الجزائر – ربيعة خريس
أثارت المواجهات المسلحة الأخيرة التي خلفت عددًا من القتلى، الخميس في مدينة أغلهوك في منطقة كيدال شمال مالي, مخاوف الجزائر التي أبدت قلقها من انعكاس أي تدهور أمني في شمال مالي على الوضع في البلاد التي ترتبط بحدود برية معها بطول 1370 كلم, ودعت على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية مسؤولي الحركات الموقعة على اتفاق السلم في مالي إلى تغليب الحوار والتشاور وإلى تكثيف الجهود بغية تجاوز الصعوبات على أرض الواقع.
وأخلطت الهجومات التي شهدتها منطقة كيدال شمال مالي أوراق الوساطة الدولية التي قادتها الجزائر سابقًا بين حكومة باماكو والحركات المسلحة في شمال مالي وأفضت إلى توقيع اتفاق سلام لإنهاء التمرد في إقليم أزواد في يونيو / حزيران 2015, إلا أنه لم يشرع في تطبيقه إلى غاية اليوم, وما زادا الأمور تعقيدًا في المنطقة النشاط المكثف الذي تقوده القاعدة في بلاد المغرب العربي الإسلامي بالتنسيق مع العدو رقم 1 لفرنسا والجزائر وعدد من دول الجوار أمير جماعة " المرابطين " مختار بلمختار, وأبرزت القاعدة تحديها لقيمة حكومات منطقة الساحل وفرنسا المنعقدة في باماكو, ساعات قليلة بعد اختتام أشغال هذه القمة, بعدما كشف في تسجيل جديد, عن ست رهائن محتجزين لديه من جنسيات مختلفة, مما يؤشر على أن وقوف جماعة " نصرة الإسلام والمسلمين " التي أعلن عن ميلادها حديث تضم بعض الفصائل المستقلة الناشطة في الساحل الصحراوي يحمل العديد من الدلالات الأمنية والتحولات في مسار التنظيم.
ويرى المحلل السياسي الجزائري عبد العالي رزاقي, أن اتفاق السلام الذي تمخض عن الوساطة الدولية التي قادتها الجزائر سابقًا بين حكومة باماكو والحركات المسلحة في شمال مالي ينفذ يبطئ شديد, فنجاحه يتوقف على مدى التزام المجموعات المسلحة في مالي بوضع السلاح ومدى التزام " الفرقاء الماليين " بتنفيذ بنود الاتفاق أبرزها الاتفاق على إنشاء مجالس محلية ذات صلاحيات واسعة ومنتخبة بالاقتراع العام والمباشر، ولكن من دون استقلال ذاتي في شمال البلاد أو نظام اتحادي, كما أن الاتفاق لا يتضمن اعترافًا بتسمية "أزواد" التي يطلقها المتمردون على شمال مالي، ما يلبي مطالب حكومة باماكو, ووافقت تنسيقية حركات أزواد في الخامس من حزيران/يونيو على توقيع اتفاق السلام بعد انتزاع تسويات مهمة أبرزها دمج المقاتلين الطوارق ضمن قوة أمنية خاصة بالشمال وتمثيل أفضل لسكان الشمال في مؤسسات الدولة، فضلًا عن قضايا أخرى.
وقال المتحدث في تصريحات لـ " المغرب اليوم " إنه ومن بين أوجه التعقيد في مالي والعوائق التي تواجه اتفاق الجزائر انقسام قبائل المنطقة فهم معروفون بتنقلهم الدائم بين دول الجوار, مشيرًا إلى أن الوضع في منطقة الساحل متوقف على الدور الذي ستلعبه القوة العسكرية المشتركة التي تم تشكيلها تضم قوات من دول الساحل الخمس وهي مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا وتضم 5000 رجل، ستكون جاهزة خلال شهرين على أقصى تقدير، لمواجهة التدهور الأمني في منطقة الساحـل، ومحاربة الجماعات المتطرفة الناشطة هناك، وذلك دون أن تتوقـف هـذه القـوة عنـد حـدود أية دولـة مـن الدول الخمس المعنية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر