الرباط - المغرب اليوم
بمبادرة من المغرب، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 ماي من كل سنة يوما دوليا لشجرة الأركان التي أدرجتها منظمة “اليونسكو” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، إذ يسهم إنتاجها المستدام في التمكين الاقتصادي والإدماج المالي للمجتمعات المحلية في المناطق التي تعرف بوفرة هذا المورد الطبيعي؛ غير أن الأمر لا يخلو، حسب مهتمين، من إكراهات وتحديات تهدد الأركان على غرار التغيرات المناخية والرعي الجائر، رغم المجهودات التي تقوم بها الدولة لحماية هذه الشجرة وتنمية سلاسل الإنتاج.
قال العربي عروب، رئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني بتزنيت، إن “شجر الأركان، وبالإضافة إلى الأدوار المهمة التي لعبها في إنعاش الدورات الاقتصادية المحلية، فإنه لعب كذلك أدوارا اجتماعية وتراثية كبيرة في العديد من المناطق في جهة سوس ماسة وجهة مراكش ثم الجزء الشمالي من جهة كلميم واد نون”، موضحا أن “هذه الشجرة ساهمت أيضا في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على الاستقرار المادي للأسر ومن خلاله الاستقرار الاجتماعي في المجال القروي ككل”.
وأضاف المصرح لهسبريس أن “الأركان شهد، في السنوات الأخيرة، ثورة وانتفاضة اقتصادية كبيرة خاصة على مستوى التثمين والتحويل واستخراج المستحضرات الصحية الغذائية من هذا المنتج الطبيعي”، مشيرا إلى أن “الاعتراف الأممي بهذه الشجرة زكى ورسخ دورها في تحريك عجلة التنمية في هذه المناطق”.
ولفت إلى أن “الدولة المغربية هي الأخرى أعطت لهذا الموروث الطبيعي مكانة مهمة ضمن استراتيجيتها الفلاحية والغابوية، حيث بذلت مجهودات كبيرة على مستوى التثمين والإنتاج؛ من خلال بناء عدد من الوحدات الإنتاجية لفائدة المنتجين على غرار التعاونيات. كما بذلت مجهودا من أجل تجهيز هذه الوحدات وتهيئتها للحصول على شواهد السلامة الصحية الغذائية ومختلف الشواهد التي تخول التسويق العالمي لهذا المنتج، إضافة إلى المراهنة على التكوين والتأطير والتمكين في مجال إنتاج الأركان”.
في السياق شدد المتحدث ذاته على أن “الحفاظ على شجر الأركان هو تعاقد وطني يجد له صدى في العديد من برامج التخليف والغرس، سواء على الأراضي الخاصة أو على الأراضي التابعة للمياه والغابات والجماعات السلالية، في إطار مخططات سنوية تنفذها الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان التي اشتغلت السنة الماضية على مخطط لغرس 10 آلاف هكتار وهذه السنة هناك أيضا برنامج لغرس حوالي 40 ألف هكتار من شجر الأركان”.
وأشار إلى أن “وكالة الواحات والوكالة الوطنية للمياه والغابات يشتغلان على مشروع للتدبير المشترك لمناطق غرس الأركان الطبيعي، يروم إعادة العمل بالنظم التقليدية والأعراف المحلية في تدبير هذا المجال الطبيعي؛ لأنه تبين أن العرف يلعب دورا كبيرا في ضمان استدامة هذه الشجرة”، مسجلا في الوقت ذاته وجود مجموعة من الإكراهات والتحديات التي تهدد استدامة الأركان؛ على غرار التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف والزحف العمراني، إضافة إلى تحديات مرتبطة بتدخل العنصر البشري من خلال الرعي الجائر وعدم تنظيم الترحال الرعوي.
جميلة بوريك، رئيس تعاونية “أشبار نزربان” لإنتاج وتثمين زيت الأركان بجهة سوس ماسة، قالت إن “التعاونية تشغل ستة أشخاص بصفة قارة وحوالي 25 فردا بشكل غير دائم ممن يتدخلون في سيرورة إنتاج الأركان والمواد المرتبط به على غرار زيوت التجميل”، مسجلة أن “ثمن اللتر الواحد من زيت الأركان يتراوح في الوقت الحالي ما بين 500 و600 درهم”.
وأشارت بوريك، إلى أن “الإنتاج عرف، منذ جائحة كورونا، تراجعا كبيرا نتيجة لمجموعة من العوامل؛ أبرزها مشكل الرعي الجائر، الذي ينضاف إلى جملة من المشاكل الأخرى على غرار توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية وهو ما ساهم في ندرة المحصول وبالتالي الإنتاج”، مسجلة أن “بعض الأشخاص، الذين يعمدون بدورهم إلى شراء الهكتارات من الأركان ويقومون ببيعها للشركات التي تصدره إلى الخارج، ساهم بدوره تضرر إنتاج التعاونيات على هذا المستوى”.
وزادت شارحة: “هناك أشخاص بعيدون عن هذا المجال ولديهم إمكانيات مادية ضخمة يتدخلون في سيرورة الإنتاج، وهم من يحدد سعر المواد الأولية أي ثمار الشجر؛ وهذا ما يفرض علينا كتعاونيات أن نشتري منهم هذه المواد، ولو بسعر لا يخدمنا”، موضحة أن “الوحدات التعاونية تضررت بشكل كبير من هذه الممارسات أمام ندرة المحاصيل وإمكانياتها المحدودة في هذا الإطار وارتفاع تكلفة الإنتاج”؟
وطالبت رئيس تعاونية “أشبار نزربان” لإنتاج وتثمين زيت الأركان بجهة سوس ماسة بـ”العناية بهذا المورد الطبيعي الثمين، خاصة على مستوى التشجير وخلق نقاط للتجميع على مستوى الأقاليم والجهات من أجل لتوفر المواد الأولية للتعاونيات بأسعار مناسبة”، مضيفة: “إذا استمر الوضع على حاله سنصل إلى يوم نحتفي بشجرة لأركان في يومها العالمي دون أن نعاينها أمامنا”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر