الرباط - كمال العلمي
لا تفصل اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلا بضعة أشهر على نهاية مدّة صلاحيتها في الـ17 من يوليو المقبل، وتبقى إمكانية تجديدها من عدمه محلّ شك بالنسبة للشركاء والدول المستفيدة منها، وبالنسبة أيضا إلى الدافعين نحو عدم تجديدها، في مقدّمتهم جبهة البوليساريو الانفصالية.هذا الشك مردّه بالأساس إلى قرار محكمة العدل الأوروبية في نهاية شتنبر 2021، القاضي بتجميد الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، التي تشمل منتجات زراعية وسمكية، بدعوى أنها تمت دون موافقة سكان “منطقة متنازع عليها” (الصحراء المغربية).
لكن قرار محكمة لوكسمبورغ يعدّ غير سارٍ في الوقت الحالي، وذلك بعد أن تم الطعن فيه من قبل الاتحاد الأوروبي في نونبر 2021، أي قبل انقضاء المهلة القانونية المحدّدة في شهرين بعد صدور القرار الأول، في وقت تحاول المفوضية الأوروبية إنقاذ البروتوكول الموقع مع المغرب وضمان استمرار حركية السفن الأوروبية.وتسمح اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي دخل بروتوكول تنفيذها حيّز التنفيذ في 18 يوليوز 2019، لـ128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي، 93 منها إسبانية، بينما تتوزّع البقية بين فرنسا والبرتغال وألمانيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا وهولندا أيرلندا وإيطاليا والمملكة المتحدة، بالصيد في المياه المغربية.
ولأن إسبانيا تستفيد من “حصّة الأسد” في هذه الاتفاقية فإن “قلقها” بشأن عدم تجديدها، وفق تقارير إعلامية أيبيرية، يعدّ الأكبر؛ ومما يُساهم في هذا “القلق” الضغوط التي تواجهها حكومة بيدرو سانشيز من الناخبين والشركات والمهنيين المعنيين بها، الذين يدعون قصر مونكلوا إلى استغلال ترؤسه مؤسسة الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يونيو المقبل، أي قبل انتهاء صلاحية اتفاقية الصيد البحري، للدفع نحو تجديدها، بينما يطرح آخرون سؤال إمكانية ذلك في حدود الصلاحيات من عدمها.
ويتوقّع الخبير في العلاقات الدولية محمد بودن، في هذا السياق، أن تتبنى الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي نهجا مرنا لضمان تأمين الإطار القانوني الذي يضمن تطور مسار العلاقات المغربية الأوروبية، وتنسيق الموقف الأوروبي بخصوص مستقبل اتفاقية الشراكة مع المغرب في مجال الصيد المستدام، التي تشمل الصحراء المغربية، دون الارتهان إلى صدور الحكم النهائي لمحكمة العدل الأوروبية، أو “ما تقوم به بعض الجهات المعادية ذات الأفق الضيق من استهداف للشراكة المغربية الأوروبية ومكانة المغرب المستحقة دوليا”، وفق تعبيره.
ويرى بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أنه “ثمة إدراك إسباني لأهمية الشراكة مع المغرب كشريك رئيسي للاتحاد الأوروبي”. كما أن إسبانيا، وفق الخبير ذاته، “لها مصلحة في إبراز أهمية شبه الجزيرة الأيبيرية كجسر طبيعي بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، مع ما يمثله المغرب في هذا الفضاء كلاعب جيو-إستراتيجي محوري”.
وأضاف المتحدث في تصريح أنه “من المؤكد أن أولويات الرئاسة الإسبانية للمجلس الأوروبي خلال النصف الثاني من سنة 2023 ستكون اقتصادية، كما أن أهم الملفات التي ستؤطر المستقبل المنظور في علاقات الاتحاد الأوروبي ستنضج في ظل الرئاسة الإسبانية”.
لذلك، يضيف بودن، “فالثقة التي تجمع المملكة المغربية بإسبانيا منذ دخول العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من الشراكة يمكنها أن تسهم في تقوية الإطار متعدد الأبعاد للشراكة المغربية-الأوروبية للازدهار المشترك التي تم إطلاقها سنة 2019، كما ستسهم في قيادة المفاوضات الأوروبية في عدة ملفات لها علاقة بالمغرب، على رأسها الاتفاقان الفلاحي والبحري والطاقة الخضراء وقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وتدبير ملف الهجرة غير النظامية”.وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس الأوروبي “يمكنها أن تؤثر بشكل بناء في مجريات الأمور في مجالات سياسية معينة، مثل التجارة والهجرة والسياسة الخارجية، بما يتوافق مع مصالحها الوطنية ويضمن تماسك واستمرارية عملية اتخاذ القرار في المؤسسات الأوروبية”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الاتحاد الأوروبي يُجدّد استعداده لدعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد
فوتشيتش يُعلن أن المفاوضات حول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قد تبدأ في يونيو
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر