قال الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة إنه وبعد المسار الحافل بالنجاحات في قضية الوحدة الترابية، كان منتظرا أن يتحرك المتربصون بالمملكة والمستهدفون للدور المحوري الذي بات يلعبه المغرب كقوة إقليمية وقارية صاعدة، للنيل من المصالح العليا البلاد، من خلال استخدام القضاء الأوروبي (قرار محكمة العدل الأوروبية بتأويلاته المُجحِفة)، وإحياء مخطط تقسيم الصحراء المغربية الذي عفا عنه الزمن.
وقال إن الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء في شهر نونبر الماضي، جاء واضحا وحازما تُجَاهَ محاولات توظيف البعض هذا النزاع المفتعل لخدمة أجندته الداخلية أو السياسية، رافضا لكل المقاربات المَاضَوِية والنُّكوصية المتجاوَزة، مؤكدا على الرؤية الواقعية فيما يتعلق بتسوية هذا النزاع المفتعل على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي ولا شيء غيْرَه، تحت السيادة المغربية، كمبادرة تحظى بدعمٍ واسعٍ من المنتظم الأممي والدول العظمى.
وأضاف “لأن بلادنا تَخْطُو بحزمٍ وبثباتٍ نحو طَيِّ هذا الملف، والتوطيد النهائي لوحدتنا الترابية، فإنه بات من الواجب علينا جميعا استنفار كل قدراتنا الجماعية، ومؤهلاتنا الدبلوماسية والفكرية لرفع نسق الترافع الناجع والمُنَسَّقُ عن الوحدة الترابية لبلادنا، بهدف إقناع الدول القليلة المتبقية، إما لأنها مازالت مُترددةً ولَمْ تَحسِم أمْرَها بعد، أو لأنها مازالت متماديةً في معاكسة الحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه”.
ولفت إلى أن حزب الاستقلال، الذي حَظِيَتْ قضية الوحدة الترابية للمملكة على الدوام بعميق انشغاله وأولوياته، باعتبارها قضية مقدسة راسخة الحضور في وعي ووجدان كافة الاستقلاليات والاستقلاليين على مر الأجيال، يعتز بالتحول الاستراتيجي الذي عرفته القضية الوطنية ويجدد التأكيد على انخراطه في صدارة التعبئة الوطنية وتَجَنُّدِهِ الدائم وراء الملك لتحصين المكتسبات الوحدوية والدفاع عن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد والتصدي لكل المناورات التي تُحَاك ضد وحدتنا الترابية، والانتقال إلى السرعة القصوى في إرساء المقومات التمهيدية لنظام الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية.
وقال الأمين العام لحزب الاستقلال إن مسار قضية الوحدة الترابية، للمملكة انتقلت إلى عَتَبَةٍ أعلى من التحول الاستراتيجي في المقاربة والنتائج، مع توالي المكاسب والانتصارات الدبلوماسية بأبعادها المختلفة واتساع دائرة القناعات لدى المجتمع الدولي بعدالةِ ومشروعيةِ قضيتنا الوطنية وبرجاحة المقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كَحَلٍّ واقعي وَجِدِّي وذي مصداقية كفيل بضمان الأمن والاستقرار والازدهار بالمنطقة.
واعتبر بركة أن ذلك عكسته قرارات مجلس الأمن الدولي، والتي كان آخرها القرار رقم 2756 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2024، الذي أعاد التأكيد على الحل السياسي لهذا النزاع المفتعل، والذي لا يمكن أن يكون إلا واقعيا وبراغماتيا ودائما وقائما على التوافق، وهو ما ينطبق على مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، وجدَّد الدعوة لجميع الأطراف بما فيها الجزائر، إلى العودة إلى الموائد المستديرة والانخراط الإيجابي في العملية السياسية لضمان الوصول إلى الحل السياسي الواقعي والعملي والمستدام والمتوافق عليه.
وسجل بركة في عرضه السياسي اليوم السبت، خلال الدورة العادية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، أنه على وعلى نفس المنوال سار القرار الأممي الجديد الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي، في دعمه للمسار السياسي تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن الدولي وفي دعمه للحل السياسي الواقعي، واعتماد آلية “الموائد المستديرة” التي تضم جميع الأطراف المعنية، وترجيح منطق التعاون والتوافق لحل هذا النزاع المفتعل.
وأورد أن الإنعِطَافة الدبلوماسية غير المسبوقة في ملف قضية الوحدة الترابية، لم تكن إلا انعكاسا لبعد نظر الملك ورؤيته الحكيمة والمتبصرة في مقاربتها لهذا الملف، مستشهدا بمقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، الذي كان حازما في ترسيخ المحددات والثوابت الواجب مراعاتها في التعامل مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، وكذا في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب، الذي جعل ملف الصحراء هو النظارة التي تنظر بها بلادنا إلى العالم، والمقياس الذي تقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.
وأوضح أن هذه الانعطافة الدبلوماسية نتيجة للتنزيل المتواصل للنموذج التنموي الجديد الذي اعتمدته البلاد بأقاليمنا الجنوبية، والذي شهد به الخصوم قبل الأصدقاء، ويُعتبَر قوةً دافعة وسندا داعما للوحدة الترابية للمملكة. وهو ما شَكَّل منطلقا محفزا للدبلوماسية المغربية من أجل الترافع عن مغربية الصحراء في المحافل الدولية بكل ما يقتضيه من قوة في الإقناع، والتأثير في التقدير والمصداقية في الشرح والتحليل، وهو ما فتح الباب واسعا أمام فتوحات دبلوماسية اتَّسعت معها قاعدة الداعمين والمؤيدين لمغربية الصحراء، ولمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وتزايد وتيرة فتح القنصليات من قبل عدد من الدول الصديقة والشقيقة بمدينتي العيون والداخلة.
وفي هذا الصدد، ذكر الأمين العام لحزب الاستقلال الاعتراف التاريخي غير المسبوق بمغربية الصحراء من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها فرنسا، “باعتبارهما دولتين نافذتين ومؤثرتين، ولَهُما عضوية دائمة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، إلى جانب دعم أكثر من 20 دولة من دول الاتحاد الأوروبي لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، من بينها إسبانيا وألمانيا وهولندا وفنلندا واستونيا، وكان آخرها هنغاريا التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي إلى غاية 31 دجنبر الحالي.
وأكد أن أكثر من 112 دولة عبر العالم تؤيد مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والعدد في تزايد؛ مسجلا في نفس الوقت التراجع الملحوظ من قبل دول أمريكا اللاتينية عن اعترافات سابقة بالانفصاليين، وآخرها جمهوريتي بَنَمَا والإكوادور؛ إذ أن أكثر من 30 دولة صديقة وشقيقة فتحت قنصلياتها في كل من العيون والداخلة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر