يستمر توالي الجفاف بالمغرب في إفراز تأثيرات غير خافية، ليس فقط على المحاصيل الفلاحية من الحبوب، بل أيضاً على عدد من زراعات الأشجار المثمرة؛ التي تعد زيت الزيتون من أبرز منتجات هذه السلسلة الإنتاجية الممتدة على عشرات الآلاف من الهكتارات في جهات مغربية عديدة.
هذا المعطى أكده مهنيون وفاعلون مغاربة في سلسلة صناعة وتسويق زيت الزيتون، حضروا للمشاركة في المعرض الدولي للفلاحة، الذي احتضنت فعاليات دورته الـ16 مدينة مكناس على مدار هذا الأسبوع، مؤكدين، في تصريحات متفرقة ، أن “منتوج زيت الزيتون المغربي يحظى بإقبال واهتمام وطني وعالمي نظراً لأصالته وعراقته التي تضمنها سُمعة جودته”، التي اشتهرت بها مناطق مغربية بعينها.
زارَتْ تعاونيات متخصصة في إنتاج وتسويق زيت الزيتون، وحضرت للمشاركة في معرض “سيام 2024″، الذي خصّصَ لمهنيي الزيتون وزيْته فضاءات بـ”قطب المنتجات المجالية” لعرض جديد منتجاتهم ومميزاتها، متيحاً لهم فرصة البيع المباشر أو التسويق أو الشرح لفائدة الزائرين المهتمين.
محمد المعطي، رئيس التعاونية الفلاحية “زيتون تِنزرت” (أولاد برحيل بإقليم تارودانت)، لم يُخف سعادته بـ”أول مشاركة لهم في أروقة المعرض الدولي للفلاحة بمكناس”، مشيدًا بـ”حسن الاستقبال والتنظيم وكرم الاهتمام المخصص لزيت الزيتون ذات المنشأ بجهة سوس ماسة”.
وأوضح المهني ذاته أن تعاونيته تستفيد من دعم ومواكبة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي سوس ماسة، وأنها تسعى إلى “تثمين أمثل لمنتوج زيت الزيتون رغم إكراهات الجفاف وتغيرات المناخ الراهنة”، إلا أنه لم يخف مخاوفه من “انقراض المنتوج المحلي من زيت الزيتون لأن غرس الأشجار المثمرة أمرٌ حديث نسبيا بالمنطقة من حيث الفترة الزمنية موازاة مع مواكبة من مهنيي السقي”.
وقال إن “جفاف العيون المائية بالمنطقة أثر بشكل كبير على محاصيلنا من الزيتون، وبالتالي تضررت إنتاجية زيت الزيتون المحلية”.
من جانبه، أكد عبد الكريم النازي، رئيس “التعاونية الفلاحية الكرامة” القادم من إقليم الفقيه بنصالح (جهة بني ملال-خنيفرة)، على “أهمية حضور معرض “سيام” (الدورة 16) عبر مشاركة وحضور وازنين”، مشيرا إلى أنه يشارك للمرة السادسة على التوالي. وقال: “نعمَل عموما على تثمين زيت الزيتون بمنتَجات تضم زيت الزيتون البكر الممتازة، وكذا “عجائن الزيتون” و”المُخَلَّلات” على اختلاف أنواعها”.
“نُشارك هذه السنة بتشكيلة منتوجات زيْتية تضم 35 منتوجاً، تعتمد كلها على ابتكارات أصيلة من حيث فئة الزيتون أو زيت الزيتون”، يتابع النازي في حديث لهسبريس، مؤكدا أن “المعرض الفلاحي الدولي فرصة وملتقى جد هام يضمَنُ تواصلاً مع المهنيين والبيع المباشر، مما يمنح إشعاعاً للتعاونيات داخل المعرض، مع إبراز الحصول على جوائز في إطار مسابقات التباري المنظمة من طرف وكالة التنمية الفلاحية في صنف المنتجات المجالية المتألقة”.
وأكد “تأثير الجفاف على المردودية” بشكل تسبّب في “ارتفاع أثمنة زيت الزيتون خلال السنتين الماضيتين”، لافتا إلى أن “الظروف المناخية التي تمر منها بلادنا في السنين الأخيرة كان لها تأثير فعلي لا يمكن إنكاره”.
وأثار المهني ذاته الانتباه في السياق نفسه إلى أن “نسبة كبيرة من الفلاحين الصغار لم تعد تتوفر على محصول كافٍ، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في السوق، كما لاحظنا نقصاً في مردودية الزيتون بالنسبة لكل لتر من الزيت المعصورة”.
عمر بوعديوي، فلاح ومزارع يمتهن صناعة زيت الزيتون بإقليم ورزازات عن “التعاونية الفلاحية المحمدية”، قال لجريدة هسبريس إن “هذه ثالث مشاركة” تحمِلُهم إلى رحاب المعرض الدولي الفلاحة بمكناس، “وهو ما أفادنا وساعدنا في ترويج وتسويق منتجاتنا من زيت الزيتون (الزيت البلدية)، وأوصلنا لتسويق منتجاتنا بفرنسا خلال دورة العام الماضي، وهو شرف كبير لتعاونيتنا وأعضائها البالغ عددهم 50 فلاحاً ومزارعاً”.
وتابع أن “الفضل في ذلك يرجع إلى مسؤولي وزارة الفلاحة، الذين وقفوا بجانبنا دعماً ومواكبة”، مشيرا إلى أن تعاونيتهم “قطعت أشواطا كبيرة منذ 2010 إلى 2024 عبر تصدير إجمالي يتراوح بين 8 و16 طنا من الزيوت إلى شركات كبرى بفرنسا، بعد أن حصلنا على ترخيص السلامة الصحية سنة 2015”.
وبسَط بوعديوي المزايا الخاصة لـ”زيت منطقته”، قائلا إن “المنطقة تتميّز بتنوع الأشجار، مما يمنح زيتها نكهة خاصة عن مناطق أخرى، خاصة من حيث طرق السقي الطبيعية. كما تتميز بانخفاض نسبة حموضتها المتراوحة بين 0,2 و0,7”.
كما نوه بـ”الجودة العالية لزيت الزيتون بحكم أصلها الطبيعي، والاستخدام الحصري لمواد المعالجة الطبيعية بعيدا عن الأسمدة والمبيدات الكيميائية، مع الحفاظ على جودتها وجِدَّتِها رغم مرور الزمن”، خاتما بالقول: “فعلاً ارتفع ثمن زيت الزيتون بشكل باهظ، ولم نكن نُراهن على وصولها إلى تلك المستويات في الواقع، والسبب في ذلك يرجع إلى موجات الجفاف التي عمّت كل أقاليم المغرب”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر