في سياق موسوم بتزايد المخاطر الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، حلّ الجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، بواشنطن، بحر هذا الأسبوع، للمشاركة في الدورة الثانية عشرة للجنة الاستشارية الدفاعية الأمريكية المغربية.
وبحسب البيانات الصحافية الصادرة عن البنتاغون ووسائل الإعلام الأمريكية، كان الاجتماع فرصة جديدة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، اللذين وصلت العلاقات العسكرية بينهما إلى علامة فارقة منذ توقيع الخطة 2020-2030 للتعاون الدفاعي.
ومعروف أن التعاون بين البلدين في القطاع العسكري تاريخي، حيث يسعى المغرب جاهدًا للحفاظ على مكانته كأفضل حليف لأمريكا في المنطقة.تاريخيا، استضاف المغرب التدريب العسكري الأمريكي الأكبر في إفريقيا “الأسد الأفريقي”.
وبحسب مصادر إعلامية دولية، فإن شؤون الدفاع المغربية الحالية قد نوقشت في الاجتماع.ونقلت صحيفة “ألتيار” عن مصادر قريبة من الاجتماع أن الوفد المغربي ناقش مع نظيره الأمريكي التهديد الإيراني المحتمل في شمال إفريقيا.وتؤكد المملكة تورط إيران في نزاع الصحراء والساحل عبر جماعة حزب الله المسلحة وعلاقاتها مع جبهة البوليساريو، تحت حماية الجزائر.
وقد أكد ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في نيويورك، أن إيران تزود جبهة البوليساريو بطائرات مسيرة.وتدرك واشنطن حجم التواجد الإيراني في المنطقة، بما في ذلك تهديد المحور الروسي-الجزائري-الإيراني الواضح والمتزايد في شمال إفريقيا، بينما لا يعرف إلى حدود اللحظة كيف ستواجه أمريكا مع حلفائها هذا الخطر لإبطاء تقدم المحور المقابل.
وفي سياسة دفاعية جديدة محتملة في المنطقة، فإن دور المغرب ودول جنوب أوروبا ضروري لهذه الخطط.وقررت الجزائر مضاعفة إنفاقها الدفاعي، وهو ما اعتبره المحللون خطة تهدف إلى “تصدير قواتها المسلحة إلى الخارج في المستقبل”، وهي إحدى الأولويات لدى النظام العسكري الجزائري.
وتشير التقديرات الدولية إلى أنه “يمكن أن تكون مالي تحت رحمة نفوذ المحور الجزائري الروسي، ثم تحت رحمة العديد من الدول الإفريقية الأخرى التي تحول علاقاتها عن الكتلة الأوروبية والغربية”.ووافق الكونغرس الأمريكي على زيادة ميزانية المساعدات العسكرية الخارجية، التي تتضمن بندًا مخصصًا للدول التي وقعت على اتفاقيات أبراهام، بما فيها المغرب، لمواجهة التهديدات الدفاعية المشتركة.
وبالإضافة إلى موضوع إيران، فمن المحتمل أن تكون الصفقات العسكرية المبرمجة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ضمن أولويات هذا الاجتماع، خاصة صفقة “”الأباتشي الحربية وصواريخ “هامراس” وتطوير طائرات “إف 16” المقاتلة.وأكد الباحث في العلاقات الدولية إلياس المساوي أن هذه الزيارة تأتي في سياق مليء بالتجاذبات والاستقطابات بين العديد من القوى التي تحاول توطيد أقدامها على مستويات عدة.
وبالنسبة للمغرب، يوضح المحلل ذاته، فهو “يحاول أن يخرج بالعديد من المكاسب جراء هذا الاستقطاب الحاد؛ فبعد الجنوح الجزائري نحو المعسكر الصيني الروسي، نتيجة عدة اتفاقيات اقتصادية وعسكرية، وأخرى تتضمن إجراء مناورات عسكرية، يحاول المغرب استغلال هذا الوضع للحصول على المزيد من الدعم الأمريكي”.
بالإضافة إلى ذلك، يتابع المساوي، هناك الدعم السياسي في المحافل الدولية، حيث تسعى الرباط لامتلاك المزيد من التكنولوجيا العسكرية التي لا تمنح من طرف الإدارة الأمريكية إلا للحلفاء الاستراتيجيين.وأشار إلى أن المغرب بات ينقل إلى الجانب الأمريكي التهديد المتواصل والمتنامي لطهران، بعد معلومات عن تزويدها ميليشيا البوليساريو ببعض القطع العسكرية.
ولفت المحلل ذاته إلى أن “هذا القلق المغربي بات يناقش مع الجانب الأمريكي على مستويات عدة، وخرج من الجانب الدبلوماسي السياسي ليخترف الغرف العسكرية بغية إعداد الخطط المناسبة لمجابهة هذا التحدي المشترك”.وأبرز المساوي أن الجانب الأمريكي أضحى مؤخرا يتشارك مع نظيره المغربي التخوفات نفسها، موردا أن “المناسبات المقبلة ستحمل الكثير من اللقاءات والصفقات العسكرية وتبادل الدعم الاستخباراتي”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر