يستغل النظام العسكري الجزائري مرتزقة البوليساريو للتغطية على موضوع الصحراء الشرقية المغربية التي سلمتها فرنسا للجزائر غصبا سنة 1962، وذلك بهدف محاولة التشويش على المملكة حتى لا تطالب باسترجاعها.
وأكد عدد من النشطاء والمهتمين، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجزائر لم تكن في الأصل موجودة إلا بعد سنة 1962، مشيرين إلى أن الإمبراطورية العثمانية كانت على الحدود الشرقية للمغرب.
وحسب هؤلاء المتحدثين لهسبريس، فإن خريطة المغرب لسنة 1880، في عهد الحسن الأول، تشمل أراضي شاسعة من الصحراء الكبرى، سواء الشرقية أو الغربية، وكانت الحدود بين المملكة والسنغال والسودان، وفي جهة الشرق ليبيا، وتونس والإمبراطورية العثمانية.
كريم اليحياوي، فاعل جمعوي من إقليم الرشيدية، قال إن “المغرب تساهل أكثر من اللازم مع النظام العسكري بالجزائر الذي يستغل حفنة من المرتزقة من عصابة البوليساريو لإثارة البلبلة في الصحراء الغربية المغربية”، مشيرا إلى أن “حرب الرمال كانت ستنهي هذا الصراع باسترجاع الصحراء الشرقية المغتصبة لولا إنسانية الملك الراحل الحسن الثاني الذي طلب من الجيش العودة”، وفق تعبيره.
وطالب اليحياوي، في تصريح لهسبريس، الحكومة المغربية بـ”التحرك من أجل المطالبة باسترجاع جميع الأراضي المغتصبة بالصحراء الشرقية والعودة إلى الحدود التاريخية لسنة 1880″، مشيرا إلى أن الحكومة “يجب أن تحمل فرنسا المسؤولية في ذلك لكونها السبب في اغتصاب أراض مغربية”، واصفا النظام الفرنسي بـ”الشيطان الذي يكمن في تفاصيل هذا الموضوع”.
الجزائر دولة التأسيس
في المقابل، قال حسن بوهوش، فاعل جمعوي: “لم تكن الصحراء الشرقية المغربية أبدا موضوع نزاع ولا خلاف مع أي طرف آخر طيلة قرون سابقة عدة، سواء في عهد المرابطين أو الموحدين وغيرهم، ولاحقا مع العلويين أيضا”، مضيفا أنه “لم يثبت في الروايات والكتب التاريخية أن هناك شكا أو تفاوضا بين الدولة العلوية المغربية مع الإمبراطورية العثمانية، ولا مع فرنسا إبان استعمارها لإقليم من أقاليم الامبراطورية العثمانية الذي سمي بالجزائر في سنة 1962″، مؤكدا أن 62 عاما فقط من الآن مرت على ظهور ما يسمى بالجزائر.
وأضاف الجمعوي ذاته أنه “تم ضم أقاليم ومناطق الصحراء الشرقية المغربية كرد فعل من السلطات الفرنسية على إيواء المغرب آنذاك للثوار الجزائريين ومدهم بالسلاح، وقد أرسل دوغول رسوله المدعو بارودي إلى الملك محمد الخامس يطلب منه الجلوس لترسيم الحدود آنذاك من فكيك الى حدود مالي، إلا أن الملك رفض الأمر، وقال لدوغول إن المفاوضات ستكون بيننا وبين إخواننا حينما تنال الجزائر استقلالها، فكان أن اقتطعت فرنسا الصحراء الشرقية من المغرب وضمتها إلى الجزائر قبيل إعلان استقلال المغرب”.
وشدد بوهوش، في تصريح لهسبريس، على أن “علاقة ورابطة البيعة التي تربط ساكنة هذه المناطق وملوك الدولة العلوية، والتي استمرت إلى بداية خمسينات القرن الماضي، هي التي أزعجت كثيرا النظام العسكري الجزائري”.
وأكد أنه “علينا كفاعلين أكاديميين وجمعويين أيضا الانكباب على هذا الملف، باعتباره ملفا يتعلق بتصفية الاستعمار والاحتلال الحقيقي لأرض مغربية، واسترجاعها”، موردا: “أعتقد من وجهة نظري الخاصة، أنه أولوية الأولويات لبلادنا”، مختتما تصريحه بالقول: “إذا كان أجدادنا قد هبوا في المسيرة الخضراء لتحرير الأقاليم الجنوبية من إسبانيا سنة 1975، فيجب أن نحمل المشعل خلفا لهم لاسترجاع الصحراء الشرقية المغربية، إذا ما فتح بلدنا هذا الملف”.
فرنسا منبع المشاكل
قال الطيب الجابري، باحث في تاريخ الجهة الشرقية عضو جمعية فجيج للتراث وثقافات الواحات، إن “المجال الجغرافي لإقليم فجيج كان حتى بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر يمتد إلى حدود إقليم توات جنوبا ووادي كير غربا والنجود العليا شمالا وإلى ما وراء البيض سيدي الشيخ في التخوم الجزائرية شرقا”.
وأضاف الجابري في تصريح لهسبريس: “بعد الاحتلال الفرنسي لأطراف إقليم فجيج الجنوبية والشرقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تقلص مجاله الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي، حيث فقد أكثر من أربعين قصرا وحوالي 300 ألف نخلة منتشرة في الوديان المحيطة، كما فقد الكثير من القبائل المنتمية إليه جزئيا أو كليا، جنوبا وشرقا”.
وشدد الباحث في التاريخ على أن “الجوار المغربي مع الجزائر الفرنسية في الجنوب الشرقي للمملكة، كان يؤدي باستمرار إلى نزاعات بين السكان المغاربة على الحدود الشرقية مع القوات الفرنسية التي كانت تقف حاجزا بين تنقلات السكان من الغرب إلى الشرق والعكس، وهذا لم يألفه المغاربة من قبل لأنهم كانوا ينتقلون بحرية فيما بين تافيلالت ومنطقة توات، باعتبارها أرضا مغربية، ويعلنون الولاء والبيعة والتبعية لسلطان المغرب، فجاء الاحتلال الفرنسي للجزائر ابتداء من سنة 1830 نقطة تحول كبرى في مسار هذه القبائل المغربية”.
وأضاف أن “الحصار اشتد على القبائل المغربية بعد إعلان فرنسا رسميا أن منطقة توات هي أرض فرنسية وأنها لن تسمح للمغاربة أو السلطة المغربية بالاستقرار بها أو السيادة عليها، وقد عارض السلطان مولاي الحسن هذا العمل الانفرادي في مناسبات ورسائل عدة، من أشهرها رسالته إلى نائبه في طنجة عام 1891 الموافق 23 محرم 1309 هجرية”.
ومما جاء في هذه “فإن جنس الفرنسيس ادعى أن الصفع التواتي من حيزه ومن عديد رعيته” و”إن كارطة العمران المجعولة بموافقة ساير الأجناس عام 1884 مذكور فيها أن بلاد توات من حساب رعية سيدنا، وهذه الكارطة سلمها الأجناس كلهم واعطو خطوط أيديهم على صحتها وتسليمها ومنع كل من يريد نقضها”.
ولترسيخ فرنسا سيادتها على إقليم توات، بدأت في احتلال المناطق الاستراتيجية بها، مثل عين صالح سنة 1899 ثم اكلي سنة 1900 ومناطق أخرى، يقول الطيب الجابري، مضيفا أن “معاهدة لالة مغنية لم تفلح في توقيف العداء بين الجيش الفرنسي وسكان المناطق الحدودية، بل ازداد أكثر؛ لأن تلك الاتفاقية لم تراع مصالح السكان بهذه المناطق، حيث انتزعت منهم أراضيهم وقسمت بعض القبائل إلى نصفين بين المغرب والجزائر”.
وتابع الباحث في التاريخ بأن هذه الحوادث ظهرت على طول الحدود مع الجزائر من الشمال إلى الجنوب، ومن بينها حوادث سنة 1856 مع بني يزناسن، وخصوصا في منطقة بني درار، وكذلك في منطقة تندرارة، ولكن “أخطرها تلك التي ظهرت في منطقة فكيك، وقد أدرك القادة الفرنسيون أهمية الموقع الاستراتيجي لمدينة فكيك، وأدركوا خطأهم عندما اعترفوا بمغربية منطقة فكيك في معاهدة مغنية، لذلك حاولوا مرات عدة اقتراح احتلالها لدى حكومتهم في باريس، وقد تأكدت هذه الاقتراحات لاحتلال هذه المناطق أعوام 1864-1868-1882. ولتضييق الخناق على فكيك، بدأت القوات الفرنسية في احتلال بعض المواقع الهامة القريبة من المدينة، واحتلت جنين بورزك سنة 1885 لضمان سلامة المرور ما بين فكيك وعين الصفراء”.
وأضاف الجابري أن “الجيش الفرنسي بمنطقة فكيك خلق مشاكل واستفز سكان إقليم فكيك، حيث دارت مناوشات عسكرية عدة بين قبائل المنطقة والجيش الفرنسي، من أهمها معركة المعدر جنوب بني ونيف سنة 1300 هجرية الموافقة لـ 1882 ميلادية مع سكان المدينة، بالإضافة إلى معركة إيمان في السنة نفسها، لكن ذلك لم يحل دون احتلال فرنسا لعدة مراكز مغربية قرب فكيك، من أهمها مدينة بشار والهواري وبن زيرك وخنق الزوبيا وواكدة، وغيرها من المراكز الممتدة على طول الخط الحديدي الذي يربط وهران ببشار”.
قد يهمك أيضاً :
إيداع 60 شخصاً الحبس بعد الاعتداء على مقر للأمن في الجزائر
المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر يُصرح حرق القرآن تم بطريقة وقحة وهذا دليل احتقار الغرب للآخر المختلف عنه
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر