ألقى مطلب تدخل الجيش الجزائري في الحياة السياسية والدور البارز الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في اختيار الرئيس في الجزائر, بظلاله على حملة الانتخابات البلدية المقررة يوم 23 نوفمبر / تشرين الثاني المقبل. وأعاد قادة الأحزاب في خطاباتهم هذا الموضوع الى دائرة النقاش, وأجمعوا على أن المؤسسة العسكرية مازالت تلعب دورا كبيرا في اختيار رئيس البلاد وهو الأمر الذي لطالما نفته قيادة الجيش الجزائري, مؤكدة على انتهاء مرحلة الدور السياسي للجيش.
ويرى رئيس حركة "مجتمع السلم" أكبر تنظيم لـ"إخوان الجزائر", عبد المجيد مناصرة, أن الجيش الجزائري ما زال هو اللاعب الأبرز في اختيار الرؤساء، مشيراً إلى أن هذا الأمر يمثل حقيقة النظام الجزائري, وقال في تصريحات صحافية على هامش أول تجمع شعبي نظمه في إطار الحملة الدعائية, " إذا ترشح الرئيس لولاية خامسة، فلن يكون للجيش قرار مخالف، أما إذا عزف الرئيس عن الترشح فسينتقل مركز القرار إلى الجيش بدل الرئاسة ". التصريحات ذاتها أدلى بها رئيس حزب "طلائع الحريات" ومنافس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رئاسيات 2014, علي بن فليس, وجعل المؤسسة العسكرية إلى الانحياز وتفادي الوقوع ضحية أي استغلال سياسي من طرف أي كان, قائلا إن "الجبهة الداخلية للوطن تتقوى بالجيش والمصالح الأمنية وبشعب ملتف حول قواته المسلحة، والتجند برفقة الأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب والتطرف وحماية الحدود". وأشار إلى أنه يتوجب ترك الجيش يقوم بمهامه الدستورية في حماية البلاد.
وأثارت هذه التصريحات غضب الأحزاب الموالية للسلطة التي ترفض الزج بالمؤسسة العسكرية في الحملة الانتخابية, وقال الأمين العام لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, جمال ولد عباس, في تصريحات صحافية قبيل بدء الحملة إن زعيم حزب السلطة في البلاد, لن يقبل بتدخل الجيش في السياسية ولم يسمح أن يرشحه لولاية جديدة. ومن المرتقب أن يفتح هذا الملف قريبا بمناسبة الاستحقاقات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2019, ومن جانبه انتقد رئيس الوزراء في البلاد والأمين العام لثاني قوة سياسية, أحمد أويحي, بشدة محاولات إقحام المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية, وقال إن الأحزاب التي تطالب هذا الأمر تمارس " الهذيان " واتهم المطالبون بعودة الجيش إلى السياسية بالسعي وراء " التموقع ", وينتظرون العودة إلى الحكم على ظهر الدبابات.
وأخرج الجدل القائم في الساحة حول دور الجيش في رسم مستقبل الجزائر, رئيس البلاد عن صمته, وقال في رسالة عشية الإحتفال بالذكرى63 لاندلاع ثورة التحرير, إن "عهد المراحل الانتقالية في البلاد قد انتهى"، وأن "الوضع السياسي في الجزائر لن يتيح العبور إلى مراحل انتقالية في المستقبل", وجاء في الرسالة " لقد ولى عهد المراحل الانتقالية في الجزائر، التي ضحى عشرات الآلاف من شهداء الواجب الوطني من أجل إنقاذ مؤسساتها السياسية، وبات الوصول إلى السلطة من الآن فصاعداً، يتم عبر المواعيد المنصوص عليها في الدستور، ومن خلال سيادة الشعب الذي يفوضها عن طريق الانتخاب على أساس البرامج الملموسة التي تعرض عليه". وخاطب دعاة تدخل الجيش في الحياة السياسية قائلا: إن الجزائر دولة جمهورية تتوفر على المؤسسات التي تخول لها إنجاز ذلك"، لافتاً إلى أن "عود الجمهورية اشتد بفضل مؤسساتها الدستورية المنتخبة التي تتجدد استحقاقاتها كل خمس سنوات".
وجاءت رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ردا على دعوات ومطالبات لأحزاب وشخصيات بإنجاز مرحلة انتقالية في البلاد، بسبب مرضه منذ إبريل/نيسان 2013، وكان آخرها نداء وجهته ثلاث شخصيات سياسية، هم وزير الخارجية الأسبق، طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد، رشيد بن يلس، والناشط الحقوقي، علي يحيى عبد النور, وطالبت هذه الشخصيات بإنهاء فترة حكم الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، وتوحيد قوى المعارضة بشأن برنامج تغيير سياسي في البلاد.
وفي سياق آخر طالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة القوى السياسية بإبعاد الجيش عن أي جدال أو مناوشات سياسية، وقال "الجيش الوطني يتولى بكل حزم مهمته الدستورية في حماية حدودنا من خطر الإرهاب الدولي، والجريمة العابرة للأوطان، ومن المهم الإبقاء على هذه المؤسسة الجمهورية في منأى عن المزايدات والطموحات السياسوية ". ودعا رجاله في السلطة إلى تشكيل تكتل وطني لمواجهة التهديدات الخارجية، وقال "الحفاظ على المكاسب الوطنية، في كنف التعددية السياسية، يقتضي منا أن نكون قادرين على التكتل في جبهة وطنية جامعة كلما تعلق الأمر بالجزائر، وعلى الخصوص عند مواجهة التهديدات الخارجية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر