شهدت الهجرة غير الشرعية من شواطئ الجزائر الساحلية نحو أوروبا باستعمال قوارب " الموت " للوصول إلى الضفة الأخيرة، ارتفاعا ملحوظا حسب البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الجزائرية بشكل يومي على موقعها الرسمي. وخلال الفترة الممتدة بين 15 مايو/ آيار و30 يوليو/ تموز الجاري أحبطت وحدات حراس الحدود محاولة الهجرة بطريقة غير شرعية لقرابة ألف مهاجر في ظرف شهر ونصف فقط.
وحسب البيانات فإن كل محاولات الهجرة التي تم إحباطها استعمل فيها المهاجرين قوارب تقليدية الصنع وأخرى مطاطية, وشهدت نسبة الهجرة غير الشرعية بالسواحل الشرقية ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنظيرتها الغربية, واحتلت محافظة عنابة شرق البلاد المرتبة الأولى التي تم تسجيل أكبر نسبة من محاولات الهجرة تليها محافظة سكيكدة والطارف وعين تيموشنت.
وكانت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان قد كشفت إن حوالي ألف جزائري هاجروا بطريقة غير شرعية نحو أوربا خلال الأشهر الستة الماضية. وحذرت من تنامي تجارة البشر في البحر الأبيض المتوسط التي أصبحت امتدادها يشكل خطرا على الدول النامية والفقيرة وذلك بالانتقال إلى المهربين والذين يجدون من تهريب البشر والاتجار بهم مكسبا ماليا يضاهي التجارة بالمخدرات إذ يجني المهربون بحسب الرابطة نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنويا ونحو 60 ألف دولار أسبوعيا عبر البحر الأبيض المتوسط حيث يقدر سعر تذكرة الهجرة غير الشرعية ما بين ألف إلى 10 آلاف دولار أميركي أي من 18 مليون سنتيم إلى نحو 180 مليون سنتيم وتختلف الأرقام حسب الدولة المصدرة للمهاجرين حيث يدفع جزائريون وغيرهم ما يقارب المائتي مليون سنتيم لبلوغ الضفة الأخرى.
وترى الرابطة التي تعتبر أبرز تنظيم حقوقي في الجزائر, أن مكافحة تهريب البشر هي دائما تكون من دون جدوى إذا لم تفتح طرق قانونية وآمنة أمام اللاجئ ويجب أن يعي الجميع أنّ المهاجرين غير الشرعيين ليس بالضرورة أن يكونوا أشخاصاً خطرين كما يعتقد البعض فالأغلب هم الهاربون من الموت أو الباحثون عن ما يوفر لهم العيش الكريم لذا يجب دعمهم والتعامل معهم بشكل إنساني من خلال توفير الطرق القانونية والسليمة حتى لا يعرضوا حياتهم هم وأبناءهم للخطر الشديد. ".
ويواجه المهاجرون غير الشرعيين مصيرًا مجهولا, فمعظمهم يلقون حتفهم في عرض البحر, في وقت ينجو البعض الآخر من رحلة الموت ليجد نفسه في مواجهة المشاكل التي يعاني مها كل مهاجر سري في أوروبا, أما من تلقي البحرية الجزائرية القبض عليه فيجد نفسه في أروقة العدالة ويعاقب بدفع غرامة مالية بتهمة الهجرة غير الشرعية وفي بعض الأحيان يجد نفسه خلف القضبان. وقليلون جدا من ينجحون في الوصول إلى الضفة الأخرى دون أية مشاكل تذكر, تماما مثلما حدث مع " عصام قشاش " شاب جزائري " مقعد " من محافظة الطارف مدينة ساحلية تقع في الشرق الجزائري.
وفجر هذا الشاب مواقع التواصل الاجتماعي وتحول إلى حديث العام والخاص بعد أن كشفت وسائل إعلام إيطاليا تفاصيل وصوله إلى جزيرة " سردينيا " في إيطاليا, عبر قارب خشبي بتاريخ 11 يونيو / حزيران الماضي أي في شهر رمضان المبارك وهو التوقيت الذي يفضله المهاجرين غير الشرعيين أو ما يطلق عليهم بـ " الحراقة ". فالشيء المميز في حكاية عصام, التي صنعت الحدث في الجزائر وفي ايطاليا, هو أنه فضل المغامرة واستعمل أبشع وأخطر طرق التنقل في العالم, للبحث عن العلاج في أوروبا وليس من أجل الاستقرار هناك.
وقرر عصام قشاش الانتقال إلى أوروبا برفقة عشرات المهاجرين غير الشرعيين بعد أن أبلغه الأطباء الجزائريون أن حالته ميؤوس مها وأن سيبقى مشلولا مدى الحياة وغير قادر على العمل وكسب عيشه, واختار المجازفة على البقاء جالسا فوق كرسي متحرك طوال حياته, وبمجرد وصوله إلى مدينة سردينيا بايطاليا, وراجت قصته, قررت السلطات المحلية التكفل به ونقله إلى مستشفى المدينة, والشروع في التكفل به.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر