اندلعت أزمة غير مسبوقة بين الرباط ومدريد على خلفية التطورات الأخيرة، التي همت بالأساس استقبال إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو بالتراب الاسباني إضافة إلى تدفق الآلاف من المهاجرين المغاربة والأفارقة نحو سبتة.
واستندت اسبانيا في مواجهتها الدبلوماسية مع المغرب بالاتحاد الأوروبي، حيث قال شينامارغاريتيسس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، في حديث لإذاعة إسبانيا الرسمية، إن “أوروبا لن تقع ضحية التكتيكات”، وذلك في إشارة إلى المغرب الذي دخل منه آلاف المهاجرين إلى ثغر سبتة المحتل.
وأورد المسؤول الأوروبي أن “سبتة هي أوروبا، وهذه الحدود هي حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد إنما مشكلة أوروبية”، مضيفا أنه “لا أحد يمكنه أن يرهب أو يبتز الاتحاد الأوروبي”، وذلك إبان دخول الآلاف من المهاجرين إلى سبتة.
في المقابل ردت كريمة بنيعيش بقوة على اسبانيا في آخر تصريح لها، وانتقدت الخارجية الاسبانية بسبب مواقفها المتشنجة مع المغرب.
فإلى أي مدى سيواجه المغرب اسبانيا ومعه الاتحاد الأوربي الذي سانده بقوة في الآونة الأخيرة وطيلة الأزمة بين الرباط ومدريد.
حسن بلوان المتخصص في العلاقات الدولية وقضية الصحراء المغربية، أورد في تصريح ل”الأيام24″، أنه منذ أن علق المغرب أشغال اللجنة العليا المشتركة المغربية الاسبانية أواخر العام الماضي، لم يتوقع أحد أن تصل الأزمة بين البلدين إلى هذا المستوى من الخلاف والتوتر والمطبوع بردود الفعل غير المسبوقة والتصريحات المتشنجة خاصة عند الجانب الاسباني.
وأوضح المحلل السياسي، أن “المغرب يسعى لمعالجة جذور الأزمة مع اسبانيا بتغليب لغة الحوار الدبلوماسي والتفاوض البناء وطرح جميع القضايا العالقة وعلى رأسها قضية الصحراء، لكن اسبانيا لا زالت تناور وتزيد تصريحات مسؤوليها من تسميم أجواء العلاقات مع المغرب، وهو ما تصدت له سفيرة المغرب أمس التي خرجت بخطاب قوي يدحض مزاعم وزيرة الخارجية الاسبانية”.
وأضاف بلوان، أن تصريحات السفيرة بنعيش وقفت إلى حد بعيد في كشف تناقض الموقف الاسباني البعيد عن المنطق، فاستقبال زعيم انفصالي وارهابي متابع في مجموعة من القضايا أمام القضاء الاسباني يضرب في الصميم الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، واعتداء صريح على مصالحه العليا التي يمثلها ملف الصحراء مهما كانت الدواعي والمبررات التي ساقتها اسبانيا في هذا الشأن، إذ أن خطاب الدواعي الانسانية لا يقنع المغرب وغير مقنع حتى في اسبانيا او الاتحاد الاوربي.
وعلى غير عادة التصريحات الرسمية للدبلوماسية المغربية، يبرز المتحدث، جاء تصريح السفيرة قويا ومباشرا يسمي الامور بمسمياتها، وذلك وفق ثلاث ملاحظات جوهرية، وهي أن المغرب يعتبر التصريحات المتشنجة للمسؤولين الاسبان توجه عام للدولة معادي للمغرب ولا يمكن اعتباره مواقف او اخطاء شخصية، وهنا مكمن الخطورة في العلاقات بين البلدين.
وأن المغرب، يؤكد بلوان، “بدأ يفقد الثقة في الجارة الاسبانية التي هي أساس كل تعاون مثمر وجوار بناء بين البلدين اللذين تربطهما ملفات عديدة وقضايا مصيرية، كما أن المغرب -حسب تصريح السفيرة- أحيط علما بالنوايا والخطوات الاسبانية وسيتصرف على ضوء ذلك، مما يعني أن فصول الازمة لا زالت مستمرة وتتحمل اسبانيا تبعاتها”.
وأكد المحلل السياسي في حديثه للموقع، إن “القوة والطريقة التي تدير بها الرباط هذه الأزمة يشير الى أن تحولات عميقة طرأت على الدبلوماسية المغربية خاصة عندما يتعلق الامر بالصحراء والسيادة المغربية، وهذا هو أصل النزاع على اعتبار أن الجهود التي قام بها المغرب من اجل تسوية الملف تصطدم بحاجز عدائي تشكله اسبانيا التي عارضت علانية القرار الامريكي في الصحراء المغربية، وهو نفس الموقف المتشنج الذي عبرت عنه اليوم نائبة رئيس الحكومة الاسباني كارمن كالفو التي أطلقت تصريحات تحن الى الماضي الاستعماري وتضرب في عقود من سياسة حسن الجوار التي تحمل المغرب لوحده تكاليفها الباهضة وتبعاتها المؤلمة داخليا وخارجيا”.
إذن، يؤكد بلوان، “اسبانيا تتحمل مسؤولية كبيرة في ما وصلت اليه العلاقات مع المغرب، وهذا الاخير جاد في تنفيذ كل ما يلزم من أجل حماية مصالحه العليا وسيادته في الصحراء المغربية، ويضغط في مجموعة من الاتجاهات حتى تتبنى اسبانيا مقاربة متوازنة في هذا الملف الحيوي بالنسبة للمغرب والمغاربة”.
وخلص المحلل السياسي بالقول ، إن “هناك اعتقاد جازم لدى الاسبان أنفسهم أنه لا يوجد مخرج من هذه الأزمة الا الاستجابة لبعض المطالب المغربية المنطقية، خاصة بعدما فشلت اسبانيا في راهنين: تأليب الاتحاد الاوربي على المغرب ونقل المعركة مع اوربا، وتشويه صورة المغرب اعلاميا باللعب على ورقة المهاجرين القاصرين”، في حين، يضيف بلوان، لدى المغرب مجموعة من الأوراق التي يمكن أن يلعبها في حالة عدم تراجع اسبانيا عن سياستها العدائية في ملف الصحراء، وهذا ما يستفاد من اخر الكلام الذي صرحت به سفيرة المغرب في مدريد.
قـــد يهمــــــــك ايضـــــــًا:
محاولات إسبانية لإخماد نار الأزمة بعد 20 سنة من المهادنة مع المغرب
سفيرة المغرب كريمة بنيعيش تهاجم وزيرة الخارجية الإسبانية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر