في خضم التحديات والمخاطر المتزايدة التي تشكلها جريمة غسل الأموال، تنظم رئاسة النيابة العامة المغربية ، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات، اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، دورة تكوينية تخصصية حول موضوع تعزيز قدرات القضاة في مجال محاربة هذه الجريمة.
وتأتي هذه الدورة التكوينية في سياق التشريعات الجديدة التي وضعها المغرب، على بُعد شهر من الشروع في توسيع دائرة المحاكم التي تنظر وتبتّ في قضايا جرائم غسل الأموال لتشمل محاكم الدار البيضاء ومراكش وفاس، بعد أن كان هذا الاختصاص محصورا على المحكمة الابتدائية بالرباط.وحث الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، لحسن الداكي، قضاةَ النيابة العامة على مواصلة الحرص على تسريع وتيرة إنجاز الأبحاث القضائية المتعلقة بجرائم غسل الأموال، وتطبيق العقوبات المناسبة من أجل تطويق هذه الظاهرة.وأكد الداكي في كلمة ألقاها نيابة عنه هشام البلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، أن السياق الدولي الحالي المتميز بما خلفته جائحة فيروس كورونا، شهد مجموعة من التحويلات المالية التي استغلتها بعض المنظمات الإجرامية من أجل ضخ أموال مجهولة المصدر في الاقتصادات النظامية للدول.
وأمام تطوير المنظمات الإجرامية طرق غسل الأموال، شدد رئيس النيابة العامة على أن القضاء يظل من الجهات المعول عليها لمكافحة هذه الظاهرة التي تكبد الاقتصادات والأنظمة المالية خسائر فادحة، بالنظر إلى ما يضطلع به من مهام على مستوى القيام بالأبحاث، وكشف جرائم غسل الأموال، وجمع الأدلة بشأنها، وتحريك المتابعات وتقديم الجناة إلى العدالة وتوقيع الجزاء المناسب في حقهم.
وتعتبر جرائم غسل الأموال، يضيف الداكي، جرائم مركبة وصعبة الكشف، نظرا لكون طبيعتها تجمع بين ما هو مادي وما هو قانوني، فضلا عن ارتباطها بمجموعة من المصادر غير المشروعة للأموال، مشددا على أن تذليل العقبات التي تواجه مكافحة هذه الجريمة يتطلب تضافر مختلف جهود الإشراف والرقابة وأجهزة إنفاذ القانون والأشخاص الخاضعين، لمواجهة الجريمة في إطار من التكامل بين التدابير الوقائية والزجرية.
وتهدف رئاسة النيابة العامة من خلال تكوين قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم في مجال محاربة جرائم غسل الأموال، إلى تحسيسهم وتمكينهم من المهارات وتقوية معارفهم ومداركهم وقدراتهم الذاتية في مجال آليات البحث والتحقيق ليتمكنوا من البت في هذه القضايا في آجال معقولة.
في هذا الإطار، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن جريمة غسل الأموال تختلف عن باقي الجرائم وتكتسي وضعية خاصة تتميز بالتعقيد، وتحتاج مكافحتها إلى نهج خاص وآليات قانونية ومؤسساتية خاصة، وتضافر جهود كافة الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية والتشريعية والمالية اللازمة.
وأضاف أن المغرب سيكون مطالبا بتقديم تقارير إلى مجموعة العمل المالي تتضمن ملاءمة المنظومة الوطنية بشكل كامل مع المعايير الدولية المعتمدة لمكافحة جرائم غسل الأموال.
من جهتها، قالت مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات إن غسل الأموال يعد من التحديات المقترنة بالجريمة العابرة للحدود، ويلحق أضرارا فادحة بنمو واقتصادات الدول، مثل ارتفاع الأسعار، والتضخم، وإرباك سوق الصرف، وتوجيه الموارد نحو الاستثمارات غير المجدية، وتهديد الاستقرار المالي والمصرفي.
وأضافت المسؤولة الأممية أن المنظمات الإجرامية النشطة في عمليات غسل الأموال، تخفي العائدات المالية المحصل عليها بشكل غير قانوني لتبدو وكأنها مشروعة، علاوة على أن هذه الجريمة ترتبط بجرائم أخرى مثل الاتجار بالمخدرات، والاتجار بالبشر، والإرهاب، والفساد، وتهريب المهاجرين.
ونوهت مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات بالجهود التي يبذلها المغرب في سبيل مكافحة غسل الأموال، معتبرة أن المملكة “شهدت تطورات جد إيجابية” للتصدي لهذه الجريمة، تماشيا مع توصيات منظمة العمل المالي.
وقد حضر الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة التكوينية للقضاة في مجال مكافحة غسل الأموال، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووزير العدل، ووالي بنك المغرب، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، ووسيط المملكة، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر