الرباط-المغرب اليوم
تبعا لما استنتجه بعض النواب البرلمانيين من كون النيابة العامة اختارت توجها يرفض تبعية قضاة النيابة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره خيارا دستوريا، وان رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو الملك، وعندما تتحدث النيابة العامة عن مؤسستين قياديتين فإنها تضع رئيس النيابة العامة في نفس مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يرأسه الملك، اقل ما يمكن أن يقال عنه انه استنتاج لا يرتكز على اساس ولا يمت للدستور والقانون التنظيمي بصلة ، ذلك ان الوكيل العام للملك يعتبر عضوا في المجلس الاعلى للسلطة القضائية طبقا للفصل 115 من الدستور والمادة السادسة من القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية اذ لا يوجد تمييز بين قضاة الاحكام وقضاة النيابة العامة الا في حالتين : الحالة الاولى مفادها أن قضاة النيابة العامة يخضعون لتسلسل رئاسي يجعل كل مرؤوس يخضع لسلطة رئيسه وملزم بتنفيذ تعليماته القانونية والكتابية طبقا للفقرة الثانية من الفصل 110 من الدستوروالحالة الثانية تخص عدم توفر قضاة النيابة على حصانة النقل والعزل الذي خص بها الدستور قضاة الاحكام طبقا للفصل 108 من الدستور.
الأكثر من ذلك وما يفند ما تم استنتاجه ،ان رئيس النيابة العامة مسؤول عن كيفية تنفيذه للسياسة الجنائية امام السلطة التي عينته المتمثلة في رئيس المجلس الاعلى للسلطة القضائية اي الملك ، وكذا امام المجلس الذي يتعين ان يقدم له تقارير دورية بشأن تنفيذ السياسة السياسة الجنائية وسير النيابة العامة من جهة اخرى فإن طرح مسألة إلزامية حضور الوكيل العام للملك لتقديم التقرير المنصوص عليه في المادة 110 من القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية داخل لجنة العدل والتشريع بالبرلمان تم الحسم فيه بصفة واضحة بموجب قرار المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) الصادر بتاريخ 15مارس 2016 ، والذي مفاده ان قيام رئيس النيابة العامة بتقديم التقرير أو حضوره لمناقشته أمام لجنتي البرلمان مخالف للدستور لانه يمس بالاستقلالية.
بل اكدالمجلس الدستوري على حق البرلمان في مناقشة تقرير رئيس النيابة العامة باعتباره تقريرا يهم الشأن القضائي يسوغ للبرلمان « تدارسه والأخذ بما فيه من توصيات مع مراعاة مبدأ فصل السلطات والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة »، معتبرا ان المشرع هو المختص بوضع السياسة الجنائية ويحق له تتبع كيفيات تنفيذ هذه السياسة قصد تعديل المقتضيات المتعلقة بها وتطويرها إذا اقتضى الحال ، مضيفا ان استقلال السلطة القضائية لا يسمح بمراقبة النيابة العامة من طرف البرلمان وان المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة لا يتم فيما يخص السلطة القضائية المستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بنفس الكيفية وبذات الأدوات التي تهم مجالات أخرى « بالنظر لطبيعة السلطة القضائية واستقلالها وآليات اشتغالها والسبل المقررة لتصحيح اخطائها »أي ان قرارات النيابة العامة تعتبر مراقبة من طرف القضاء الذي تخضع احكامه لطرق الطعن القانونية ،ليخلص قرار المجلس الدستوري ان رئيس النيابة العامة يكون مسؤولا عن كيفية تنفيذه للسياسة الجنائية أمام السلطة التي عينته والمتمثلة في رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وكذا أمام المجلس الذي يقدم له تقارير دورية بخصوص تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة ،لذلك فان القول بحضور الوكيل العام قصد إغناء النقاش ، وأن البرلمان لم تكن له نية محاسبة النيابة العامة، والمطلب كان هو تبادل الرأي مع المسؤولين في النيابة العامة ولا يفهم منه المثول المقرون بالمساءلة البرلمانية، من شأنه المساس بمبدأ فصل السلطات والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة وبالتالي يبقى البرلمان مواجها باختصاصه المتمثل في تدارس التقرير دون تصويت كما ينص على ذلك القانون ،والأخذ بما فيه من توصيات بهدف تعديل المقتضيات وتطويرها إذا اقتضى الحال مع رفع التوصيات.
علما ان مسألة الجهة التي تحيل التقرير على البرلمان لم يقع الحسم فيها بصفة دقيقة على اعتبار ان المادة 110 من القانون التنظيمي المشار اليها أعلاه غير واضحة في كيفية إحالته ومن الجهة التي تحيله ، اذ اشارت إلى تلقي المجلس لتقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة ،من بين هذه التقارير تقرير الوكيل العام لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ، قبل عرضه ، ومناقشته أمام لجنتي التشريع بالبرلمان كما ان النظام الداخلي لمجلس النواب لم يتطرق بدوره لهذه النقطة
وفيما يخص عرض التقرير فان المادة 110 من القانون التنظيمي لم توضح الجهة التي تتولى عرض التقرير وهل سيتم ذلك من طرف احد أعضائها ما دام المجلس الدستوري حسم في عدم حضور رئيس النيابة العامة ، كما ان المادة 318 من النظام الداخلي لمجلس النواب اوردت عبارة مبنية للمجهول : « يُعرض تقرير الوكيل العام لمحكمة النقض حول السياسة الجنائية وسير النيابة العامة أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان ويكون التقرير متبوعًا بمناقشة دون تصويت ، الشيء الذي يطرح أسئلة مسطرية بخصوص الجهة المخول لها عرض التقرير ، علما ان الدستور لم ينص على تقديم التقرير أصلا ، وتبقى الإحالة المنصوص عليها في القانون التنظيمي احالة ادارية يقوم بها معد التقرير أي الوكيل العام لمحكمة النقض رئيس النيابة العامة لرئيسي مجلسي البرلمان من اجل تعميم التقرير ، وإلمام أعضاء لجنتي العدل والتشريع بمقتضياته بحكم اختصاص البرلمان بوضع التشريع في أفق وقصدتعديل المقتضيات المتعلقة بالسياسة الجنائية وتطويرها إذا اقتضى الحال الشيء الذي يقتضي تجاوزهذه النقطة المسطرية بتوافق داخل مكتب اللجنة بمقتضاه يتسلم الأعضاء نسخا من التقرير بمثابة عرض واطلاع أو بتعيين الرئيس لمقررلتلاوة التقريرتليه المناقشة وصياغة التوصيات مادام غير متبوع بتصويت ، في انتظار تعديل المادة 318 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
قد يهمك ايضا
برلمانيون يستعيدون الاقتطاعات قبل تصفية صندوق تقاعد المستشارين
البرلمان المغربي يفتح ملف تفصيل “مناصب على المقاس” في التعليم العالي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر