قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إنه “في انتظار إطلاق العملية السياسية، وبناء على كل تلك المكاسب السياسية والدبلوماسية، فإن شركاء المغرب مدعوون إلى الخروج من دائرة الظل باتخاذهم لمواقف أكثر جرأة ووضوحا بخصوص قضية الوحدة الترابية المغربية من شأنها المساهمة في دعم المسار السياسي والوصول لحل نهائي”.
وأضاف بوصوف، في مقالة بعثها إلى هسبريس، أن “خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2021 أكد أن الصحراء المغربية كفضاء مفتوح للتنمية والاستثمار لن تكون كذلك لأصحاب المواقف المزدوجة أو الغامضة، إذ لن يسمح المغرب بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية”.
وإليكم نص المقالة:
يمكننا اعتبار الأشهر الأخيرة من بين الأشهر الأكثر إثارة وتشويقا في ملف وحدتنا الترابية والوطنية، خاصة بعد انتشار “غالي غيت ” كالنار في الهشيم وما رافق ذلك من فضائح سياسية وأخلاقية وقضائية من جهة أولى، وإقالة مسؤولين كبار وتعديلات وزارية من جهة ثانية، كما عايشنا مسلسل تزييف حقائق وبروباغاندا بإخراج مفضوح ينتمي إلى إيديولوجيات بائدة تجاوزها التاريخ المعاصر… وهي الفترة نفسها التي تميزت بتجييش غير مسبوق في صفوف الذباب الإلكتروني أو خدمات أقلام تحت الطلب لتسويق أسطوانة مشروخة…
بالمقابل، تميزت الآلة الدبلوماسية المغربية في الأشهر نفسها بتحقيق مكاسب سياسية كبيرة في ملف الصحراء المغربية، بعيدا عن كل بهرجة أو فبركة إعلامية… أولا، بدليل افتتاح 24 دولة لقنصليات جديدة بكل من مدينتي العيون والداخلة مما يعزز الاعتراف القانوني والدبلوماسي للدول العربية والإفريقية بمغربية الصحراء.. وثانيا، من خلال القرار السيادي الأمريكي بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه؛ وهو القرار الذي توج مجهودات الدعم المتواصل للإدارات الأمريكية السابقة من أجل تسوية ملف الصحراء المغربية..
فالدينامية الإيجابية القائمة على حقائق التاريخ واحترام الشرعية الدولية لا يمكن توقيفها، رغم الإغراءات المالية وتقديم الرشاوي ورغم تحويل مصادر الطاقة إلى سلاح للضغط والسطو على حقوق الغير السيادية… لقد دافع المغرب بشراسة عن ملف وحدته الترابية والوطنية، وموازاة مع ذلك كان يحترم قرارات مجلس الأمن الدولي المكلف حصريا دون غيره بالنظر في هذا النزاع الإقليمي المفتعل.. ولأن المغرب يؤمن بنجاعة المؤسسات الأممية في حفظ الأمن والسلم الدوليين فإنه كان دائم الانضباط لقرارات الشرعية الدولية..
إذ لم تخرج عن قاعدة احترام الشرعية الدولية حتى العملية السلمية بمعبر الكركرات ليوم 13 نونبر 2020.. لتأمين حرية نقل البضائع والأشخاص بين المغرب وموريتانيا .. والتي قامت بها القوات الملكية بعد إثارة انتباه المنتظم الدولي بخطورة الاعتداءات والاستفزازات على أمن واستقرار المنطقة… وستُـتَوج الأشهر الأخيرة بقرار مجلس الأمن الدولي 2602…والذي تضمن مكاسب قوية للقضية الوطنية كالعودة إلى الموائد المستديرة وانخراط كل الأطراف وليس طرفيْن وغير ذلك… وهنا ستخرج الجزائر ببيانات نارية تعبر عن عميق أسفها وعدم دعمها لقرار مجلس الأمن 2602، وقد فـسر أغلب المراقبين رفضها لهذا القرار بأنه بمثابة طعن وتحقير لقرارات المنتظم الدولي… كما اعتبرت عصابة “البوليساريو” أن قرار مجلس الأمن رقم 2602 مخيب للآمال وأنه مسمار في نعش مهمة دي ميستورا… هذا رغم أن القرار ذاته ثمن تعيين المبعوث الشخصي دي ميستورا..
في المقابل، جاءت البلاغات المغربية مرحبة بقرار الشرعية الدولية رقم 2602.. كما جدد خطاب المسيرة ليوم 6 نونبر 2021 الدعم الكامل للأمين العام السيد أنطونيو غوتيريس ولمبعوثه الشخصي… من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية في أسرع وقت ممكن، مع الإلحاح على ضرورة الالتزام بالمرجعيات التي أكدتها قرارات مجلس الأمن منذ 2007.. والتي تم تجسيدها في لقاءات جنيف برعاية الأمم المتحدة. كما جدد الخطاب نفسه التزام المغرب بالخيار السلمي وبوقف إطلاق النار ومواصلة التنسيق والتعاون مع بعثة المينورسو في نطاق اختصاصاتها المحددة (الشرعية الدولية).
وفي انتظار إطلاق العملية السياسية وبناء على كل تلك المكاسب السياسية والديبلوماسية، فإن شركاء المغرب مدعوون إلى الخروج من دائرة الظل باتخاذهم لمواقف أكثر جرأة ووضوحا بخصوص قضية الوحدة الترابية المغربية.. من شأنها المساهمة في دعم المسار السياسي والوصول لحل نهائي…وبالموازاة مع الدينامية السياسية والدبلوماسية الإيجابية، فإن ملف الصحراء المغربية يعرف تحولا عميقا على الأرض؛ من خلال نهضة تنموية شاملة وبنيات تحتية ومشاريع اقتصادية واجتماعية… جعلت من الصحراء منطقة جذب للاستثمارات الأجنبية وللقطاع الخاص الوطني.
لكن خطاب المسيرة لسنة 2021 أكد أن الصحراء المغربية كفضاء مفتوح للتنمية والاستثمار لن تكون كذلك لأصحاب المواقف المزدوجة أو الغامضة، إذ لن يسمح المغرب بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية.. فثنائية التاريخ والشرعية تعني روابط البيعة والامتداد التاريخي لقرون عديدة، وتعني احترام قرارات الشرعية الدولية من خلال قرارات مجلس الأمن الدولي، كما تعني أيضا شرعية تمثيل سكان المنطقة من خلال المشاركة والانخراط في العمل السياسي والعمليات الانتخابية التي أنتجت مجالس منتخبة بطريقة شرعية وبكل حرية ومسؤولية؛ وهو ما يجعل منها الممثل الشرعي الحقيقي لسكان الصحراء المغربية…
لكل هذا، فالمغرب لا يفاوض على صحرائه، لأن مغربيتها حقيقة ثابتة باسم التاريخ والشرعية والاعتراف الدولي القانوني والدبلوماسي الصريح.. لكن المغرب يفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لنزاع إقليمي مفتعل… لأن مغربية الصحراء لن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات، فهي حقيقة لا نقاش فيه
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر