الرباط - المغرب اليوم
خطوات عملاقة قطعها المغرب في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، خصوصا خلال السنوات الثلاث الفارطة، يؤكدها ارتفاع عدد التحقيقات التي أجرتها سلطات إنفاذ القانون بنسبة 300 في المائة.
هذا المعطى كشف عنه جوهر النفيسي، رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، مؤكدا الأهمية التي أصبح يكتسيها إجراء التحقيقات المالية الموازية في المعالجة القضائية للملفات المعروضة، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، للحصول على المعلومات المالية من الجهات الوطنية المعنية ومن الوحدات النظيرة بطريقة آمنة وسريعة.
وأوضح النفيسي في ورشة العمل الإقليمية لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظمت مؤخرا، حول «التحقيقات المالية الموازية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» أن التحليل المالي للمعلومات الذي تم إجراؤه من طرف الهيئة الوطنية للمعلومات المالية خلال السنوات الأخيرة، موازاة مع التحقيقات الأخرى التي تقوم بها السلطات المختصة، ساهم في الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالعديد من الجرائم الأصلية وقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب موضوع البحث وتحديد حجمها وارتباطها بأعمال أخرى غير مشروعة أو بأشخاص وكيانات مشبوهة.
وفي تعليق له، اعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية، د. نوفل الناصري، أن ارتفاع نسبة التحقيقات التي أجرتها سلطات إنفاذ القانون فيما يخص مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب تبرز الجهود المبذولة في هذا الإطار، موضحا أن النجاح في ذلك بصورة دائمة وسريعة وممنهجة، هو ما يمكن أي دولة أو أي مؤسسة من الكشف عن المصادر غير المشروعة للأموال، وبالتالي يخول لها تتبع عوائد هذه المصادر المالية، وقبل ذلك منابعها.
وعزا الخبير الاقتصادي في تصريح ل«العلم» هذا التطور إلى الإصلاحات التي باشرتها المملكة، سواء السلطة الحكومية أو السلطة القضائية أو سلطات إنفاذ القانون، وأيضا سلطات الإشراف والمراقبة على القطاع المالي وغير المالي، إضافة للجمعيات المهنية في ما يخص حماية النظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية.
وأردف أن الجهود المبذولة من أجل ملاءمة المعايير الوطنية مع شروط الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية، هو ما ترتب عنه سحب المغرب من لائحة المراقبة الرمادية، والذي اعتبر اعترافا دوليا كبيرا بمجهود مؤسسات المغرب في هذا الإصلاح المالي الكبير، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن أهمية هذا الأمر تكمن في مساعدة الدولة المغربية على تدقيق وضبط الهيكل المالي والاقتصادي لغالبية الأنشطة الإجرامية، ناهيك أنه سيمكن بلادنا من تجميع هذه المعلومات وإحداث بنك للمعطيات خاص بأنماط الجرائم المرتكبة، ويخول لها محاسبة ومعاقبة المتورطين.
وخلال اللقاء المذكور، شدد الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، أن الجمع بين وسائل البحث الكلاسيكية والتحقيق المالي الموازي يعد مدخلا أساسيا لتطويق جريمة غسل الأموال وكشفها وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، معتبرا أن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليست عملية ظرفية مرتبطة بتنزيل خطة عمل أو الخروج من لائحة معينة.
وقال الداكي إن نجاح البحث المالي الموازي في دعم البحث الجنائي يتوقف بشكل كبير على تضافر الجهود والتنسيق، في إطار تكامل الأدوار وتبادل المعلومات، بين النيابة العامة من جهة، وبين أجهزة الإشراف وأجهزة المراقبة والأشخاص الخاضعين والهيأة الوطنية للمعلومات المالية والشرطة القضائية من جهة أخرى.
وفي هذا الصدد، كشف رئيس النيابة العامة، أن التعاون مع بنك المغرب مكن من إحداث آلية لدعم الأبحاث المالية الموازية والحصول على المعلومات المالية حول الحسابات البنكية في وقت وجيز لا يتجاوز ساعة واحدة، مزيحا اللثام عن إبرام رئاسة النيابة العامة العديد من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع مؤسسات وهيئات وطنية، منها الاتفاقيات الموقعة مع الهيئة المغربية لسوق الرساميل والمجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر