بعد الجدل الذي رافق النسخة الأولى من مشروع قانون العقوبات البديلة الذي اقترحه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، قبل أن تجمده الحكومة ويعين عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، لجنة تقنية وزارية لتدقيقه، سيدرس المجلس الحكومي، الخميس، الصيغة الجديدة للمشروع بعد التوافق حول مقتضياته.وبدا لافتا أن المشروع الجديد لقانون العقوبات البديلة خلا من الموضوع الخلافي الذي جاء به مشروع وهبي، بخصوص أداء غرامات مالية مقابل كل يوم سجن، والتي حدد قيمتها ما بين 100 درهم و2000 درهم؛ وهو الأمر الذي اعترض عليه رئيس الحكومة ومعه وزير الداخلية.
وعرف مشروع القانون العقوبات البديلة بالعقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته وفق شروط محكمة.وتم إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ وتحقق الغاية المتوخاة منها، كما جرى استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرا لخطورتها وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.
واكتفى المشروع الجديد بالتنصيص على العمل لأجل المنفعة العامة كعقوبة بديلة يمكن للمحكمة أن تحكم بها، عوض العقوبة السالبة للحرية، إذا كان المحكوم عليه بالغا من العمر خمس عشرة سنة على الأقل في تاريخ صدور الحكم.أما بالنسبة للأحداث فإن العمل لأجل المنفعة العامة لا يعمل به في حالة الأشخاص الذين هم دون 15 سنة؛ لكن في حالة ما إذا قررت المحكمة الحكم بعقوبة حبسية وفقا للمادة 482 من قانون المسطرة الجنائية، يمكن للحدث أن يستبدلها بعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة.
وسجل المشروع بأن العمل لأجل المنفعة العامة يكون “غير مؤدى عنه، وينجز لمدة تتراوح بين 40 ساعة و1000 ساعة لفائدة مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة، أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام”.
وأفاد المشروع بأن المحكمة تَعتبِر لتحديد عدد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة المحكوم بها، موازاة كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المحكوم بها لساعتين من العمل، مع مراعاة الحدين الأدنى والأقصى لعدد ساعات العمل المنصوص عليها”.كما يراعى في العمل، عند الاقتضاء، توافقه مع مهنة أو حرفة المحكوم عليه، كما يمكن أن يكون مكملا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد، ويلتزم المحكوم عليه بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة داخل أجل لا يتجاوز سنة واحدة من تاريخ صدور المقرر التنفيذي المشار إليه في المادة 2-647 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية.
وتطبق على أنشطة العمل لأجل المنفعة العامة المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية أمن وصحة العاملين، إذ تتحمل الدولة مسؤولية تعويض الأضرار التي تسبب فيها المحكوم عليه والتي لها علاقة مباشرة بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، ويحق لها الرجوع على المحكوم عليه للمطالبة بما تم أداؤه.كما يمكن للمحكمة أن تحكم بالمراقبة الإلكترونية بديلا للعقوبة السالبة للحرية، إذ يتم الخضوع للمراقبة الإلكترونية من خلال مراقبة حركة وتنقل المحكوم عليه إلكترونيا بواحدة أو أكثر من وسائل المراقبة الإلكترونية المعتمدة.
ويحدد مكان ومدة المراقبة الإلكترونية من طرف المحكمة ويراعى في تحديدها خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا، إذ اعتبرت المذكرة التقديمية للمشروع أن المراقبة الإلكترونية من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به.
وأكدت أن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية يحقق قدراً كبيراً من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة المتمثلة في سعي الدولة إلى زجر مرتكب الجريمة.أما النوع الثالث من العقوبات البديلة، فحدده المشروع في تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، إذ اشترط المشروع للعمل بهذا البديل في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها خمس سنوات.
ونص المشروع على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية بديلا للعقوبات السالبة للحرية، في حين نص على اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.وهذا النوع من العقوبات منح المشروع للمحكمة إمكانية أن تحكم بواحدة منها أو أكثر، وهي إما مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا؛ وهو الإجراء الذي يهدف من خلاله المشرع إلى توجيه المحكوم عليه نحو التأهيل والتكوين على مستوى المهن والحرف التي تتلاءم وإمكانياته المعرفية، إما بتقييده بمزاولة نشاط مجني معين أو تتبعه دراسة معينة أو تكوين معين.
كما نص المشروع على إقامة المحكوم عليه بـ”مكان محدد والتزامه بعدم مغادرته أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من عدم ارتيادها في أوقات معينة”، والغاية من هذا الإجراء هي وضع “قيود على تحركات المحكوم عليه حسب الجريمة التي اقترفها ومدى خطورتها على المجتمع وإلزامه بعدم المغادرة كليا من مكان محدد أو بعدم مغادرته في أوقات محددة”.
ومن بين العقوبات الأخرى فرض رقابة يلزم بموجبها المحكوم عليه من قبل قاضي تطبيق العقوبات، بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى المؤسسة السجنية وإما إلى مقر الشرطة أو الدرك الملكي أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة؛ فضلا عن التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالأشخاص ضحايا الجريمة بأية وسيلة كانت، وخضوع المحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان؛ وتعويض أو إصلاح المحكوم عليه للأضرار الناتجة عن الجريمة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وهبي يكشف أن "البام" متناغم مع رئيس الحكومة وسنواصل الدفاع عن المرأة المغربية
قرارات تأديبية في حق أربعة برلمانيين من "حزب الأصالة والمعاصرة"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر