تعيش الطبقة السياسية والسلطة معًا في الجزائر, حالة من التوجس خوفًا من تأثير هاجس العزوف الانتخابي على الانتخابات البلدية المرتقب تنظيمها الشهر الجاري, وتكرار سيناريو الانتخابات البلدية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي.
وتحولت ظاهرة العزف الانتخابي إلى كرة تتقاذف مسؤوليتها كل من الأحزاب السياسية والسلطة فكل طرف يحمل المسؤولية إلى الطرف الآخر, في وقت يسيطر البرود على الشارع الجزائري, أيام قبيل انطلاق الحملة الدعائية وهو ما يطرح مخاوف واسعة من حالة عزوف ومقاطعة شعبية مؤثرة قد تهدد مسار الانتخابات المقبلة الذي يمثل أهمية بالغة للتشكيلات السياسية وصناع القرار في البلاد كونها تسبق الاستحقاقات الرئاسية المزمع تنظميها في ربيع 2019.
وساعات قليلة قبيل انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البلدية المقررة في 23 نوفمبر / تشرين الثاني المقبل, توالت تصريحات عدد من أبرز المسؤولين الحكوميين مثل رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي ورئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات في البلاد عبد الوهاب دربال وقادة الأحزاب السياسية يتبادلون فيها مسؤولية العزوف الانتخابي.
وحمل رئيس الوزراء الجزائري, أحمد أويحي, الطبقة السياسية والأحزاب المشاركة وكذا القوائم الحرة المشاركة في الإنتخابات، وحدها مسؤولية العزوف الانتخابي الذي شهدته الانتخابات البرلمانية, مشيرًا إلى أن العزوف الانتخابي راجع لضعف عملية الترويج للمنتوج من طرف المتنافسين.
وتوقع أويحي, أن تفوق نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة تلك التي تم تسجيلها في الاستحقاقات النيابية وفق التحليل السوسيولوجي، وقال إن الحكومة تسهر على توفير جميع الوسائل للهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات من أجل حسن سير مهمتها.
ومن جانبه حمل رئيس حركة مجتمع السلم, أكبر الأحزاب الإخوانية في البلاد, عبد المجيد مناصرة, السلطة في البلاد مسؤولية العزوف الانتخابي بسبب خطاب " التهويل " و " التيئيس " الذي انتهجه رئيس الوزراء أحمد أويحي, قائلًا إن هذا الخطاب يؤدي إلى عزوف الكتلة الناخبة عن الانتخابات.
وأوضح مناصرة في مؤتمر صحافي, عقده أخيرًا, قائلًا "إنه ينتهج خطاب التخويف والتيئيس بعيدًا عن الحقيقة، فالتهويل ما هو الا خطاب مفلس لا يقدم أي شيء للجزائريين" موضحًا أن " من واجب السلطة تأمين الشعب لا تخويفه من عدم دفع الأجور".
واستبقت الحكومة الجزائرية الانطلاق الرسمي للسباق الانتخابي المقبل عبر حملة إعلامية ودعائية تحت شعار " لنبني بلادنا معًا " شملت القنوات التلفزيونية والإذاعات الحكومية وكذلك عبر الملصقات في الساحات والشوارع التي تحث المواطنين على المشاركة بكثافة.
ويرجح المتابعون للشأن الجزائري أن العزوف الشعبي عن الانتخابات يأتي نتيجة حالة من اليأس مترسخة لدى أوساط النخب والشباب من شفافية ونزاهة المسار الانتخابي، بخاصة بعد الجدل الحاد الذي أثارته الانتخابات الماضية، والتي أفرزت نتائجها المعلنة فوزًا كاسحًا لجبهة التحرير الوطني وسط بروز اتهامات واسعة بالتزوير.
ويرى الناشط السياسي, سمير بلعربي, أن أكبر هاجس أصبح يواجه السلطة منذ سنوات العزوف عن المشاركة في المواعيد الانتخابية, حيث شهدت النسب تناقصًا رهيبًا في العشرية الأخيرة، وقال المتحدث, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إنه وبالرغم من الحملات الدعائية و الاشهارية التي تخصصها وزارة الداخلية لإنجاح الموعد الاستحقاقي إلا أن نسبة العزوف الانتخابي في ارتفاع رهيب, مشيرًا إلى وجود عدة أسباب جعلت الجزائري يقاطع المواعيد الانتخابية أهمها فقدان الثقة في مصداقية الانتخابات، بخاصة بعد التزوير الذي شهدته الانتخابات الماضية, جعل الناخب مقتنعًا أن صوته لن يصل لمن صوت عليه, ومن بين الأسباب الأخرى يقول سمير بلعربي, إن فقدان الثقة في المترشحين وأحزابهم الذين تخلوا عن وعودهم بمجرد الوصول لقبة البرلمان أو المجالس المحلية كما أن الانتخابات لم تعد في نظرهم وسيلة للتغيير.
وتوقع سمير بلعربي, انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية مقارنة بتلك التي تم تسجيلها في الانتخابات النيابية لعدة أسباب أبرزها التغييرات التي شهدتها الحكومة خلال الصيف الماضي, وخطاب رئيس الوزراء الجزائري حول مستقبل البلاد في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تشهدها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر