الرباط - سناء بنصالح
أصدر معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان حول السياسات العمومية الثقافية في المغرب انطلاقًا من اهتماماته تتبعًا وترافعاً وتقييماً، وايماناً منه بأهمية الترافع لدى السلطات العمومية حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة، ومواكبة منه لأسئلة الثقافة في السياق المغربي، إذ تضم الوثائق التأسيسية للمعهد إشارات دالة على أهمية الثقافة، من خلال العمل على جعلها جسراً متيناً لنشر وإشاعة القيم الحقوقية، ودعامة من دعامات توطين الديمقراطية في المغرب، سلوكاً وممارسة.
وأوضحت المذكرة أنه وعياً من المعهد بتقدم الإطار الدستوري الناظم لأدوار المجتمع المدني، واعتباراً لكل الديناميات التي أُطلقت في سياق هذه الصلاحيات الجديدة تفعيلاً وتأويلاً، مرافعة ونقداً، وأخذاً بعين الاعتبار أن تتبع وتقييم السياسات العمومية يندرج في صلب اهتمامات وانشغالات معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، يأتي إصدارها بشأن السياسات العمومية الثقافية في المغرب، بعد الصدى الكبير الذي عرفته مذكرته القانونية الأولى حول مشروعي القانونين التنظيميين المنظمان للحق في تقديم العرائض والملتمسات، استمراراً في واجب اليقظة الذي ينهض به المعهد اتجاه تعهدات الحكومة ومنجزها، ونحن على مسافة (6) أشهر من نهاية الولاية الحكومية الحالية.
وتندرج هذه المذكرة في إطار الشراكة التي تجمع ما بين معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومؤسسـة نسـيج –موارد للتنمية الشبابية المجتمعية في الوطن العربي، كجزء من مشروع "العدالة الاجتماعية" الذي تقوم مؤسسة نسـيج بتنفيذه بشراكة مع عدد من المؤسسات والعاملين في المجالات التنموية والحقوقية المختلفة في مجموعة من الدول العربية.
وتضمنت المذكرة 3 محاور أساسية:
- المحور الأول: اعتنى أساساً ببيان مساهمة الديناميات والتعبيرات الثقافية والفنية، في استعادة الفضاء العمومي، من خلال مجموع المبادرات والأنشطة وطبيعة القضايا والمواضيع والتيمات المختارة كمحاور للنقاش، وهو ما يُعلي ويرفع من شأن الفضاء العمومي، من خلال جعله حقاً مشاعاً بين الناس، في أفق ثقافة بديلة مستحضرة للأبعاد الكونية والإنسانية ذات العلاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
- المحور الثاني: اهتم من جهة، بتتبع موقع الثقافة في النص الدستوري لسنة 2011، والبرنامج الحكومي، والمخطط التشريعي، والميزانيات الفرعية والخطط الاستراتيجية لوزارة الثقافة، ثم من جهة أخرى رصد الاهتمام بالثقافة لدى الفاعل البرلماني من خلال مجموع مبادراته سواء تعلق الأمر بالأسئلة الكتابية والشفهية، أو الأسئلة ذات العلاقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، ثم أيضاً موقع الثقافة (كقطاع) من حيث حجم الميزانيات والاعتمادات المالية المخصصة له في إطار قوانين المالية السنوية، وهو ما مكّن من استجلاء الضعف العام فيما يخص اهتمام الفاعل الحكومي أو البرلماني على السواء بالمسألة الثقافية.
- المحور الثالث: تناول الامكانات والمساحات الدستورية والقانونية (القوانين التنظيمية تحديداً) المتاحة لمساهمة المجتمع المدني في الترافع حول الحقوق الثقافية، ودعم حضورها على المستوى القاعدي (الجماعات والأقاليم والجهات)، في ظل تقدم الإطار القانوني الناظم لوضعية المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة.
وأشارت المذكرة أن معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان يمزج في هذا المذكرة بين استحضار البعد الدستوري والتشريعي، ومن خلال الموازنة بين ما استقرّ في علم السياسات العمومية، والمقاربة الدستورية والقانونية، والمقاربة الوثائقية من خلال فحص ودراسة عشرات النصوص (نصوص قانونية، دراسات، تقارير...)، بِنَفَسٍ نقدي تقييمي، مبلورٍ لاقتراحات وتوصيات قابلة للتنفيذ والأجرأة.
ومن خلال الاهتمام البالغ للمعهد بالمسألة الثقافية، وقع لديه تقدير كون سؤال الثقافة غير منفصل عن السياسة والاجتماع، وهو ما يفسر مثلاً أن قطاعاً غنياً من حيث المعرفة نجده فقيراً من حيث الطاقة (قطاع الثقافة –الإعلام والاتصال–التربية والتعليم)، في وقت نجد فيه قطاعاً فقيراً من حيث المعرفة، لكنه غني من حيث الطاقة (قطاع الداخلية مثلاً)، وهو ما يفسر أن الرهان ظل قائماً على تحييد كل ما هو ثقافي وعزله عن باقي مجالات الفعل الاجتماعي والسياسي، من خلال العمل على تسييد "ثقافة" لا تنشد بالضرورة الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والكرامة والمساواة.
جدير بالذكر أن معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان"، هو مبادرة شبابية مستقلة عن الدولة والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، ويعمل على تتبع السياسات العمومية وتقييمها، والتكوين ونشر ثقافة وقيم حقوق الإنسان والديمقراطية لدى الفاعلين المدنيين والسياسيين، والشباب الجامعي والمتمدرس في التعليم العمومي والخصوصي، والشباب غير المتمدرس والعامل والعاطل عن العمل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر