام حوالي شهرين ونصف الشهر بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، انقسم أرباب المقاهي بمدينة خريبكة إلى فئتين؛ واحدة قرّرت الاستمرار في إغلاق أبواب محلاتها، والأخرى اختارت استئناف أنشطتها وفق التوجيهات الموصى بها من طرف السلطات، ولكلّ منهما مبرّراتها ودوافعها.ففي الوقت الذي بدأت فيه الحياة تدب تدريجيا في عدد من المقاهي والمطاعم بمدينة خريبكة، من خلال اعتماد خدمة التوصيل إلى المنازل ومقرات العمل، فضّل عدد من أرباب المقاهي تمديد فترة الإغلاق إلى أجل غير مسمّى، وتأجيل موعد فتح الأبواب وإزالة الأغطية على العصّارات ولوازم العمل التي كساها الغبار.
ضياع السلع وتراكم الديون
عبد الغني بختى، رئيس فرع الفردوس للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، واحد من أرباب المقاهي الذين قرروا مواصلة إغلاق محلاتهم بسبب ما وصفها بـ"الإكراهات الكبيرة التي يعيشها القطاع، بدءً بضياع السلع وتراكم الديون والضرائب ومصاريف فواتير الماء والكهرباء والكراء والربط بالأنترنيت خلال فترة الإغلاق، دون أن تقدّم الدولة أي مساعدة للمتضررين".وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "من المهنيين من يكتري محله بأزيد من مليوني سنتيم في الشهر، إضافة إلى أن فواتير الماء والكهرباء قُدّرت خلال فترة الإغلاق بما كان يسجّل قبل الطوارئ الصحية، دون الحديث عن واجبات الربط بالأنترنيت والقنوات التلفزية المؤدى عنها، وتكاليف تسجيل العاملين بالمقهى في صندوق الضمان الاجتماعي، وضريبة الواقي الشمسي المجحفة".
بين الإنعاش والسجن
وقال عبد الغني بختى إن "فتح المقاهي بين عشية وضحاها ضرب من الخيال"، متسائلا في الوقت ذاته "كيف سنُسدد ديون المواد الاستهلاكية السابقة التي ضاعت خلال فترة الإغلاق؟ وبماذا سنشتري المواد اللازمة لاستئناف العمل الآن؟ وهل يمكن لكوب من القهوة بـ7 دراهم أن يخرج القطاع من غرفة الإنعاش التي كان على أبوابها قبل الطوارئ الصحية ودخلها في حالة احتضار منذ إعلان إغلاق المقاهي بسبب انتشار الفيروس؟".وعن علاقة مواصلة إغلاق المحلات بإكراهات القطاع، أكّد عبد الغني بختى أن "إغلاق المقاهي يعني عجز أربابها عن استئناف عملهم من جهة، ويهدف من جهة ثانية إلى إسماع أصوات المتضررين إلى من يهمهم الأمر، ويرمي أيضا إلى دق ناقوس الخطر الذي يتهدد المشتغلين في المجال؛ إذ إن السجن ينتظر كل من يعجز عن سداد ديونه المختلفة، أو أداء الضرائب المتراكمة عليه".
لجان حاضرة ومساعدات غائبة
رئيس فرع الفردوس للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين استغرب "إقدام لجان المراقبة على مطالبة الراغبين في استئناف عملهم بضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية المتقدّمة جدا"، مشيرا إلى "ما طولب به المهنيون في هذا الباب، خاصة ما يرتبط بمواصفات التعقيم والنظافة وغيرهما، في حين لا تتوفر تلك الشروط في العديد من المستشفيات"، مشدّدا على أن "متطلبات العمل بالشروط المفروضة لا يمكن تحقيقها ببيع café à emporter".وأكّد بختى أن "المحتجين لا يطلبون الصدقة، بل ينتظرون دعما لوجستيكيا من الدولة أو الأبناك، على شكل قروض بدون فوائد أو شروط أو ضمانات تعجيزية، وإعفاء المتضررين لمدّة سنة من السومة الكرائية للواقيات الشمسية وTVA، وإعادة النظر في واجبات الفواتير المسجلة بناء على التقديرات estimations les، حتى يتمكن المهنيون من استئناف أنشطتهم التي يساهمون من خلالها في إنعاش الاقتصاد الوطني وتقديم خدمات اجتماعية وثقافية يغفل عنها كثيرون".
صيغ بديلة عن الاحتجاج بالإغلاق
في المقابل، قرّر عدد من أرباب المقاهي استئناف أنشطتهم وفق ما تتطلب الظرفية، حيث أشار عبد المجيد نصرو، صاحب مقهى بخريبكة، إلى أن "مواصلة الإغلاق تعني تعميق الضرر أكثر مما هو عليه الآن، وبالتالي المطلوب اعتماد أشكال أخرى للمطالبة بإنقاذ وتحسين القطاع دون الحاجة إلى الاستمرار في إغلاق المقاهي، حيث يمكن الامتناع عن أداء الضرائب مثلا إلى حين تحقيق المطالب".وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المطالبة بالحقوق والتعويضات عن الخسائر لا تتحقق فقط بإغلاق المقاهي، خاصة في ظل تراكم فواتير السلع والشيكات وتكاليف الماء والكهرباء..."، مشيرا إلى أن "تحقيق بعض المداخيل من المقهى ولو في أضعف مستوياتها، يبقى أفضل من الإغلاق التام في انتظار استجابة الدولة لمطالبنا".
أرباب المقاهي "ليهم الله"
وبنبرة تملؤها خيبة الأمل، قال عبد المجيد نصرو: "العثماني ما عقلش علينا وما شافش جهة المقاهي، واللي عندو شي ضمان اجتماعي راه استافد، واللي ما عندهومش بحال أرباب المقاهي ليهم الله"، مضيفا أن "الضرر الذي لحق المهنيين خلال الأشهر الماضية كبير، وعلى الدولة البحث عن حلول عاجلة لإنقاذ القطاع".وضرب نصرو المثال عن الضرر بـ"المبالغ المؤدّاة عن استهلاك الماء والكهرباء عن شهر فبراير التي لا تختلف بتاتا عما سُجّل في مارس وأبريل وماي، والضرائب التي يصل عددها إلى 13 نوعا ويؤدّيها أرباب المقاهي كل سنة"، معتبرا أن "القروض التي يروّج لها الآن ستزيد إغراق أرباب المقاهي أكثر مما هم عليه".
قد يهمك ايضا:
توقيف شخصين في مراكش لحيازة كميات كبير من "ماء الحياة"
"كورونا" يخلق أوضاعًا قانونية جديدة تتعلق بمفهوم العلمانية حول العالم
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر