الرباط ـ المغرب اليوم
نظّمت جمعية "صوت المرأة الأمازيغية والتعاون الألماني"، بالتعاون مع المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب، دورة تكوينية لصالح قضاة ومحامين وفاعلين في منظومة العدالة، تمحورت بشأن موضوع "حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي". وذلك في إطار مشروع لتقوية قدرات الجهات المكلفة بإنفاذ القانون في هذا المجال.
واستهلت أشغال الدورة التكوينية بكلمات افتتاحية للجهات المنظمة، وأكد رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب، عادل هتوف، على أهمية اختيار موضوع هذه الورشة، لارتباطه بقانون ذي طبيعة تقنية، صدر ليسد فراغًا ظلت تعاني منه المنظومة التشريعية يتعلق بحماية الحياة الخاصة والخصوصية الفردية التي تعد أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية، والتي أضحت محل اهتمام متزايد في ظل ما تعرفه الحياة المعاصرة من ثورة في تقنية المعلومات، جعلت من المعطيات الشخصية مصدرًا مهمًا للمقاولات من أجل الرفع من نشاطها التجاري، بما قد يحمله ذلك من مخاطر إمكانية إساءة استعمال معالجة المعطيات الشخصية للأفراد.
وأكدت رئيسة جمعية صوت المرأة الأمازيغية على أهمية التطرق إلى الموضوع باعتبار المعلومات في خدمة المواطن، وتتطور في إطار التعاون الدولي، وينبغي أن تراعي ضوابط أهمها عدم المس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية أو الفردية للإنسان، وينبغي ألا تكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطنين، مشيرة في هذا المجال إلى بعض المظاهر الخطيرة التي أضحت متفشية في مجال خرق المعطيات ذات الطابع الشخصي، والتي تستهدف فئات هشة كالنساء والفتيات والتلميذات من خلال الاستغلال السيء لمعطياتهم الشخصية، أو توظيفها في تزويج الطفلات أو تشغيلهم، واستغلال بعض الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في التسول، خاصة في المناطق النائية، وأضافت أنه من بين أسباب تفشي الظاهرة عدم توعية المواطنين بالإطار القانوني المنظم، لحماية المعطيات الشخصية، والاستعمال المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي دون ضوابط أو تحسب للآثار السلبية التي قد تخلفها.
وقدم الأستاذ محمد الخمليشي مدخلًا عاًما تناول من خلاله مفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهي كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها بما في ذلك الصوت والصورة، والمتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه، موضحًا في هذا السياق مفهوم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والتي تعني كل عملية تنجز بمساعدة طرق آلية أو بدونها وتطبق على معطيات ذات طابع شخصي مثل التجميع أو التسجيل أو التنظيم أو الحفظ أو الملاءمة، أو التغيير أو الاستخراج أو الاطلاع أو الاستعمال أو الإيصال عن طريق الإرسال أو الإذاعة أو أي شكل آخر، من أشكال إتاحة المعلومات أو التقريب أو الربط البيني، والإغلاق أو المسك أو الإتلاف، كما سلط الضوء على مفهوم المعطيات الحساسة وهي المعطيات ذات الطابع الشخصي التي تبين الأصل العرقي، أو الاثني أو الآراء السياسية أو القناعات الدينية أو الفلسفية أو الانتماء النقابي للشخص المعي، أو تتعلق بصحته بما في ذلك المعطيات الجينية.
وقدم أنس سعدون عن المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية عرضًا بشأن مجالات تدخل اللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات ذات الطابع الشخصي، تناول من خلاله شروط وطرق تعيين أعضائها، وتتكون من 7 أعضاء يعينون من طرف الملك، اثنان منهم باقتراح من رئيس الحكومة، واثنان باقتراح من كل من رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ويتم اختيار الأعضاء من الشخصيات المعروفة، بحيادها ونزاهتها وخبرتها وكفاءتها في الميادين القانونية والقضائية والإعلاميات، والإلمام بالقضايا التي تهم الحريات الفردية، مشيرًا إلى أن المرسوم الصادر بتاريخ 21 مايو/أيار 2009، لم يراع مقاربة النوع الاجتماعي في تشكيل اللجنة التي تضطلع بمهام وصلاحيات واسعة، من بينها تلقي شكايات كل شخص معني يعتبر نفسه تضرر بنشر معالجة معطيات ذات طابع شخصي، والتحقق بشأنها والاستجابة لها، والرد عليها بالأمر بنشر تصحيحات أو إحالتها على النيابة العامة المختصة قصد المتابعة، أو القيام بالإجراءين معا.
وأضاف أن اللجنة تتوفر على سلط التحري والبحث التي تمكن أعوانها المفوضين لهذا الغرض بصفة قانونية من قبل الرئيس، بالولوج إلى المعطيات الشخصية الخاضعة للمعالجة، والمطالبة بالولوج المباشر للمحال التي تتم فيها المعالجة، وتجميع المعطيات والوثائق الضرورية للقيام بمهام المراقبة والمطالبة بها، وفق التفويض الذي يمارسونه. كما يمكن لأعوان اللجنة الوطنية وبناء على ترخيص النيابة العامة حجز المعدات موضوع المخالفة.
وتصدر اللجنة قرارات تتراوح بين حفظ الشكاية، السعي إلى إيجاد حل بالتراضي بين الطرفين، توجيه رسالة بالملاحظات إلى المسؤول عن المعالجة المخالف، الأمر بإجراء مهمة مراقبة أو تحقيق بعين المكان، الأمر بالتغييرات اللازمة من أجل حفظ نزيه للمعطيات، السحب الفوري لوصل التصريح أو الأذن، أو إحالة الملف على النيابة العامة.
وسجل عضو نادي قضاة المغرب أنس سعدون، وجود ضعف في التحسيس بمجال تدخل اللجنة من طرف عموم المواطنين وأحيانا حتى الجهات المكلفة بإنفاذ القانون، داعيًا إلى نشر تقارير دورية بمجالات عمل اللجنة على نطاق إعلامي واسع، لتحقيق الأمن المعلوماتي الذي يعد أحد أهم الأهداف من وراء أحداثها.
وأشغال الدورة التكوينية خرجت بعدة توصيات همت المجال القانوني، ومجال تدخل المجتمع المدني ومن أبرزها "ضرورة تعديل القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ومرسومه التطبيقي لملاءمته مع دستور 2011، في شقه المتعلق بإعمال مقاربة النوع الاجتماعي والسعي نحو المناصفة؛ إحداث لجان جهوية لتحقيق القرب، وضع دليل عملي يساعد كافة الجهات المتدخلة في تطبيق هذا القانون، الاهتمام بالتكوين المستمر بالنسبة لكل المتدخلين، نشر تقرير دوري عن مجالات عمل اللجنة لتحقيق الأمن المعلوماتي، نشر الأحكام القضائية ذات الصلة بمجال هذا القانون، مراجعة العقوبات المالية المقررة، استهداف حملات التوعية للفئات الهشة الأكثر عرضة لاستغلال معطياتها الشخصية، توثيق التجارب الفضلى في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، تعزيز قدرات المجتمع المدني، الاستفادة من تجارب مقارنة ناجحة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر