الرباط - المغرب اليوم
حقّقت الدبلوماسية المغربية نجاحاً باهراً داخل مقر الاتحاد الإفريقي، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهي تحصد ثمار نجاحات الإستراتيجية الرسمية تجاه القارة السمراء؛ فقد أصبح المغرب، انطلاقا من تاريخ الـ30 يناير المنصرم، عضواً في المنظمة، التي غادرها منذ 33 سنة بسبب القبول بعضوية البوليساريو، قبل أن ينبهر قادة زعماء إفريقيا بالخطاب الملكي الذي صفق له الحضور داخل قاعة "نيلسون مانديلا" التاريخية، لينال موجةً من التأييد والدعم.
ولم يختلف السياسيون والمتتبعون للحدث الإفريقي في أن القمة الـ28 للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت في أديس أبابا، شهدت لحظات قوية ستبقى موسومة في تاريخ المغرب، وبصمت على عودته إلى أسرته الإفريقية، على أن الخطوة تشكل "انتصارا للدبلوماسية المغربية" تحت قيادة الملك محمد السادس، ونتيجة منطقية للجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية في التواصل المباشر والقرب من الدول الإفريقية.
مساء يوم الجمعة 27 يناير الماضي، يتوجه الملك محمد السادس إلى إثيوبيا، قبل يومين من انطلاق القمة الإفريقية في أديس أبابا، من أجل تدارس عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، حيث كان العاهل المغربي مرفوقًا بالأمير مولاي إسماعيل، ضمن وفد رسميّ يضم على وجه الخصوص كلا من المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، وصلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وناصر بوريطة الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون.
وستظل الأنظار متجهة صوب "الفريق الملكي" الذي قاد مواجهات ومشاورات عودة المملكة إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي، وانطلقت بأول لقاء يعقده الوفد مع دلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، لمناقشة الترتيبات الجارية للعودة المغربية إلى عضوية الاتحاد، لتليه لقاءات أخرى رسمية مغلقة ومفتوحة مع عدد من المسؤولين الأفارقة، لتعقبها ليلة القمة وليمة عشاء فخمة أقامها الملك لزعماء العديد من البلدان الإفريقية، داخل مقر إقامته في أحد الفنادق وسط العاصمة الإثيوبية.
وكانت الأحاسيس الوطنية تنبعث جيّاشة إلى المغاربة وهم يشاهدون "الفريق الدبلوماسي" المغربي يُردد النشيد الوطني بحماس داخل مقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عقب الإعلان عن قبول طلب عودة المملكة إلى عضوية الاتحاد، قبل أن يعتلي الملك المنصة الرئيسية للقمة داخل قاعة نيلسون مانديلا، ويخطب في الحضور والمتتبعين، عبر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعيّ، بخطاب وصف بالتاريخي والعاطفي، خاصة حين خاطب الجميع بنبرة مؤثرة: "لقد اشتقت إليكم جميعا".
فريق ملكي
وفي الوقت الذي لا يمكن غض الطرف فيه عن دور الإدارة العامة للدراسات والمستندات، التي يديرها ياسين المنصوري، "رفيق دراسة ملك البلاد"، وكذا الطيّب الفاسي الفهري، المستشار الملكي في الشؤون الخارجية، في مسار عودة المغرب إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي؛ فإن الوفد الدبلوماسي، الذي رافق الملك إلى رحلة أديس أبابا، كان بارزا بحضور مستشاره فؤاد عالي الهمة، الذي يلقب بـ"صديق الملك" وعين ضمن الديوان الملكي في ديسمبر 2011، بجانبه صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون في حكومة تصريف الأعمال، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار والذي التحق بالائتلاف الحكومي منذ أكتوبر 2013؛ إلا أنّ هناك اسمين مغربيين بصما على حضور مثير للانتباه في مشاورات ولقاءات رحلة أديس أبابا، ويتعلق الأمر بكل من ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ونزهة العلوي محمدي، سفيرة المغرب في أديس أبابا، التي باتت ممثلة المغرب داخل الاتحاد الإفريقي.
ويبصم ناصر بوريطة على مسار دبلوماسي مشجع وإيجابي، بعد عام فقذ على تعيينه وزيرا منتدبا لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، المنصب الذي أوكل إليه من لدن الملك في السابع من فبراير من العام الماضي بالعيون، بعدما كان يشغل منصب الكاتب العام للوزارة، منذ العام 2011، وقبلها رئيسا لقسم منظمة الأمم المتحد ومديرا للأمم المتحدة والمنظمات الدولية داخل الوزارة، ما بين 2003 و2009، فيما كانت أولى مهمات بوريطة، 47 سنة وابن مدينة تاونات، منصب رئيس مصلحة الهيئات الرئيسية بالأمم المتحدة ومستشارا في بعثة المغرب لدى المجموعة الأوروبية في بروكسيل منذ العام 2002.
أما نزهة العلوي محمدي (49 سنة)، التي عينت سفيرة للمغرب في جمهوريتي إثيوبيا وجيبوتي، في أكتوبر الماضي، وممثلة المغرب الرسمية داخل الاتحاد الإفريقي، فتحمل في جعبتها حقيبة ممتلئة بملفات أدغال القارة السمراء؛ فخريجة المدرسة الوطنية للإدارة العمومية عام 1988 كانت تشغل منصب رئيسة قسم "إفريقيا الغربية والشرقية" والشراكة في الشؤون الإفريقية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون منذ العام 2009، حيث اندمجت وقتها مع الفريق الدبلوماسي الذي تكلف بالإشراف على الإستراتيجية الرسمية الجديدة للوجود المغربي في إفريقيا.
والتحقت محمدي بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون بعد تخرجها عام 1989، حين كان يتقلد الوزارة عبد اللطيف الفيلالي، لتندمج في خلية الاتحاد الأوروبي التي كان يشرف عليها الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية الأسبق والمستشار الملكي الحالي، لتنتقل بعد ذلك إلى إيطاليا كمستشارة اقتصادية داخل سفارة الرباط بروما، ومكلفة بملفات المنظمة العالمية للتغذية، ثم إلى سفارة المملكة بالعاصمة البلجيكية بروكسيل عام 2004 مكلفة بالملفات ذاتها.
وبعد تجربة داخل الوزارة تهم ملفات الشراكات الافريقية، سيتم تعيين نزهة العلوي محمدي، عام 2013، سفيرة للمغرب في دول غانا والبنين والطوغو.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر